![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
![]() الرجاسات الوثنية 11 «اَلزِّنَى وَالْخَمْرُ وَالسُّلاَفَةُ تَخْلِبُ الْقَلْبَ. 12 شَعْبِي يَسْأَلُ خَشَبَهُ، وَعَصَاهُ تُخْبِرُهُ، لأَنَّ رُوحَ الزِّنَى قَدْ أَضَلَّهُمْ فَزَنَوْا مِنْ تَحْتِ إِلهِهِمْ. 13 يَذْبَحُونَ عَلَى رُؤُوسِ الْجِبَالِ، وَيُبَخِّرُونَ عَلَى التِّلاَلِ تَحْتَ الْبَلُّوطِ وَاللُّبْنَى وَالْبُطْمِ لأَنَّ ظِلَّهَا حَسَنٌ! لِذلِكَ تَزْنِي بَنَاتُكُمْ وَتَفْسِقُ كَنَّاتُكُمْ. 14 لاَ أُعَاقِبُ بَنَاتِكُمْ لأَنَّهُنَّ يَزْنِينَ، وَلاَ كَنَّاتِكُمْ لأَنَّهُنَّ يَفْسِقْنَ. لأَنَّهُمْ يَعْتَزِلُونَ مَعَ الزَّانِيَاتِ وَيَذْبَحُونَ مَعَ النَّاذِرَاتِ الزِّنَى. وَشَعْبٌ لاَ يَعْقِلُ يُصْرَعُ. 15 «إِنْ كُنْتَ أَنْتَ زَانِيًا يَا إِسْرَائِيلُ فَلاَ يَأْثَمُ يَهُوذَا. وَلاَ تَأْتُوا إِلَى الْجِلْجَالِ وَلاَ تَصْعَدُوا إِلَى بَيْتِ آوَنَ وَلاَ تَحْلِفُوا: حَيٌّ هُوَ الرَّبُّ. 16 إِنَّهُ قَدْ جَمَحَ إِسْرَائِيلُ كَبَقَرَةٍ جَامِحَةٍ. اَلآنَ يَرْعَاهُمُ الرَّبُّ كَخَرُوفٍ فِي مَكَانٍ وَاسِعٍ. 17 أَفْرَايِمُ مُوثَقٌ بِالأَصْنَامِ. اتْرُكُوهُ. 18 مَتَى انْتَهَتْ مُنَادَمَتُهُمْ زَنَوْا زِنًى. أَحَبَّ مَجَانُّهَا، أَحَبُّوا الْهَوَانَ. 19 قَدْ صَرَّتْهَا الرِّيحُ فِي أَجْنِحَتِهَا، وَخَجِلُوا مِنْ ذَبَائِحِهِمْ. بعد إعلانه محاكمة كل بني إسرائيل، خاصة القيادات الدينية، يكشف عن الرجاسات التي سقط الكل فيها: أولًا: "الزنا والخمر والسلافة تخلب القلب" [ع11]. انحرافهم عن عبادة الله إلى عبادة البعل علته الملذات الجسدية، وكما يقول القديس أغسطينوس أن وراء كل إلحاد شهوة. فشهوات الجسد إن تُركت بلا ضابط تفسد القلب، وتقتل فيه كل حنين نحو الله كعريس للنفس، فيلجأ الإنسان إلى الهروب من الله حاسبًا إياه كاتمًا لأنفاسه ومحطمًا لشخصيته. ثانيًا: إذ يترك الإنسان نفسه للتمتع بالملذات الجسدية بغير ضابط ينحدر إلى تصرفات غير لائقة ولا مقبولة مثل أعمال السحر التي ارتبطت في ذلك الحين بعبادة البعل. يقول الله: "شعبي يسأل خشبة (ربما تمثال البعل الخشبي) وعصاة تخبره". عوض الالتجاء إلى الرب إلههم يسألونه المشورة صاروا يلجأون إلى تمثال البعل وأعمال السحر لتحدد لهم الطريق وتكشف لهم المستقبل. إن كل من يترك كلمة الله ويلجأ إلى العالم والبشريّة يكون كمن يستشير الخشبة ويسأل العصا. ثالثًا: اندفاعهم في العبادة الوثنية؛ يقدمون الذبائح على رؤوس الجبال والبخور على التلال، وتحت أشجار البلوط واللبني والبطم لأن ظلها حسن [ع13]. لقد ضم إسرائيل جبالًا كان يجب أن تكون مقدسة (إر 31: 23) يهرب إليها الراغبون في الخلاص (تك 19: 17)، عليها يأتي العريس السماوي طافِرًا (نش 2: 8)، وعليها تقام مدينة أورشليم (مت 5: 14) فلا يمكن أن تختفي، وإليها يصعد السيد المسيح (يو 6: 3)، فتقطر عصيرًا روحيًا لا ينقطع (يؤ 3: 18). هذه الجبال الجبارة تحولت لحساب إبليس، فأُقيم عليها المذابح الدنسة. وكما ضم إسرائيل جبالًا جبارة تحولت لحساب البعل، هكذا ضم