منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 10 - 04 - 2025, 11:52 AM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,316,160

اجتماع داود بالقادة


اجتماع داود بالقادة

1 وَجَمَعَ دَاوُدُ كُلَّ رُؤَسَاءِ إِسْرَائِيلَ، رُؤَسَاءَ الأَسْبَاطِ وَرُؤَسَاءَ الْفِرَقِ الْخَادِمِينَ الْمَلِكَ، وَرُؤَسَاءَ الأُلُوفِ وَرُؤَسَاءَ الْمِئَاتِ، وَرُؤَسَاءَ كُلِّ الأَمْوَالِ وَالأَمْلاَكِ الَّتِي لِلْمَلِكِ وَلِبَنِيهِ، مَعَ الْخِصْيَانِ وَالأَبْطَالِ وَكُلِّ جَبَابِرَةِ الْبَأْسِ، إِلَى أُورُشَلِيمَ. 2 وَوَقَفَ دَاوُدُ الْمَلِكُ عَلَى رِجْلَيْهِ وَقَالَ: «اِسْمَعُونِي يَا إِخْوَتِي وَشَعْبِي. كَانَ فِي قَلْبِي أَنْ أَبْنِيَ بَيْتَ قَرَارٍ لِتَابُوتِ عَهْدِ الرَّبِّ وَلِمَوْطِئِ قَدَمَيْ إِلهِنَا، وَقَدْ هَيَّأْتُ لِلْبِنَاءِ. 3 وَلكِنَّ اللهَ قَالَ لِي: لاَ تَبْنِي بَيْتًا لاسْمِي لأَنَّكَ أَنْتَ رَجُلُ حُرُوبٍ وَقَدْ سَفَكْتَ دَمًا. 4 وَقَدِ اخْتَارَنِي الرَّبُّ إِلهُ إِسْرَائِيلَ مِنْ كُلِّ بَيْتِ أَبِي لأَكُونَ مَلِكًا عَلَى إِسْرَائِيلَ إِلَى الأَبَدِ، لأَنَّهُ إِنَّمَا اخْتَارَ يَهُوذَا رَئِيسًا، وَمِنْ بَيْتِ يَهُوذَا بَيْتَ أَبِي، وَمِنْ بَنِي أَبِي سُرَّ بِي لِيُمَلِّكَنِي عَلَى كُلِّ إِسْرَائِيلَ. 5 وَمِنْ كُلِّ بَنِيَّ، لأَنَّ الرَّبَّ أَعْطَانِي بَنِينَ كَثِيرِينَ، إِنَّماَ اخْتَارَ سُلَيْمَانَ ابْنِي لِيَجْلِسَ عَلَى كُرْسِيِّ مَمْلَكَةِ الرَّبِّ عَلَى إِسْرَائِيلَ. 6 وَقَالَ لِي: إِنَّ سُلَيْمَانَ ابْنَكَ هُوَ يَبْنِي بَيْتِي وَدِيَارِي، لأَنِّي اخْتَرْتُهُ لِي ابْنًا، وَأَنَا أَكُونُ لَهُ أَبًا، 7 وَأُثَبِّتُ مَمْلَكَتَهُ إِلَى الأَبَدِ إِذَا تَشَدَّدَ لِلْعَمَلِ حَسَبَ وَصَايَايَ وَأَحْكَامِي كَهذَا الْيَوْمِ. 8 وَالآنَ فِي أَعْيُنِ كُلِّ إِسْرَائِيلَ مَحْفَلِ الرَّبِّ، وَفِي سَمَاعِ إِلهِنَا، احْفَظُوا وَاطْلُبُوا جَمِيعَ وَصَايَا الرَّبِّ إِلهِكُمْ لِكَيْ تَرِثُوا الأَرْضَ الْجَيِّدَةَ وَتُوَرِّثُوهَا لأَوْلاَدِكُمْ بَعْدَكُمْ إِلَى الأَبَدِ.

