القديس متى الإنجيلي

[Mary Naeem]

القديس متى الإنجيلي

من خلال قرأتنا للأنجيل المقدس ، نفهم أن متى هو أحد تلاميذ الرب يسوع المسيح له المجد الإثني عشر ، وكان عشاراً أسمهُ الأصلي ( لاوي بن حلفى ) ، وهو من مدينة الجليل ، وكان يمتهن مهنة الجباية ( جابي الضرائب ) في مدينة كفرناحوم ، وكان اليهود يكرهون مهنة الجباية ، لأنها تمثل السلطة الرومانية المستبدة التي كانت تستعمر بلادهم أنذاك ، وكان العشارين يستغلون هذه الظروف الخاصة لمصلحتهم الشخصية ، وحينما مَرَّ الرب يسوع من مكان الجباية في كفرناحوم ، رأى متى جالساً في مكانه وهو يمارس مهنته ، فدعاه الرب يسوع وقال له : إتبعني.
وللحال ترك كل شيء وتبع الرب يسوع ، إذ عملت نعمة الرب في قلبه ، وعمل وليمة كبيرة للرب يسوع في بيته ، ودعا أليها أصدقاؤه من الخطأة والعشارين ، ليختبروا بأنفسهم عذوبة إتباع السيد المسيح له المجد ، مما أثار غضب معلمي الشريعة واليهود على الرب يسوع ، متهمين أياه بمشاركته الخطاة والزناة والأكل معهم.
لازم القديس متى الرب يسوع له المجد عندما بدأ رسالته ، وسمع تعاليمه ، وشاهد عجائبه ، وعاين قيامته المجيدة ، وفي يوم الخمسين بعد قيامة الرب يسوع له المجد ، كان من ضمن التلاميذ الذين كانوا في العلية عندما حل روح القدس عليهم.
كتب القديس متى أنجيله باللغة الأرامية ، وبعدها ترجم الى اللغة اليونانية ، كَتب القديس متى الأنجيل بوحي من الروح القدس في فلسطين ما بين الأعوام ( 60 الى 65 ) ميلادية.
ومن خلال التعمق في كلام الرب الموحى للقديس متى المكتوب في أنجيله المقدس ، نفهم بأن الرب يوضح للليهود بأن المسيا الذي ينتظرونه كملك أرضي يقيم مملكته ويدحر المملكة الرومانية ، هو مفهوم خاطيء ، لذلك يعلن لهم بأن المسيا المنتظر قد جاء وصحح لهم مفهوم الملكوت المادي الذي كانوا قد ملكوه في أرض الميعاد ، وصعد الى السماء وأسس الملكوت السماوي ، لذلك يكرر في أنجيله كلمة ( أبن داؤد ) الذي خرج من سبط يهوذا.
ذكر القديس متى في أنجيله المقدس الموحى له ، حوالي 60 نبوة من العهد القديم ، ليشير الى أن النبوأت تحققت في المسيح يسوع له المجد ، ويشرح المفاهيم اليهودية من أسس الأعمال الصالحة مثل ( الصدقة ، الصلاة ، الصوم ) بطريقة مسيحية ، وأوضح أن الرب يسوع لم يحتقر العهد القديم بل أدخله الى كمال غايته.
كتب القديس متى أنجيله لليهود ، ولكنه لم يغفل الأمم حيث شرح بعض الألفاظ المعروفة عند اليهود مثل ( عمانوئيل ) الذي تفسيره الله معنا ، إن أنجيل متى هو أنجيل الملكوت ، الذي بدأ بمجيء الرب وسكن في قلوبنا ليعلن بكماله في مجيئه الثاني.
حين نفتح الكتاب المقدس نلاحظ أن أنجيل القديس متى وضع في بداية العهد الجديد ، ويرمز ذلك الى موضع خمسة أسفار موسى في العهد القديم فإن عظة المسيح على الجبل تقابل إعطاء الناموس من سيناء ويظهر لمن يقرأ جدول مواليد المسيح ، والإعلان ليوسف وزيارة المجوس التي كلها تختص بهذا الإنجيل إن النظام الجديد إنما هو تتميم للنظام القديم لا ناسخ له . ومما يؤكد ذلك العظة على الجبل والأمثال بخصوص ملكوت السموات والتنديد بالفريسيين والصدوقيين وإبراز النبوات العديدة من العهد القديم التي صرح بأنها قد تمت في الحوادث التي رافقت الرب يسوع له المجد.
ويذكر أن القديس متى كرز بالأنجيل في اليهودية وأثيوبيا وبلاد الفرس والبارثيين.