رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
راعوث وعُرفة فقالتا لها: إننا نرجع معكِ إلى شعبك... ثم رفعن أصواتهن وبكين أيضًا. فقبَّلت عُرفة حماتها، وأما راعوث فَلَصقت بها ( را 1: 10 ، 14) كلٌ من راعوث وعُرفة أظهرتا اعترافهما بالولاء لنُعمي. وكلتاهما اعترفتا بترك أرض آبائهما، وكلتاهما اتجهتا نحو أرض الرب. ولكن كل اعتراف له امتحانه دائمًا. «فقالت نعمي لكنَّتيها: اذهبا ارجعا كلُّ واحدةٍ إلى بيت أمها» (ع8). كانت لهما فرصة للرجوع ( عب 11: 15 ). وانكشف ذهن عُرفة في الحال، فقد كان قلبها مرتبطًا بأرض ميلادها. أما راعوث فسنرى رغبتها في ”مدينة أفضل“. عُرفة قدمت اعترافًا جميلاً في مظهره، ولكنه اعتراف فقط. وما يُلفت النظر أن راعوث تذكر إله نُعمي (ع16)، أما عُرفة فتذكر نُعمي وشعب نُعمي (ع10). وبالرغم من كلمات عُرفة ودموعها وقُبلاتها، ولكنها تحولت عن نُعمي وإله نُعمي وأرض البركة، وعادت إلى شعبها وآلهتها وأرض ظل الموت. وكم اختلف الأمر في تاريخ راعوث، إذ أصبحت شاهدة لنعمة الله. لقد أعطت راعوث اعترافًا صحيحًا، وتكلمت بكلمات جميلة كذلك، وتحركت عواطفها بعمق مثل عُرفة، ورفعت صوتها وبَكَت. ولكن عند راعوث ما هو أكثر من ذلك. مع عُرفة كان هناك فقط الاعتراف الخارجي للمحبة، وأمكنها أن تُقبِّل نُعمي وتتركها، مثلما حدث ليهوذا الإسخريوطي في وقت متأخر أنه قبَّل المسيح ثم أسلمه. أما عن راعوث فلم يُقال عنها إنها قبَّلت نُعمي، ولكن بالرغم من عدم وجود تعبير المحبة الخارجي، لكنها كانت تحمل المحبة الحقيقية. نقرأ عن راعوث أنها «لصقت بها» (ع14). فالمحبة عندما تكون حقيقية لا تتخلى عن غرضها، ويجب أن تكون في شركة مع مَن تحبه، ولذلك تضيف راعوث: «لا تلحِّي عليَّ أن أتركك وأرجع عنكِ». وبالإضافة إلى ذلك، فإن إيمانها تساوى مع عواطفها. وفي قوة إيمانها تغلَّبت على جاذبية أرض ميلادها وبيت أمها وشعبها وآلهتها، وقبلت طريق السياحة فقالت : «حيثما ذهبتِ أذهب»، كما احتضنت نصيبها كالغريبة «وحيثما بتِ أبيت». لقد وحَّدت نفسها مع شعب الله «شعبك شعبي». وفوق الكل وضعت ثقتها في الله الحقيقي، فهي لم تَقُل فقط «شعبك شعبي»، بل أضافت «إلهك إلهي». والموت لا يمكن أن يُرجعها إلى موآب، فقالت: «حيثما مُتِ أموت وهناك أندفن». إنها في الحياة وفي الموت وحَّدت نفسها تمامًا مع نُعمي، فإن شعب نُعمي شعبها، وإله نُعمي إلهها. لقد ألقت نصيبها مع نُعمي في ترمُلها، وفي تغربها، وفي فقرها. |
|