اجتمع الملك بالقادة من مختلف الأقسام والأعمال، وكشف لهم عن رغبته في بناء هيكل للرب، ويذكر الأسباب التي لأجلها حُرِمَ من ذلك. كما كشف عن اختيار سليمان ليَخلِفَه في الحكم.
تحدث داود مع كل رؤساء إسرائيل ورؤساء الفِرق وخدام الملك ورؤساء الجيش ورؤساء الأموال والأملاك وكل جبابرة البأس. كان حديثه الوداعي ليس ما يشغله فيه سوى بناء بيت الرب. عوض أن يشتكي أنه عاجز عن بناء بيت الرب أعلن اهتمامه بإعداد سليمان ابنه لهذا العمل.
وَجَمَعَ دَاوُدُ كُلَّ رُؤَسَاءِ إِسْرَائِيلَ،
رُؤَسَاءَ الأَسْبَاطِ وَرُؤَسَاءَ الْفِرَقِ الْخَادِمِينَ الْمَلِكَ،
وَرُؤَسَاءَ الأُلُوفِ وَرُؤَسَاءَ الْمِئَاتِ،
وَرُؤَسَاءَ كُلِّ الأَمْوَالِ وَالأَمْلاَكِ الَّتِي لِلْمَلِكِ وَلِبَنِيهِ،
مَعَ الْخِصْيَانِ وَالأَبْطَالِ وَكُلِّ جَبَابِرَةِ الْبَأْسِ، إِلَى أُورُشَلِيمَ. [1]
قام داود بخدمة كبيرة في أيامه، فقد خدم جيله بمشورة الله (أع 13: 36)، ولكن قد دَنَا وقت مفارقته الجسد، وكمثال "لابن داود" كلما دنا وقته ازداد عمله بكل قوته. فهو الآن استرد القليل من صحته بعد التوعك المذكور في (1 مل 1: 1)، حينما كانوا يدثرونه بالثياب فلم يدفأ، مع ذلك فقد تَشدَّد واسترد صحته، ربما كان ذلك استجابة لصلاته في (مز 71: 18) لينال فرصة لتقديم خدمة أخرى لله ولشعبه.
استدعى كل عظمائه للاجتماع به لكي يُوَدِّعهم معًا [1]، كما فعل موسى (تث 31: 28) ويشوع (يش 23: 2؛ 24: 1)، فلم يُعلِنْ داود وارث العرش إلاَّ في حضور ورضا من يُمَثِّلون الشعب.
عقد داود اجتماعًا موسَّعًا من كل قادة إسرائيل للمساندة في تتويج سليمان خليفة له. أكَّد الملك أن اختيار سليمان لا يقوم على قواعد وراثية، وإنما بناء على اختيار الله نفسه له.
وَوَقَفَ دَاوُدُ الْمَلِكُ وَقَالَ:
"اِسْمَعُونِي يَا إِخْوَتِي وَشَعْبِي.
كَانَ فِي قَلْبِي أَنْ أَبْنِيَ بَيْتَ قَرَارٍ لِتَابُوتِ عَهْدِ الرَّبِّ، وَلِمَوْطِئِ قَدَمَيْ إِلَهِنَا،
وَقَدْ هَيَّأْتُ لِلْبِنَاءِ. [2]
يتحدث داود الملك وهو شيخ، وفي اللحظات الأخيرة من عمره، مُقَدِّمًا نفسه، ليس أكثر من أخ مع إخوته: "اسمعوني يا إخوتي وشعبي" [2]. فقد كان موضع سرور عظيم له أن يكونوا خدامه (1 أخ 21: 3)، لكنه يدعوهم الآن إخوته الذين يُحِبّهم وشعبه الذين يرعاهم، وليس خدامه الذين يقودهم.
