نوارة نجم :شرطة مرسى والدستور العرة

[Mary Naeem]

نوارة نجم :شرطة مرسى والدستور العرة



بقلم/ نواره نجم : نقلا عن التحرير :

مرسى ده روحى روحى روحى.. ولا أعلم أيهما اختار الآخر، اختارت الداخلية لجنة صياغة الدستور، أم اختارت اللجنة الداخلية، وربنا لايقين على بعض فى الكوشة.

هذه اللجنة التى ادّعى البعض تعليقًا على أحد مقالاتى أن الرئيس ليس له دخل بها، بينما هو مَن أصدر قانونًا لحمايتها بعد أن عزم مجلس الشعب على إصدار قانون تحصين للجنة الدستور، لكن وافاه الحل قبل أن يصدر القرار، فأناب عنه الرئيس بإصدار ذلك التشريع. تلك اللجنة التى عُقدت خصيصًا لصياغة كل ما هو فاشى، بدءًا من قمع الحريات، مرورًا بولاية الفقيه الأزهرية، التى تَقصُر تفسير الشريعة الإسلامية على مؤسسة الأزهر، بل مجموعة غير منتخَبة من علماء الأزهر، عُرفوا بميولهم لتيار الإسلام السياسى المتشدد، ألا وهى لجنة علماء الأزهر،

وتقوم هذه المجموعة بتفسير معنى الشريعة الإسلامية، ومقصدها، والتى هى مصدر أساسى للتشريع، كما هو وارد بالمادة الثانية، بل إن اللجنة لم تكتفِ بولاية الفقيه الأزهرية التى أضافتها إلى المادة الثانية، وإنما أقرّت بتقسيم مصر حسب الديانة، حيث أضافت أن لكل مؤسسة دينية الحق فى التشريع لأتباعها، وكل واحد يخلّى باله من لغاليغه، بلا مواطنة بلا كلام فارغ، ستقوم المؤسسات الدينية بالتشريع والتقنين تمامًا كأوروبا فى العصور الوسطى، وسنزوِّج البنات فى سن التاسعة، أما حنظلة فلن يستحم، لأنها رائحته، وهو فخور بها، ارقصى يا جارية ثكلتك أمك.

تحتاج الدولة إلى آلة قمع متوحشة لتنفيذ ذلك الدستور العرة، عرة عرة يعنى، فكما ذكرت، الدساتير لم تُخلق ليُعمل بها، وإنما خُلقت لتُشوَّه وتُحرَّف ويتم تأويلها على حسب أهواء السلطان، لكنها فى الأصل تُكتب بحرفية، ورقى، وإنسانية. لذا، فقد ارتأت لجنة صياغة الدستور أنه لا داعى للف والدوران، إحنا لسه حنعمل تشريعات راقية ثم نلتف عليها؟ ارقع على طول.. مافيش أحسن من الدوغرى، كابتن شعب كابتن شعب.. إحنا جايين نقمعك ونرجّعك 2000 سنة للوراء.. 2000؟ لا، ربما 3000.. لا فَشَر، ده إحنا كنا فلة أياميها.. تصدّقوا بإيه؟ قولوا لا إله إلا الله، لم يمر علينا هذا التخلف، وهذه القيم المتدنية أخلاقيًّا وحضاريًّا وفكريًّا، فى أحلك لحظات تاريخنا.

حقيقة أن الطبول لطالما دقت على رؤوسنا، إلا أنه فى أسود أيامنا، كان الحاكم يُطبق تخلّفه وطغيانه دون أن يجرؤ على تدوينه بهذا التبجح، اللهم إلا المهفوف اللى حرّم الملوخية. ما يُكتَب الآن فى الدستور، لم يمر إلا على أوروبا فى عصور الظلام، إنما إحنا طول عمرنا ناس لما بنعمل حاجات مش محترمة مش بندوّنها.. بنخليها فى سرنا كده.. إحنا كنا فين؟ آه.. آلة القمع المتوحشة. المهم يا سيدى لما أنت، لله الحمد والمنة، آلة القمع المتوحشة موجودة منذ فجر التاريخ فى مصر، لعب الكهان دومًا دورًا فى غاية الخسة والنذالة، ولعب الفرعون دومًا دور الإله، ولعبت الشرطة والبصاصون دومًا دور الزبانية.

وها هم الإخوان المسلمون، يتسلمون الزبانية من يد النظام السابق ليطلقوهم علينا، بحطة إيد النظام السابق، وإمعانًا فى كسر الأنوف، قررت وزارة داخلية الإخوان مسح الرسوم المنقوشة على جدران شارع محمد محمود المقدس، فما عرفت البشرية شيئًا أقدس من دماء الإنسان، وقد شرب محمد محمود أطنانًا من الدماء الطاهرة البريئة. ثم نفت كل من الداخلية والرئاسة مسؤوليتها عن مسح الرسوم المسيئة للنظام بمحمد محمود.. أمى اللى مسحتها.

تسلل البصاصون ليلًا فى تمام الساعة الواحدة والنصف بعد منتصف الليل، وقاموا بمسح صور الشهداء، والجداريات التى رسمها أبطال وفنانون حملوا جثامين أصحابهم على أكتافهم، ثم عادوا ليخلّدوا ذكراهم على الجدران.. بس الرسم حرام يا أخ.. دى أصنام، صورة مرسى هى اللى حلال.

وقفت الناشطة نازلى حسين، تصوّر عملية طمس صور الشهداء والجداريات وهى تروى للعساكر والعمال قصة كل شهيد صُوّر وجهه على الجدران، فترتعش يد العساكر، يحاولون تجاهلها، وأخيرًا لم يتحمل أحدهم رواياتها، فقال: إحنا بنعمل كده وجوانا حزن.. غصب عنا.

فأجابت نازلى: مافيش حاجة اسمها غصب عنك.. الناس دى ماتت عشان ماتعملش حاجة غصب عنك.

ما حدث أفضل جدًّا، حيث إن الجداريات التى مُحيت فى شارع محمد محمود كانت تتحدث عن حكم العسكر والقمع العسكرى، أما وقد قامت داخلية الإخوان بتنظيف الجدران، فيمكننا الآن تدوين عهد جديد من القمع، نتحدث فيه عن الفاشية الدينية، والجبن، والخسة، والنذالة، والاستهزاء بكل ما له قيمة، بما فى ذلك كلام الله ورسوله، للوصول إلى كرسى الحكم.. حان الآن جداريات: يسقط يسقط حكم المرشد.. مبروك البوية الجديدة



البشاير