رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
"حماقة الرجل تعوِّج طريقه، وعلى الرب يحنق قلبه" [ع 3]. التجرد من الحكمة السماوية يدخل بالإنسان إلى الطريق المعوج، وفي اعتداده برأيه وتثبته بفكره يحنق قلبه على الرب نفسه. المثل الواضح في هذا شاول الطرسوسي، فقد تربى على يديّ غمالائيل معلم الناموس، وكان فريسيًا غيورًا على تقليدات آبائه وكرامة شعبه وحفظ الناموس، يحسب نفسه ربما أبرّ رجل في العالم بعد معلمه، لكن في جهالة جدف على الله، واضطهد كنيسة المسيح، وافترى على المؤمنين، كما اعترف بنفسه فيما بعد. * عندما يسمعون المسيح يعلن في الإنجيل: "تعالوا إليَّ يا جميع المُتعَبين والثقيلي الأحمال وأنا أريحكم"، للحال يلقون عنهم ثقل خطاياهم، ويتحققون ما قد جاء بعد ذلك: "لأن نيري هيّن وحملي خفيف" (مت 11: 28، 30). إذن طريق الرب مريح لمن يحفظ وصيته. لكننا إذا كنا ببعض السهو المتعب نجلب لأنفسنا أحزانًا وأتعابًا فإننا نبذل جهدًا عظيمًا تابعين طريقًا معوجًا لحفظ وصايا العالم، وفي هذا الطريق نجعل نير المسيح ثقيلًا وحمله صعبًا، وذلك كقول العبارة: "حماقة الرجل تعوّج طريقهُ وعلى الرب يحنق قلبهُ" (أم 19: 3). وإذ يقال "ليست طريق الرب مستوية" يجيب "أَطريقي هي غير مستوية؟ أَليست طرقكم غير مستوية؟!" (حز 18: 25). في الحقيقة تستطيع أن تتبين كيف أن نير المسيح أسهل، وحمله أخف جدًا إذا ما قارنت زهرة البتولية الحلوة العطرة الرائحة، ونقاوة الطهارة بالنسبة لحمأة الشهوة الدنسة الكريهة الرائحة، وقارنت هدوء الرهبان وسكونهم وابتعادهم عن المخاطر والخسائر التي تشغل أذهان الناس في العالم، باهتمامات الغنى واضطراباته القارضة المملوءة قلقًا... الأب إبراهيم علينا أن نقول للغضوبين إنهم عندما يهملون تطهير أرواحهم يندفعون بتهورٍ إلى أخطاءِ كثيرة حتى التي لا يقصدونها، لأنه من الواضح أن التهور يدفع الذهن إلى حيث لا يشاء أو يرغب. في مثل هذه الحالة الذين يسقطون في التهور يقومون بأفعال لا يدركون منتهاها، وسيندمون عليها عند الإقرار بفعلها. وعندما يتصرف غير الحلماء تحت تأثير العواطف يفعلون ذلك على عكس طبيعتهم، وبالكاد يدركون الخطأ الذي ارتكبوه. وعندما لا يقاومون الاضطرابات العقلية يقلبون الأمور الخيِّرة التي كان يمكن أن يفعلوها في حالة صفاء الذهن. وبالانفعال الفجائي يهدمون ما قد شيدوه بالعمل المتواصل الممتد. وحتى فضيلة المحبة، وهي أمٌ لكل الفضائل، تتوارى بسبب الغضب، لأنه مكتوب: "المحبة تتأنى وترفق." (1 كو 13: 4) لذلك إن اِنعدمت المحبة انتفى الحلم. وبسبب عدم الحلم، يتلاشى التعليم الذي هو تمريض للفضائل، فالكتاب يقول: "تَعَقُّلُ الإنسان يُبطئُ غَضَبَهُ" (أم 19: 11). فبقدر ما يفتقر الإنسان إلى الحلم، بقدر ما يبدو وكأنه يضيق بالتعليم وهو لا يستطيع في الحقيقة أن يقتني ما هو صالح بالتعليم إنْ كان لم يتعلم في حياته الخاصة كيف يحتمل شرور الآخرين بهدوء بالٍ وسكينة. البابا غريغوريوس (الكبير) |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
يطلب من الله أن يهبه الحكمة السماوية ليتكلم عن الحكمة |
الحكمة السماوية |
الحكمة السمائية |
الحكمة السمائية |
الحكمة السماوية |