خاطبهم بقدر كبير من الاحترام والحنان، وهو لم يقم فقط من سريره ليجتمع معهم فالمناسبة نشطت من روحه، بل قام من كرسيه ووقف أيضًا على رجليه [2] مهابة لله الذي سيُعلِنُ إرادته، وتوقيرًا لذلك المجمع المهيب لإسرائيل الله. كأنه ينظر إلى نفسه على أنه أَقَلُّ منهم كمجموعة مع أنه أعظم من أيّ فرد فيهم، فتَقَدُّم سنه وضعفه بالإضافة إلى مكانته العظيمة كانت أسبابًا كافية لأن يجلس. لكنه أراد أن يُظهِرَ مقدار تواضع قلبه تجاه افتخاره بعدد شعبه ومُلْكه عليهم.
يليق بالرؤساء أن يتكلموا بالمودة واللطف والتواضع حتى مع مرؤوسيهم، فهذا لا يُقَلِّل من كرامتهم، بل يُزِيد من حُبهم له، وبذلك جذب داود انتباههم إلى ما هو على وشك أن يقوله.
يقول القديس باسيليوس الكبير إن فضيلة التواضع هي أفضل درس نتعلمه من المسيح نفسه [التواضع هو إقتداء بالمسيح والتعرُّف على التقوى هو التعرُّف على التواضع والوداعة.]
يقول أيضًا إنه يليق بالرئيس أن يكون على علاقة قوية بكل الإخوة. تكشف له كل أسرار قلوبهم، وأن يكون نموذجًا يُقَدِّرونه. وأن يحب إخوته "كما تُرَبِّي المُرضِعة أولادها" (1 تس 2: 7). وأن يكون طبيبًا للنفوس يُقَدِّم الدواء اللائق لمرض كل إنسانٍ. كما يقول:
[يكون أمام الله كخادم المسيح، ووكيل سرائر الله، يخشى دومًا لئلا يقول أو يفعل شيئًا ضد إرادة الله، فيوجد شاهدًا كذبًا لله. أو يكون مجروحًا بتدنيس المقدسات، وذلك بتقديم ما هو ضد تعليم الرب، أو ما هو ليس مسر لله. في معاملاته مع الإخوة كمرضعة مع أولادها، هكذا يكون شغوفًا أن يُقَدِّمَ لكل واحدٍ ليس فقط إنجيل الله، بل ويُقَدِّم خطته التي بها يُسَرّ الله وتنتفع كل الجماعة، كوصية ربنا وإلهنا يسوع المسيح القائل: "وصية جديدة أنا أعطيكم أن تحبوا بعضكم بعضًا كما أحببتكم" (يو 13: 34). "ليس لأحد حب أعظم من هذا أن يضع أحد نفسه لأجل أحبائه" ( يو 15: 13).]
وَلَكِنَّ الله قَالَ لِي:
لاَ تَبْنِي بَيْتاً لاِسْمِي،
لأَنَّكَ أَنْتَ رَجُلُ حُرُوبٍ،
وَقَدْ سَفَكْتَ دَمًا. [3]
أوضح داود الملك ما كان بنيَّتِه؛ وهو أن يبني هيكًلا لله، وكيف أن الله منعه من ذلك [2-3]، وقد أشار قبلاً بذلك لسليمان (1 أخ 22: 7- 8). وهنا وضح أن بيتًا لراحة تابوت العهد وهو بيت لموطئ قدمي الله، لأن السماء هي عرش الله، والأرض وأفخم ما يُمكِن بناؤه من هياكل هي موطئ قدميه، فهناك فرق شاسع بين إعلانات المجد الإلهي في العالم العلوي والسفلي، فالملائكة تُحِيط بعرشه (إش 6: 2)، ونحن الضعفاء المساكين نسجد عند موطئ قدميه (مز 99: 5؛ 132: 7)، وكبرهان لإخلاصه في غرضه لبناء الهيكل أخبرهم داود عما أَعَدَّه له، ولكن الله لم يسمح له أن يقوم بالبناء، لأن الله عَيَّن له عمًلا آخر، فإدارة حروب إسرائيل كانت كافية لفردٍ واحدٍ. يجب عليه أن يخدم الشعب بالسيف، وآخر يخدم بالمطمار (أداة للبناء)، فأوقات الراحة هي أوقات بناء (أع 9: 31).
