رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
صوت التأييد ما أحلى أن تجد النفس - التي تُدان بواعثها، ويُفترى على أفعالها - أن إنصافها يأتي من الرب شخصيًا (مز37: 6). هذا ما فعله الرب هنا في عشاء بيت عنيا. فما قاله الرب كان تأييدًا لهذه المرأة وإنصافًا لها. أ ليس هذا درسًا عظيمَا فيه نتعلم المسيح، ونتعلم من المسيح! لقد وجَّه رب المجد حديثه للمعارضين لما فعلته مريم في جانبين: الأول نرى فيه التأييد من الوجهة السلبية في كلمتين؛ أولهما «اتركوها»، وثانيهما «لماذا تزعجونها؟». والجانب الثاني نرى فيه التأييد في وجهته الايجابية في ثلاث عبارات: الأولى: «عملت بي عملاً حسنا»، الثانية «عملت ما عندها»، الثالثة «قد سبقت ودهنت بالطيب جسدي، للتكفين». أ) التأييد في وجهته السلبية «اتركوها». ماذا يعني المسيح بهذا القول؟ يعني أن لا يصح أن تكون لكم العين الشريرة والبخيلة إزاء ما أكرمتني به. ولا تتدخلوا فيما صنعت. دعوها تستكمل ما بدأته، وما أبدته من مشاعر التقدير والتكريم والحب. عزيزي.. هل تترك أخاك وشأنه فيما يقوم به من خدمة للرب؟ خاصة إن لم يكن لك نفس أسلوب التفكير، أو طريقة الخدمة، أو ربما يختلف الأمر معك بالنسبة للمجال أو المكان. إن ما يقوم به الواحد منا ليس مقياسًا على الإطلاق، ولا هو النموذج الأمثل الذي ينبغي أن يكون عليه الآخرون. لذلك وجب قول المسيح «اتركوها». فهل نفعل؟! «لماذا تزعجونها؟». ربما خطر ببال مريم، بعد أن كسرت قارورتها وسكبتها على رأس الرب ودهنت قدميه، أنها قد تصرّفت تصرّفًا خاطئًا. لقد أوصل إليها أولئك المعارضون هذا الخاطر، وربما فكرت: لماذا لا تكون مخطئة، حيث إن الجميع في موقف المعارضة؟ لقد أزعجوها فعلاً بمرور هذه الخواطر على عقلها، فما كان لها فخر منذ لحظات جعلوه ذنبًا ارتكبته. كلا أيتها النفس إنه هناك، فلم يتردد في أن يعيدها، وبسرعة، إلى أجواء الحب العطر والأشواق الفائضة، بقوله لهم: «لماذا تزعجونها؟». ألا نسبب انكسارًا للبعض، وللبعض الآخر ثقلاً على ضمائرهم، حينما نلومهم على ما لا يروق لنا، سواء كان في عبادتهم أو خدمتهم أو عطائهم. لماذا تزعجونها؟ ب) التأييد في جانبه الايجابي «عملت بي عملاً حسنًا». إن كلمة حسنًا ”أجالوس“ تعني شيئًا جميلاً محبوبًا وله جاذبية. هذه نظرة المسيح لما عملته المرأة. لقد عملت ما هو محبَّب ومُلِِذ ومُسِرّ لنفسه. وكأنه يقول لهم: ”هل فهمتم آثار ما عملته بالنسبة لي شخصيًا“. «عملت ما عندها»: لقد قدّمت أقصى ما يمكن أن تعبِّر به عن محبتها وتقديرها وشكرها. «سبقت ودهنت»: إن قول الرب هذا «قد سبقت» يعني أنه كان لها المبادرة في القيام بتكفينه قبل موته. فبعد موته قام كل من يوسف الرامي ونيقوديموس بتكفين جسد المسيح بكرامة (يو19: 38-40). لكنها هي كانت البادئة، وهم أكملوا. هي بدأت وهو حي، وهم واصلوا العمل بعد أن مات. ولا شك أن إظهار المحبة والتقدير لشخص ما وهو حي أعظم آلاف المرات من نثر الزهور على قبره بعد الموت؛ وإن كنا لا نقلِّل أبدًا مما فعله يوسف الرامي ونيقوديموس طبقًا للظروف المتاحة والمناسبة لكل منهما. |
|