رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الأمانة في الصداقة الحقيقية والعمل يسند المديح الضعفاء ويشجعهم، حتى لا يسقطوا في اليأس ويفشلوا، إلا أنه إذا صدرت كلمات المديح بقصد المداهنة تضر مقدمها كما تضر المستمع إليها (أم 26: 28). فالمداهنة ليست حبًا صادقًا ومخلصًا، بل هي شبكة لاصطياد النفوس. تقدم الأمانة الصداقة الحقيقية المملوءة حبًا، فأحيانًا تسبب جراحات للصديق، لكنها تقدم الحب الممتزج بالحق (أف 4: 15)، وهي أفضل من قبلات العدو (أم 27: 6؛ 2 صم 20: 9-10؛ مت 26: 48-50) التي تقوم على الخداع والحسد. هنا يسألنا سليمان الحكيم عن إخلاصنا لأصدقائنا، يجب علينا مراعاة عائلاتنا وجيراننا وأصدقائنا القدامى، كما يدعونا للأمانة في العمل، وتشجيع أصدقائنا عليه، ما دام نجاحهم يشغلنا. يعالج الحكيم هنا الأمور التالية: الحكمة واللحظة الحاضرة لاَ تَفْتَخِرْ بِالْغَدِ، لأَنَّكَ لاَ تَعْلَمُ مَاذَا يَلِدُهُ يَوْمٌ [1]. قد عبر الماضي ولن يعود، والمستقبل لا ندري إن كان يحل بنا في هذا العالم أو نعبر نحن قبل حلوله، أما اللحظة التي نعيشها فهي ملكنا. خلال الحاضر ننتفع بالماضي بأموره الصالحة كما بأخطائنا، وخلاله نعمل لحساب المستقبل سواء وُجدنا في هذا العالم أو العالم الآخر. بهذا نفتخر باليوم الحاضر ونقدسه للرب، ونعيش مع كل لحظة من لحظات حياتنا متهللين. بالتعود على التأجيل للغد غالبًا ما لا يأتي هذا الغد الذي نعمل فيه، لأنه مع كل غد نؤجل للغد الذي يليه. يقول البعض: "التأجيل للغد لص يسرق من الإنسان حياته". يدعونا الكتاب المقدس إلى عدم التأجيل، خاصة بالنسبة لخلاص نفوسنا: "هوذا الآن وقت مقبول، هوذا الآن يوم خلاص" (2 كو 6: 2). "إن سمعتم صوته، فلا تقسوا قلوبكم" (عب 3: 7-8). لقد ارتعب فيلكس الوالي حين سمع بولس يتكلم عن البرّ والتعفف والدينونة العتيدة أن تكون، وعوض أن يأخذ قراره بالتوبة، قال: "أما الآن فاذهب، ومتى حصلت على وقت أستدعيك" (أع 24: 25)، ولم يحصل فيلكس على وقت ليستدعيه حتى مات. من يسلك في طريق التأجيل للغد لن يبلغ إلى مسكن يستقر فيه. * ليتنا لا نؤجل للغد، فإننا لا نعلم ماذا يلده اليوم التالي. ولا نقل: "سنغلب هذه العادة شيئًا فشيئًا"، إذ هذا الشيء لن يأتي إلى نهاية. لهذا لكي نبطل هذا العذر لنقل: "إن لم نُصلح ممارسة القَسَم اليوم، لن نؤجل إلى ما بعد ذلك، حيث ربوات الأمور تضغط علينا. إذ بالضرورة سنموت، وسنُعاقب، وسنفقد كل ما لدينا. لا نعطي للشيطان الانتفاع بتسكعنا، ولا بممارسة التأخير"، فإن كان الرب يعرف نفسك ملتهبة، فهو نفسه أيضًا يمد يد المساعدة ليغير حياتك. القديس يوحنا الذهبي الفم عندما يقبرك المساء يبعثك الصباح. إنها تميتك يوميًا لتعلم أنك ستموت. * هربت منك حياة الأمس، وها هي حياة اليوم سريعة الزوال. إن كنت يقظًا أو نائمًا فالليل لا يقف عن مسيرته، والنهار لا يهدأ من تكميل مسيرة دربه. حياتك هذه تُنهب، فانهب أنت منها الفائدة. لا تعتمد على الصباح لكونه منيرًا، إن لم يكن فكرك مستنيرًا بالله لكي يشرق. لا تفكر بأن المساء للراحة، ما دامت نفسك معذبة بآلام الشرور. * كما طردت التوبة بحجج مختلفة إلى الآن، أيقظ إرادتك لتطرد الخطية يومًا بعد يومٍ، إلى أن يلتقي بك النصر كالثروة بالمسكين. * أرضِ الله كما أرضيت العالم. اغتنِ بالفقر، كما افتقرت بالغنى. فتش عن التجرد كما فتشت عن المقتنيات. أخرج عقلك من العالم، ووجهه إلى الله، كما أخرجت نفسك من عند الله وراء العالم. * إلى اليوم لم تكن ملكًا لنفسك، بل عبدًا للعالم. كن ملكًا لنفسك، واخدمها. * لو سرقك لص لولولت، بينما تُسرق حياتك من حياة الله ولا تتألم عليها. (الرسالة الثالثة والأربعون) القديس يعقوب السروجي الأب قيصريوس أسقف آرل |
|