وَقَدِ اخْتَارَنِي الرَّبُّ إِلَهُ إِسْرَائِيلَ مِنْ كُلِّ بَيْتِ أَبِي،
لأَكُونَ مَلِكاً عَلَى إِسْرَائِيلَ إِلَى الأَبَدِ،
لأَنَّهُ إِنَّمَا اخْتَارَ يَهُوذَا رَئِيسًا،
وَمِنْ بَيْتِ يَهُوذَا بَيْتَ أَبِي،
وَمِنْ بَنِي أَبِي سُرَّ بِي لِيُمَلِّكَنِي عَلَى كُلِّ إِسْرَائِيلَ. [4]
وَمِنْ كُلِّ بَنِيَّ (لأَنَّ الرَّبَّ أَعْطَانِي بَنِينَ كَثِيرِينَ)
اخْتَارَ سُلَيْمَانَ ابْنِي لِيَجْلِسَ عَلَى كُرْسِيِّ مَمْلَكَةِ الرَّبِّ عَلَى إِسْرَائِيلَ. [5]
أعلن عن اختياره للمُلْكِ وبعد ذلك سليمان، لأن كليهما كان بدون شك بتدبير إلهي، فهما أحق من أيّ ملك على الأرض أن يُعلِنَا مُلكْهما لأن الرب إله إسرائيل اختارهما في الحال بالنبوة [4-5]، فحق البكورية لا يكون مزعومًا، فهو يُعطَى بالأحقية، وليس بأقدمية السن:
1. فيهوذا لم يكن بكر يعقوب، ولكن الله اختار سبطه ليكون السبط الحاكم. فيعقوب تنبأ عن مجيء المسيح من سبط يهوذا (تك 49: 10).
2. ويظهر أن عائلة يسى لم تكن أكبر عائلات السبط، فهو بالتأكيد لم يكن الأكبر من سبط يهوذا، لأن شيلوه كان قبل فارص، وليس ظاهرًا إذا كان من نسل نحشون أو من سلمون، فرام وهو أب نحشون كان له أخ أكبر منه (1 أي 2: 9)، وربما كذلك بوعز وعوبيد ويسى، ولكن "اختار الرب إله إسرائيل بيت أبي من بيت يهوذا".
3. كان داود أصغر أبناء يسى، ولكن الله أحبَّه واستحسن أن يجعله ملكًا، فالله يأخذ من يُحِبُّه ويُحب من يجعله كنفسه، كما فعل مع داود "رجل حسب قلبه".
4. كان سليمان من أصغر أبناء داود، ولكن الله اختاره ليجلس على العرش، لأنه كان مُرجحًا عليهم كلهم لبناء الهيكل، فهو أكثرهم حكمة وميله للسلام. واضح من هذا الأصحاح أن داود الملك لم يكن قد تنازل عن العرش لسليمان تمامًا وبوضوح.
جاءت خلافة سليمان لأبيه داود باختيار الله له، وليس على مُجرَّد الوراثة، هذا ما أعلنه داود في هذه المناسبة. لم يكن سليمان الابن البكر ليخلف أباه كملكٍ، فإن كان داود نفسه لم يستلم العرش خلال الوراثة، فإن سليمان وإن كان ابنًا لداود، لكن ليس من حقِّه استلام العرش، لأنه ليس بالابن البكر، إنما لأن الرب اختاره.
الأمر العجيب أنه ليس كل القيادات قبلت سليمان وهو ليس بالابن البكر ليكون ملكًا. لم يروِ الكاتب مطامع أبناء داود في استلام العرش.
ما كان يشغل قلب داود ليس مُجَرَّد استلام سليمان العرش، إنما بناء الهيكل، ووضع خطة مُحَدَّدة ومُنظَّمة لتحقيق ذلك.
