رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
"تَعَالَ يَا حَبِيبِي (قريبي) لِنَخْرُجْ إِلَى الْحَقْلِ،وَلْنَبِتْ فِي الْقُرَى. لِنُبَكِّرَنَّ إِلَى الْكُرُومِ، لِنَنْظُرَ هَلْ أَزْهَرَ الْكَرْمُ؟! هَلْ تَفَتَّحَ الْقُعَالُ؟! هَلْ نَوَّرَ الرُّمَّانُ؟! هُنَاكَ أُعْطِيكَ حُبِّي (ثدييّ)" [11-12]. إذ أدركت العروس محبته لها أخذت تطلبه ليخرجا معًا وحدهما إلى الحقل ويبيتا في القرى بعيدًا عن ضوضاء المدينة، ويقطفا من الثمار... الحقل: أي حقل هو هذا الذي دعت إليه حبيبها ليخرج معها إليه؟ لعله حقل العمل الإلهي المتسع على مستوى البشرية كلها، هذا الذي قال عنه الرب نفسه: "ارفعوا أعينكم وانظروا الحقول أنها قد ابيضت للحصاد" (يو 4: 35)... إن كان ربنا نفسه يدعونا للعمل، لكننا لن نخرج بدونه، بل معه وبه لأنه هو صاحب الكرم وهو الذي يهبه النمو. في هذا يقول الرسول بولس: "أنا غرست وأبلوس سقى لكن الله كان ينمي. إذًا ليس الغارس شيئًا ولا الساقي، بل الله هو الذي ينمي... فإننا نحن عاملان مع الله وأنتم فلاحة الله، بناء الله" (1 كو 3: 6-9). لقد خرج قايين إلى الحقل لكن في غير معية الرب، خرج وحده، وهناك لم يحتمل البار هابيل بل قتله، وحين عاتبه الرب في جسارة الشر أجاب: "أحارس أنا لأخي؟!" (تك 4: 9)، ولعن الأرض معه وبسببه: "الآن ملعون أنت من الأرض التي فتحت فاها لتقبل دم أخيك من يدك. متى عملت الأرض لا تعود تعطيك قوتها. تائهًا وهاربًا تكون على الأرض". أما العروس فترفض أن تخرج إلى الحقل إلاَّ مع عريسها وبه، فيتسع قلبها بالحب لأخيها، وتشعر بالمسئولية نحوه، فتتبارك الأرض بسببها. ولعل الحقل يذكرنا باللقاء المملوء حبًا بين إسحق وعروسه رفقة، فقد خرج ليتأمل في الحقل عند إقبال المساء ورأى امرأته مقبلة على جمل... أما هي إذ رأته نزلت عن الجمل والتقت به... هنا العروس تشتاق أن تخرج معه إلى حقل التأملات، هناك يكشف لها عريسها السماوي أسراره الإلهية، وتدرك أمجاده التي لا يُنطق بها، يقبلها عروسه إلى الأبد وتعيش هي في أحضانه الأبدية. ولعل العروس تقصد بالحقل "حياة الجهاد المستمر"، إذ يقول سفر الأمثال: "من يشتغل بحقله يشبع خبزًا" (أم 12: 11)... فلا قدرة للنفس على الجهاد لتشبع ما لم يعمل الرب معها وفيها. |
|