رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
في العهد الجديد عن المعلمين الكذبة أعني رسالة بطرس الثانية والأصحاح الثاني. يضرب بطرس مثلاً بالشعب القديم لكيلا نندهش من ظهور المعلمين الكذبة بيننا. ويقول إنه كما حدث قديمًا وظهر أنبياء كذبة بين الشعب، سيظهر بيننا معلمون كذبة. وأضاف أن طريقتهم هي طريقة ”الدس“؛ «يَدُسُّونَ بِدَعَ هَلاَكٍ»؛ أي أنهم يضعون السم في العسل. يضعون التعاليم الهادمة في وسط الأفكار الصحيحة الجيدة. فقد تجد مجموعة من العظات التي تحتوي على أفكار صحيحة جدًا، وفي دقيقة أو دقيقتين وسط العظة، يُلقي لك هذا المُعلّم تعليمًا هادمًا. فالمعلم الكاذب ليس بالغباء الذي يجعله يعظ عظة مليئة بالهرطقات، بل هو حاذق للدرجة التي معها يدس التعليم الخاطئ في وسط الكثير من التعاليم الصحيحة. وهذا ما يجعلنا في احتياج دائم للرب كاشف القلوب والكلى، كاشف الأسرار، كي ما يمنحنا اليقظة لكيلا ننخدع. ثم يسرد بطرس بعضًا من تعاليمهم. وبشكل شخصي لقد اندهشت كيف يتطابق تعليمهم مع ما أصبحنا نسمعه تحت مسمى “اللاهوت الليبرالي“. فأولاً «هُمْ يُنْكِرُونَ الرَّبَّ الَّذِي اشْتَرَاهُمْ» (ع٢)! كيف؟ هل بأن يُنكرون صليب المسيح؟ بالطبع كلا. فلقد فطنا إلى أسلوبهم الماكر؛ إنهم لا ينشرون تعاليمهم بطريقة مفضوحة، لكنهم يُقللون كثيرًا من هول الخطية، ومن وراثتنا لمذنوبيتها. وكثير من الخطايا يضعونها تحت تصنيف ”الامراض“ وليس الخطية. ويقولون إن الخطية نفسها مرض، والموت ليس عقوبتها بل نتيجتها. بهذه الطريقة هم ينكرون شراء الرب لنا. فالرب لم يكن عليه أن يدفع ديننا في هذه الحالة، وهذا هو معنى الفداء بدفع الدين وفك المديون. ثم يسوق بطرس مثالاً على الدينونة بأن الرب لم يشفق على العالم القديم وجلب طوفانًا على عالم الفجار، وأنه رمَّد مدينتي سدوم وعمورة. ويصف مَن كانوا في سدوم بالأردياء والأثمة (ع٤-٨). ولاحظوا معي أيها - الأحباء - كيف أن هاتين الحادثتين بالذات قد تعرضتا للنقد من جانب معلمي اللاهوت الليبرالي؛ فقد أنكروا تاريخية وحرفية الأولى؛ أنكروا تاريخية الطوفان وشخصية نوح. وأنكروا أن الخطية التي ارتكبها أهل سدوم (اللواط) هي في واقع الأمر خطية، بل أخذوا يُروجون لأنها مرض واضطراب. يا لروعة كلمة الله! كيف تتم كلمات الوحي بهذه الدقة! فكل ما تنبأ الكتاب أن المعلمين الكذبة سيقولونه أو ينكرونه هكذا فعلوا. ولكني في ذهول أكثر أن كثير من المؤمنين يرون أمامهم هذه الأمور ومع ذلك فهم ما زالوا غير قادرين على أن يصفوا مَن ينشر هذه التعاليم بالمعلم الكاذب. هل أصبحنا نستحي بأحكام كلمة الله؟! وبإنكار هاتين الحادثتين؛ الطوفان وحريق سدوم وعمورة، وُضع الأساس للتعليم الشرير بأنه ليس هناك دينونة. وليس هناك جهنم حقيقية بل هي كتعبير أحدهم اشبه بـ”حلم طويل مُمل“، وليس عذابًا أبديًا، كما قال الكتاب. فهؤلاء المعلمون يرددون تمامًا ما تنبأ به بطرس في الأصحاح الأخير من رسالته الثانية قائلاً على لسانهم: «أَيْنَ هُوَ مَوْعِدُ مَجِيئِهِ؟ لأَنَّهُ مِنْ حِينَ رَقَدَ الآبَاءُ كُلُّ شَيْءٍ بَاقٍ هَكَذَا مِنْ بَدْءِ الْخَلِيقَةِ» (٢بط٣: ٤). إن بقاء كل شيء من بدء الخليقة هو بكلمات أخرى إنكار الطوفان الذي فصل التاريخ العالمي إلى ”العالم القديم قبل الطوفان“ و”العالم الحاضر“. وهكذا بإنكارهم للطوفان يؤكدون لنا صدق هذه النبوة، ويضيفون سببًا آخر يؤكد لنا أن معلمي هذا اللاهوت ما هم إلا المعلمين الكذبة الذين تنبأ عنهم بطرس. |
|