إنما جاءت تعليمات داود لابنه وهو يُسَلِّمه العرش خاصة ببناء الهيكل، كأن العمل الأول والرئيسي للملك القادم هو الاهتمام ببناء الهيكل.
5. جاءت تعليماته تتناغم مع ما ورد في سفر التثنية وفي الأنبياء. أنها تحمل صورة الكرازة بأسلوب وعظي. لقد رَكَّز داود النبي والملك على الحاجة إلى خدمة الله بكل القلب (تث 6: 5؛ إرادة 24: 7)، وأن نطلبه لكي نجده (تث 4: 29؛ إرادة 29: 13).
هنا أعلن الكاتب في شيءٍ من البساطة أن الله أعلن لداود عن تسليم العرش لسليمان، حتى يبني الهيكل الذي لم يستطع داود تحقيقه تمامًا، إنما هيَّأ للبناء بتقديم الإمكانيات والمواد والتدابير إلخ.
لم يكن سليمان الابن البكر لداود ليتسلَّم العرش، ولم يكن داود نفسه الابن البكر لدى أبيه يسَّى. هذا التصرُّف بدأ منذ الجيل الأول للبشرية، فقد اختار الله شيث لينال البركة لا أخاه البكر قايين واختار الله يعقوب لا أخاه البكر عيسو. حسابات الله تختلف تمامًا عن الحسابات البشرية. البشر يطلبون البكر حسب السن، أما البكر الحقيقي في عينيّ الله فهو من كان بالأكثر مُقَدَّسًا!
ونحن كمؤمنين صرنا أعضاء كنيسة الأبكار ليس من أجل عامل الزمن، إنما خلال اتحادنا وشركتنا بالمسيح البكر.
كانت المملكة تخص الله نفسه، فهو الذي يختار من يُقِيمه ملكًا دون الالتزام بقوانين الوراثة المعتادة. فلم يكن داود وارثًا لشاول، ولا سليمان أكبر أبناء داود.
في حديث القديس غريغوريوس النيصي عن خلقة الإنسان، يرى أن الله قد خلق العالم بكل إبداعه كقصرٍ عظيمٍ أعدَّه لآدم وحواء كملكٍ وملكةٍ. وأن الله قدَّم للإنسان كل إمكانية السعادة والسلطة على الخليقة التي أوجدها من أجله.
في مقاله "مقارنة بين الملك والراهب [10]Comparatio regis et monachi" يكشف القديس يوحنا الذهبي الفم عن منهجه المسيحي ألا وهو إدراك المؤمن، راهبًا كان أو كاهنًا أو من الشعب أنه يتطلَّع إلى نعمة الله العاملة فيه، فتجعله ملكًا صاحب سلطان أعظم وأقوى من ملوك كثيرين.
ويرى القديس مار يعقوب السروجيأن الله خلق الأرض وكل ما عليها وما تحتها، وأوْجد الكواكب، كإعداد لقيام وكيله أو سفيره على الأرض، الإنسان! إنه كمن يُعِدّ قصرًا ملوكيًا لأجل الملك!
وَقَالَ لِي: إِنَّ سُلَيْمَانَ ابْنَكَ هُوَ يَبْنِي بَيْتِي وَدِيَارِي،
لأَنِّي اخْتَرْتُهُ لِي ابْناً،
وَأَنَا أَكُونُ لَهُ أَباً، [6]
يشعر داود الملك أن أب سليمان الحقيقي هو الله نفسه: "لأني اخترته لي ابنًا، وأنا أكون له أبًا [6].
يرى القديس يعقوب السروجيأن الإنسان بدخوله مياه المعمودية، إنما يدخل إلى ميلاده الجديد، فيُحَرِّره من ميلاده الجسدي القديم، فبعد أن كان له آدم الذي لدغته الحيَّة أبًا، صار له الآب السماوي أباه الجديد، وعوض حواء التي سقطت صارت له المعمودية المقدسة الأم الجديدة. بهذا دخلنا إلى حياة جديدة وإمكانيات جديدة.
v أبوك في السماء وليس في الهاوية...
