![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
![]() نُوحُ، سَامُ، حَامُ، يَافَثُ. [4] نوح (تك 6): يرى القديس أفرام السرياني أن نوحًا كان صدِّيقًا كاملاً في جيله، وأن أولاده الثلاثة تشبَّهوا به. v كان نوح رجلاً كاملاً، وبنوه الثلاثة سام وحام ويافث تشبَّهوا به. ولذلك لم يكن لكل واحدٍ منهم سوى امرأة واحدة مع كثرة ما يرون من الفسق الكثير. وأما هم فتشبَّهوا بأبيهم، وتمسَّكوا بناموس الله الذي فيهم طبيعيًا من بداية الخلقة. وذلك أنه عندما خلق آدم، لم يخلق معه إلا امرأة واحدة... متى خرج الناموس عن هذا، حتى يكون للذكر عدة إناث أو للأنثى عدة ذكور، فذلك يكون ظلمًا وجورًا في الطبيعة. القديس مار أفرام السرياني كشف الله لعبده البار ما كان مُزمِعًا أن يفعله، إذ قال له: "نهاية كل بشرٍ قد أتت أمامي، لأن الأرض امتلأت ظُلْمًا منهم، فها أنا مُهلِكهم مع الأرض" (تك 6: 13).كان يمكن لله أن يأمر نوحًا أن يصُنْعِ الفلك، فيطيع في إيمانٍ وثقةٍ، لكن الله كمُحِب للبشر لا يشتاق أن يكون الآمر الناهي، إنما الصديق المُحِب الذي يحاور الإنسان، ويكشف له خطته وحكمته وأسراره. وكما يقول المرتل: "سرُّ الرب لخائفيه، وعهده لتعليمهم" (مز 25: 14). لقد كشف له أنه وإن كان يهلكهم مع الأرض، فإن الهلاك هو ثمرة طبيعية لفسادٍ اختاروه. ويظهر ذلك من قوله: "نهاية كل بشر قد أتت أمامي"، وكأنه يقول: لم أكن أود هذا، لكنهم صنعوا بأنفسهم هلاكًا يجلب نهايتهم، اختاروه بمحض إرادتهم. الآن إن كان الأشرار قد فعلوا هكذا بأنفسهم، مُقَدِّمين هلاكًا حتى للأرض، فالله لا يترك أولاده يهلكون معهم، لذا قدَّم لنوح أمرًا بعمل فُلْكٍ لخلاصه، وقد عرض لنا الكتاب المقدس قصة الفلك بدقةٍ شديدةٍ، وفي شيء من التفصيل، لما حمله الفلك من عمل رمزي يمسُّ خلاصنا بالصليب. عندما وُلِدَ نوح تنبأ عنه لامك أبوه: "هذا يُعَزِّينا عن عملنا وتعب أيدينا من قِبَل الأرض التي لعنها الرب" (تك 5: 29). يرى العلامة أوريجينوس أن هذه النبوة لا تخص نوحًا القديم، بل تخص نوحًا الجديد الذي هو يسوع المسيح. فإن نوح تعني نياحًا (أي راحة أو تعزية) وبرًّا. يقول: [يسوع وحده يعطي راحة للبشرية، ويُحَرِّر الأرض من اللعنة التي لعنها الرب الإله.] v في الطوفان -أيام نوح- مات كل جسدٍ، أما نوح البار فحُفِظَ مع عائلته... فالإنسان الخارجي يفنى، لكن الداخلي يتجدَّد. هذا يحدث ليس فقط في المعمودية، وإنما أيضًا بالتوبة حيث تفنى (شهوات) الجسد فتنمو الروح، كما يُعَلِّمنا السلطان الرسولي بالقول: "قد حكمت كأني حاضر في الذي فعل هذا هكذا... أن يُسَلَّم مثل هذا للشيطان لهلاك الجسد لكي تَخْلُص الروح في يوم الرب يسوع" (1 كو 5: 3، 5). القديس أمبروسيوس صرخت الأرض التي غرقت بالطوفان في صمتٍ إلى ربِّها، فنزل وفتح المعمودية التي بها ينجذب البشر إلى السماء! القديس مار أفرام السرياني رأى القديس چيروم في قصة نوح حين سَكرَ فتعرَّى، صورة رمزية للسيد المسيح الذي شرب كأس الألم، ومن أجلنا تعرَّى على الصليب، فسخر به الأشرار الذين يمثلهم حام، بينما آمن به الأمم التي يرمز إليها كل من سام ويافث. إذ يقول: [قيل هذا كله كرمزٍ للمُخَلِّص الذي شرب الألم على الصليب، قائلاً: "يا أبتاه إن أمكن فلتعبر عني هذه الكأس" (مت 26: 39). شرب وسكر وتعرَّى جسده... فقد جاء (حام) أي اليهود وضحك، أما الأصغر أي الأمم فغطَّاه... وكما سكر الأب (نوح) بآلامه، هكذا يسكر القديسون برائحة إيمانهم، يسكرون بالروح القدس. فقد كنتم بالأمس تجمعون الذهب، والآن تلقونه عنكم، أما يُحسَب هذا سُكْرٌ في عيني من لا يفهم هذه الأمور؟! أخيرًا، عندما حلَّ الروح القدس على التلاميذ وملأهم وتكلموا بلغات كثيرة اُتُّهِموا أنهم سكارى بخمر جديدة.] v الأخوان الاثنان (سام ويافث) اللذان غطيَّا نوح (تك 23:9) تطلعا إلى الابن الوحيد الذي يأتي ويُغَطِّي عُرْي آدم الذي أسكرته الكبرياء! تطلع سام ويافث المباركان إلى الابن المبارك، الذي يأتي ويُحَرِّر كنعان من عبودية الخطية! القديس مار أفرام السرياني |
|