رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
أرسل مَلِكُ أَرَامَ رئيس جيشه؛ نُعْمَان إلى مَلِك إسرائيل ليشفيه مِن بَرَصِهِ، الأمر الذي اعتبره مَلِكُ إسرائيل تحرشًا به وبشعبه، حتى أنه مزَّق ثيابه. إلا أن أليشع تدخل واستخدمه الرب في تطهير نُعْمَان مِن بَرَصِهِ (٢مل٥)، ولكننا بعد ذلك نجد مَلِك أَرَامَ يُرسل جنوده ليتربصوا بمَلِك إسرائيل أثناء تحركاته، إلا أنه في كل مرة كان الأراميون يكمنون لاصطياد مَلِك إسرائيل، كان أليشع يُحذِّره، فكان يمتنع عن الخروج. وعلم مَلِكُ أَرَامَ أن أليشع هو الذي يفشي أسراره ويعلم بكل مكائده، فإذ به يُرسل جيشًا ثقيلاً ليُمسك به. ولكن بدلاً من أن يُمسكوا أليشع، أمسكهم هو، وساقهم إلى السامرة بعد أن ضربهم بالعمى، وعندما انفتحت عيونهم وجدوا أنفسهم محاطين بجيش مَلِك إسرائيل، والذي طلب من أليشع أن يضربهم، غير أن أليشع لم يرفض فقط أن يضرب مَلِك إسرائيل جيش مَلِك أَرَامَ، بل طلب منه أن يُوْلَم لَهُمْ وَلِيمَةً عَظِيمَةً، ثم يُرجعهم سَالمين إلى سَيِّدِهِمْ مَلِك أَرَامَ! كيف فعل أليشع ذلك؟! وكيف أظهر هذا الكم من الصَّفْح والتَسَامُح لأناس يضمرون له شرًّا لا خيرًا؟! بل كيف يُظهر هذه الروح الرائعة تُجاه مَلِك أقل ما يُقال عنه إنه شريرٌ جدًّا؟ ولكي نستوعب ما فعله رجل الله أليشع دعونا نستعرض معًا صفات هذا الملك الشرير، الذي تصرف معه أليشع بمثل هذا النبل: (١) لا يُقدِّر الجميل: كم أتعجب من مَلِك يُقابل الخير بالإساءة! أَلم يُرسل قائد جيشه مريضًا بمرض عضال وهو الْبَرَص، وها قد رجع له مُعافى تمامًا، حتى أن لحمه الذي كان متآكلاً ومشوهًا، صار كلحم صبي صغير! وبدلاً من أن يشعر بالامتنان والشكر تجاه مَن كانوا واسطة في ذلك، نجده يُحاول أكثر من مره أن يبطش بمَلِك إسرائيل، بل نجده يحاول أن ينال من أليشع نفسه؟ إننا إزاء فِعْلَهُ هذا لا يسعنا سوى أن نردد مقولة داود عن شاول: «مِنَ الأَشْرَارِ يَخْرُجُ شَرٌّ» (١صم٢٤: ١٣)! (٢) مُخادع ومُراوغ: إن تصرف الملوك ينبغي أن يتَّصف بالصراحة والمواجهة، لا الخداع والمُراوغة. فكان أجدر به أن يُظهر مشاعره بوضوح لمَلِك إسرائيل، ويُنازله في حرب صريحة كما يفعل الملوك الشرفاء، غير أنه لم يفعل ذلك، بل لجأ إلى أسلوب سَيِّده، أعني الشيطان، والذي هو أول من اتَّبع أسلوب المُراوغة والخداع مع أبوينا في الجنة!! (٣) عنيد ومُتصلف لدرجة الغباء: كم أتعجب من عناده غير المنطقي، فعندما يحاول الإنسان في أمر ما ويفشل فيه تمامًا، عليه أن يُعيد حساباته ويُراجع نفسه، لا أن يعود ويفعل ذات الأمر وهو متوقع الفشل قبل النجاح؟! لقد فشل في أن ينال بمَلِك إسرائيل إذ علم أن أليشع يعرف أفكاره حتى وهو في مخدعه، فبالتالي سيعرف أليشع أنك سترسل جيشًا إليه كي يمسكوه؟! فالذي أحبط كل خططك تجاه ملك إسرائيل حتمًا سيُحبط خططك تجاه محاولتك الإمساك به! (٤) مُتهور لحد الحماقة: كان يعلم أن ما ينوي فعله غير مضمون العواقب، فرغم أنه يريد أن يمسك رجلاً واحدًا أعزل متواجد في مدينة غير حصينة بلا أسوار ”دُوثَانَ“، «أَرْسَلَ إِلَى هُنَاكَ خَيْلاً وَمَرْكَبَاتٍ وَجَيْشًا ثَقِيلاً، وَجَاءُوا لَيْلاً وَأَحَاطُوا بِالْمَدِينَةِ» (٢مل٦: ١٤)! لقد كان يُدرك أن أليشع رجل غير عادي، وأنه صاحب عجائب، ليس فقط يعلم الغيب، بل أيضًا يصنع معجزات. وها قائد جيشه نُعْمَان خير دليل على ذلك. إلا أننا نراه بحماقة تهوره يُرسل جيشًا ليمسك أليشع؟! |
|