لقد نسينا حواء، وقبلنا أمنا المعمودية التي بدونها كنا قد طُرحنا من العلو وبلغنا العمق.
تركنا آدم، لأن الله أعدنا أبناء. تحطمت الهاوية عن جنسنا، وها نحن قد تركناها.
الآن لسنا ندعو ذاك المسكين المحتاج المُحطم آدم أبًا لنا، لأننا قد وجدنا لنا أبًا آخر مملوءًا غِنَى، أخذ موضع ذاك المسكين.
v تمتعنا بعمل لاهوته في داخل المياه، صرنا بالحقيقة أبناء، ومنذ ذلك الحين صار لنا أن ندعوه أبانا، ذاك الخفي الذي أعطانا روحه بالمعمودية.
v أيها الابن الذي جعلنا بنين لأبيه من المياه، بك أتكلم على ميلادنا الروحي.
أيها الوحيد الذي أعطانا روحه في المعمودية، أعطني الكلمة لأُرَتِّلَ لك بها بمحبة.
أيها الرب الذي شاء أن يصير أخًا للعبيد الأشرار، املأني من تعليمك لأكرز بنعمتك كل يوم.
أيها الشمس العظمى الذي أحلَّ نوره في المياه، أَشرِقْ فيَّ لأستنير وأصف جمالك وأنا مُتعجِّب.
يا ابن البتول الذي أعطانا أيضًا أمًا بتولاً، لتلدك كلمتي وأنا مندهش بتمييز.
ليعلن لساني وصوته عال ميمر التسبيح بحركة العقل بلا اضطراب وبلا جدال.
القديس يعقوب السروجي
وَأُثَبِّتُ مَمْلَكَتَهُ إِلَى الأَبَدِ،
إِذَا تَشَدَّدَ لِلْعَمَلِ حَسَبَ وَصَايَايَ وَأَحْكَامِي كَهَذَا الْيَوْمِ. [7]
أفصح لهم عن غرض ونعمة الله الخاصة بسليمان [6-7]. "لأني اخترته لي ابنًا"، وبذلك صَرَّح بالعهد الذي قاله الله لسليمان كمثال للسيد المسيح "أنت ابني" (مز 2: 7)، ابن محبتي، لأنه دُعِي "يديديا" لأن الرب أحبَّه، والسيد المسيح هو ابنه الحبيب، الذي قال عنه الله إنه مثال للآتي:
1. "هو سيبني بيتي"، والسيد المسيح هو المؤسس وأساس هيكل الإنجيل.
2. "وأُثَبِّت مملكته إلى الأبد"، هذه النبوة تَمَّت في مملكة المسيا، التي ستستمر إلى أبد الأبد (إش 9: 7؛ لو 1: 33). أما فيما يختص بسليمان فتثبيت مملكته هنا مشروط: "إذا تشدَّد للعمل حسب وصاياي وأحكامي كهذا اليوم". فسليمان كان في ذلك الحين على نحو مرجو منه وحسن: "فإذا استمر كذلك ستستمر مملكته وإلاَّ فلا"، فنلاحظ أننا إذا كنا ثابتين في واجبنا فحينئذ، وليس خلاف ذلك، نتوقَّع استمرار فضل الله، فيا ليت الذين تَرَبُّوا حسنًا وابتدأوا حسنًا يلاحظون أنهم إذا استمروا يكونون سعداء، فالمثابرة تؤدي إلى الإكليل.
v قَدَّم لنا الله في حنو محبته وصايا مطهرة، حتى أننا، إن أردنا، نقدر بمراعاتنا للوصايا أن نتطهَّر، لا من الخطايا فحسب، بل ومن الشهوات أيضًا، لأن الخطايا شيء والشهوات شيء آخر.
