رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
"تَعَالَ يَا حَبِيبِي (قريبي) لِنَخْرُجْ إِلَى الْحَقْلِ،وَلْنَبِتْ فِي الْقُرَى. لِنُبَكِّرَنَّ إِلَى الْكُرُومِ، لِنَنْظُرَ هَلْ أَزْهَرَ الْكَرْمُ؟! هَلْ تَفَتَّحَ الْقُعَالُ؟! هَلْ نَوَّرَ الرُّمَّانُ؟! هُنَاكَ أُعْطِيكَ حُبِّي (ثدييّ)" [11-12]. الخروج: تقول العروس "لنخرج..." في حديث السيد لعروسه ومدحه إياها اكتشفت حقيقة لم تكن قبلًا تدركها في كمالها... وهي أن الله ليس بالفكرة الصلدة المنعزلة في السماء، كما قال عنه أرسطو حرك العالم وتوقف ليسيطر عليه، لا بل الله دائم الحركة في تعامله مع الإنسان. الله حب غير منعزل، خرج إلينا تاركًا أمجاده إلى حين حتى لا نهابه ونرهبه بل نحبه ونقبله... خرج إلينا وحلّ بيننا. من أجلنا صار عبدًا! خرج أيضًا خارج المحلة يحمل عارنا على كتفيه! وهنا نراه يخرج إلينا فلا يكشف ذاته لنا لنحبه وإنما يعلن فينا جمالًا هو في حقيقته انعكاس جماله علينا وثمرة محبته التي تُحاصرنا. والآن تستنجد النفس به قائلة "لنخرج..."، وكأنها قد أدركت أنها بدونه تبقى حبيسة "ذاتها"، تعيش أسيرة قوقعتها لا تطلب إلاَّ ما لذاتها. إنه توسُل بل صرخة حب فيه تترجى النفس عريسها أن يطلقها من ذاتها لتعيش معه في حقل الحب، تطلب ما لغيرها. هذه صورة حيَّة للحياة الزوجية الحقة، فلا يطلب كل طرف أن يأسر الآخر في داخله، يستهلكه لحساب نفسه... إنما وهو يفتح القلب ليدخل بالآخر إليه ينطلق كلاهما معًا في حب وحدوي فيه يقدر الآخر ككائن حيّ مستقل. بمعنى آخر، كثيرًا ما نرى أحد الزوجين في حبه للآخر يطلب ما لذاته، ويرى في الطرف الآخر ليس شخصًا يعيش معه على مستوى المشاركة بل "شيئًا" يفرح به ويكتم أنفاسه ويستغله لإشباع احتياجاته النفسية والاجتماعية والبيولوچية. في حبه للطرف الآخر يخنق إرادة الآخر وحريته وإنسانيته... ظانًا أنه بهذا إنما يحبه.! هكذا حين تفتح العروس قلبها للعريس ليدخل إليها لا تطلبه "لتستهلكه" إن صح هذا التعبير، أو كما يقول القديس يوحنا الذهبي الفم "لتستغله"، تُريد في عريسها أن تشكله حسبما تُريد، يستجيب لكل طلباتها ويشبع كل احتياجاتها ويحل كل مشاكلها ويبارك كل تصرفاتها فحسب... لكن يليق أن تخرج عن ذاتها، تخرج معه وبه فتطلب منه ذاته أولًا وتخضع لإرادته، وإن سألته شيئًا وطلبت حلًا لمشاكلها أو بركة لعملها إنما كثمرة للقائهما معًا، لا كغاية هذا اللقاء. بمعنى آخر: الله أولًا في حياتها... تحبه لأجل ذاته لا على مستوى المنفعة! |
|