أيضًا نفوسًا أصغر هي تلال كان يليق أن يأتي عليها السيد المسيح طافرًا (نش 2: 8)، هذه أيضًا فسدت فحملت رائحة بخور دنس. ما أقوله عن الجبال والتلال أكرره عن أشجار الْبَلُّوطِ وَاللُّبْنَى وَالْبُطْمِ، هذه التي عوض أن تمجد الله صارت مراكز لحساب مملكة الظلمة. على أيّ الأحوال اختار اليهود الأماكن العالية كقمم الجبال ورؤوس التلال لا ليرتفعوا بفكرهم خلالها عن الأرضيات وإنما ليظنوا أنهم قد اقتربوا إلى السماء، فإذا بهم ينحطون إلى الهاوية. واختاروا الأشجار الكثيفة ظنًا منهم أنها تساعدهم على التأملات الروحيّة، عوض الالتجاء إلى ظل الصليب والراحة في الجنب المطعون. أخيرًا يقدم لنا صورة بشعة عن انتشار الزنا في حياتهم، معطيًا لنا ملامح لحياتهم الدنسة هي: ا. كان يرتكب هذه الخطية البنات غير المتزوجات والكِنَّات (زوجات الأبناء) المتزوجات. وكأن الخطية قد صارت عامة اتسم بها جنس النساء، فلا تخجل الفتاة غير المتزوجة من ارتكابه، ولا تستحي الكِنة المتزوجة منه. ب. كأن الله قد يئس منهن، فقد ارتكبن الخطية لا عن ضعف، ولا خلال جهادهن إنما كن يصنعن الشر بصورة مستمرة بغير حياء وبإرادتهن، لذا يرفض الله تأديبهن، وهذه هي أمر عقوبة يسقط تحتها الإنسان، أن يُحرم من أبوة الله خلال امتناع الله عن تأديبه، إذ يقول: "لا أعاقب بناتكم لأنهن يزنين ولا كناتكم لأنهن يفسقن" [ع14] وكما يقول الأب ثيؤدور: [إنه يشبه الطبيب الحاذق الذي استخدم كل وسائل العلاج ولم يعد هناك دواء يمكن استخدامه. لقد غُلب الله من ظلمهم وأُجبر على الكف عن تأديباته الرقيقة، فاضحًا إياهم، قائلًا: "وأحلّ غضبي بك فتنصرف غيرتي عنكِ وأسكن ولا أغضب بعد" (حز 16: 42).] ويقول القديس جيروم: [سعيد هو الإنسان الذي يُؤدَّب في هذه الحياة لأن الله لا يؤدِّب على أمر واحد مرتين (نا 1: 9 الترجمة السبعينية). يا لعظم سخط الرب عندما لا يغضب علينا هنا، فإنه بهذا يحفظنا كثور للذبح. في الحقيقة يقول لأورشليم أن خطاياها كثيرة وشرورها عظيمة لذا تنصرف غيرته عنها ولا يغضب بعد عليها (حز 16: 42). وبتعبير آخر يقول: "عندما كنتِ مجرد زانية أحببتكِ وكنتُ أغير عليكِ، لكن إذ صار لكِ محبون كثيرون اِزدريت بكِ فلا أغير ولا أغضب بعد. بنفس المعنى إذ يحب الرجل امرأته يغير عليها لكنه متى أبغضها لا يقول مع الله "اَفتقد بعصا معصيتهم" (مز 89: 34)، إنما يقول: "لا أعاقب بناتكم أنهن يزنين" (ع14)] ج. أن ما تفعله البنات والنساء هو ثمر طبيعي لبشاعة ما يفعله الرجال، قائلًا: "لأنهم يعتزلون مع الزانيات ويذبحون مع الناذرات الزنى، وشعب لا يعقل يصرع" [ع14]. فإن كان الرجال والشبان يذهبون إلى مذابح البعل المنتشرة في كل البلاد ويعتزلون مع الزانيات مقدّمين ذبائح شر مع الكاهنات الناذرات حياتهن للفساد لحساب البعل، فيسلك هؤلاء الرجال بغير تعقل ويُصرعون أمام الدنس أو يسقطون تحت الخطية، لذلك أسلم الله نساءهم وبناتهم لهذه الشهوات، إذ يقول: "لذلك تزني بناتكم وتفسق كناتكم" [ع13]. هكذا يؤدب الله الزناة بمرارة ليدركوا بشاعة تصرفاتهم، كما سبق فعاقب داود بتدنيس سراريه (2 صم 2: 11). |
|