فالشهوات هي الغضب والزهو وحُبّ الملذات والكراهية والشهوات الدنسة وما شابه ذلك. أما الخطايا فهي تنفيذ هذه الشهوات عمليًا، بمعنى أن الإنسان بجسده ينفذ الأعمال التي تثيرها فيه شهواته. فالإنسان يمكن أن تكون له شهوات ولكنه لا يُخرِجها إلى حيز التنفيذ.
كانت الشريعة (في العهد القديم) تهدف إلى تعليمنا عدم صنع ما لا نريده لأنفسنا، وبالتالي حرمت علينا مجرد التنفيذ العملي للشر.
أما الآن (في العهد الجديد)، فإننا مطالبون بطرد الشهوة ذاتها، التي تدفعنا نحو الشر. فنطرد البغضة ذاتها ومحبة الملذات وحب الكرامة وغير ذلك من الشهوات.
القديس دوروثيؤس
v الشخص الذي لا يحفظ الوصايا ليس فيه حب للرب.
القديس ديديموس الضرير
وَالآنَ فِي أَعْيُنِ كُلِّ إِسْرَائِيلَ مَحْفَلِ الرَّبِّ،
وَفِي سَمَاعِ إِلَهِنَا،
احْفَظُوا وَاطْلُبُوا جَمِيعَ وَصَايَا الرَّبِّ إِلَهِكُمْ،
لِتَرِثُوا الأَرْضَ الْجَيِّدَةَ،
وَتُوَرِّثُوهَا لأَوْلاَدِكُمْ بَعْدَكُمْ إِلَى الأَبَدِ. [8]
الله الذي يُقِيم الملك، لذا يليق بالملك المُعيَّن من قِبَل الله أن يحفظ الوصايا الإلهية.
لم يَسْمَحْ الله لداود أن يبني له بيتًا، إنما يود أن يكون داود نفسه بيتًا له يسكن فيه.
يقول العلامة أوريجينوس: [ليكن للنفس مذبح في وسط القلب، عليه تُقدَّم ذبائح الصلاة ومُحرَقات الرحمة، فَتُذبَح فوقه ثيران الكبرياء بسكين الوداعة، وتُقتَل عليه كباش الغضب وماعز التنعم والشهوات... لتعرف النفس كيف تُقِيم داخل قدس أقداس قلبها منارة تضئ بغير انقطاع.]
هذا ما أدركه داود النبي، لذلك أوصى شعبه عند انتقاله: "احفظوا واطلبوا جميع وصايا الرب إلهكم" (1 أي 28: 8). فبعد أن تحدث معهم داود عن وعد الله له بأن ابنه يبني له البيت (1 أي 28: 6)، أراد أن يكون الشعب كله بيتًا مُقدَّسًا للرب.
كما أعد داود لابنه إمكانيات ضخمة لبناء الهيكل (1 أي 28: 11-19) مع تصميمات الهيكل، طلب من الشعب أن يسلكوا في وصايا الرب لكي يمدَّ الله يده ويبني بيته.
وجَّههم أن "يلتصقوا ويثبتوا في الله وفي واجبهم" [8]، ونلاحظ هنا الآتي:
1. موضوع التوجيه: هو "احفظوا واطلبوا جميع وصايا الرب إلهكم"، فالرب هو إلههم، وصاياه يجب أن تَحْكُمَهم، وعليهم أن يُوقِّروها كلها، ويجب أن يصحوا لحفظها، ولذلك يجب أن يبحثوا عنها، أيّ يجب أن يُحِبُّوا التحقيق والفحص في واجباتهم بأن يفتشوا الكتب، يأخذوا نصيحة، يطلبوا الشريعة من أفواه المؤتمنين عليها بشفاههم، ويُصَلُّوا إلى الله ليُعَلِّمَهم ويُرشِدَهم؛ فوصايا الله لا تُحفَظ إلاَّ بالاهتمام الزائد.
2. إجلال التوجيه: لقد وجَّههم أمام جميع إسرائيل الذين سيلاحظون هذا التوجيه الشعبي في حضرة الله "الآن في أعين كل إسرائيل محفل الرب وفي سماع إلهنا" كان لهم مشورة حسنة وتحذير صريح، فإذا لم يقبلوها فهم المخطئون "فالله والناس شاهدون عليهم" (1 تي 5: 21؛ 2 تي 4: 1)، فالذين يخدمون في الكنيسة يجب أن يكونوا أمناء في خدمتهم ومرضيين أمام الله والناس.
3. الغرض من حفظ التوجيه: لكي يكونوا سعداء، ويرثوا بسلام الأرض الجيدة، ويورثوها لأولادهم بعدهم إلى الأبد.
v يليق بنا أن نؤمن أن فترة التأخير في تنفيذ الوصية هي وقت للعصيان بالنسبة لمن ينفذ الوصية بعد ذلك... لذلك وجب علينا أن نتذكر القول: "لا تتأخر في الرجوع إلى الرب، ولا تؤجِّله من يوم إلى يوم" (سيراخ 5: 7)، و"لا تقل لصاحبك اذهب وعد، فأعطيك غدًا، وموجود عندك" (أم 3: 28). يلزمنا أن نعتقد أنه دينونة على مرثا إن الكلمات: "فرفعوا الحجر" قد كُتبت مؤخرًا، وكان يجب أن تُقَال فورًا بعد الكلمات: "قال يسوع: ارفعوا الحجر".
العلامة أوريجينوس

v سمع داود كلمات ربِّه التي وُجِّهت إليه، وأمر كل شعب إسرائيل ليأتوا.
صدر أمره، وجلب الآلاف بلا إحصاء، وجمع صفوفًا بلا عددٍ إلى القصر الملكي.
وبدأ الراعي الصالح يتكلم مع رعيته، وهو يقوتها بالطعام الروحي والشراب.
فتح فمه مثل ينبوعٍ تتفجر منه الحياة، لكي تروي شعبها بشربٍ صالحٍ من مرعاه.
"يا أبنائي: أنا ذاهب في رحلة عظيمة في كل الأرض، وأُدفَن مثل آبائي بين الراحلين (1 مل 2: 2).
وأردتُ أن أبني هيكلاً للرب قبل أن أموت، ولم يشأ الرب أن أبنيه كما فكرَّتُ (1 أي 28: 2).
لكن قال لي الرب: ابنك يبني لي هيكلاً عظيمًا لأسكن وأَتقدَّس فيه (1 أي 28: 6).
والآن ابني سليمان هو صبي وصغير جدًا، والرب الذي خلقه يقوده ويعطيه الحكمة (1 مل 3: 7؛ 1 أي 29: 1).
اسلكوا في طريق بيت الله، ولا تحيدوا عنها يمينًا ولا يسارًا.
احفظوا أوامره ونواميسه وفرائضه أيضًا، لتأكلوا ثمار الأرض وخيراتها كما هو مكتوب (1 أي 28: 8).
يا أبنائي لا تتشبَّهوا بآبائكم الذين أكلوا وتجاسروا، فألقى الرب جثثهم في موضع قفر (عد 14: 29).
انظروا كم أحاطت بي المِحَن والمخاطر الشريرة، والرب نجَّاني، وتقويت أكثر من جميع الملوك (2 صم 22).
وأنتم إن ثبتم معه بحبٍ كاملٍ، سوف لا تؤذيكم الحروب والمخاطر وكل الصعوبات".
القديس مار يعقوب السروجي
رد مع اقتباس
 


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
اجتماع داود برؤساء بيت لاوي
اجتماع الشباب - القس يوسف داود - Panic Attack -31/1/2025
يليق بالقادة أن يمتلئوا رجاءً وطمأنينة من جهة خطة الله
الالتصاق الكثير بالقادة والمسئولين في الخدمة
الضمير يتأثر بالقادة


الساعة الآن 08:51 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025