رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
مريم المجدلية وجدته فما عرفته إنّه لأمرٌ غريب. يسوع بقربها فتراه ولا تعرفه بل تظنّ لأوّل وهلة أنه البستاني. نعم هذا ما حدث. وسرعان ما يزول العجب حين تعرف السبب.. (1) الظلام: "جاءت.. إلى القبر باكراً والظلام باقٍ".. وهل يستطيع من في الظلام أن يتبيّن الأمور على حقيقتها؟ فمع أنّها كانت قد عاشت مع يسوع وعرفته جيداً، إلاّ أنّ الظلام هذه المرة وقف حائلاً بينها وبينه. فلم تعرفه والذي يعيش في الظلام لا يمكن أن يرى يسوع، ذلك لأنّ يسوع نور، ومن يسلك في الظلمة يبغض النور ولا يقبل إلى النور لئلاّ توبّخ أعماله. وهذا يعني أنّ الذين يعيشون في الظلمة هم تحت سلطان رئيس الظلمة، أي إبليس. (2) الدموع: "كانت واقفةً عند القبر خارجاً تبكي" بكت لدرجة أنّ العبرات التي سكبتها أمست كغشاءٍ على عينيها. فلم تعد الرؤية واضحةً لناظريها. لأنّ الصور، والحالة هذه، تظهر وكأنها تتراقص وتهتزّ. فلا يعود الناظر يرى الشيء على صحّته. وهكذا لم تعرف يسوع. ألا يخبرنا الكتاب يا ترى أنّ رئيس هذا الدهر يضع غشاءً بل برقعاً بل حجاباً كثيفاً على عيون الناس لكي لا يروا الحقّ (كورنثوس الثانية 4:4). إنّ الذين يرغبون في رؤية يسوع وجمال يسوع ومجد يسوع وخلاص يسوع يجب أن يطلبوا إليه أن يزيل تلك الغشاوة عن عيونهم. (3) الانحناء: "انحنت إلى القبر" وما عسى المنحني أن يرى! فعيناه لا تقعان إلاّ على رقعة ضيّقة من الأرض. ومهما يكن الشيء الذي يراه قيماً فإنه لن يغنيه عن يسوع. عندما انحنت مريم إلى القبر رأت ملاكين.. ومع هذا بقيت تبكي. ذلك لأنّ رؤية الملائكة شيء ورؤية السيّد شيء آخر. منظر الملائكة جميل لكنّ الذي يشبع فراغ القلب وشوق القلب إنّما هو يسوع الذي هو أبرع جمالاً من كلّ اللائكة والبشر. ما أكثر المنحنين في عصرنا الحاضر! نظراتهم أرضية أفكارهم أرضية، ميولهم أرضية اهتماماتهم أرضية. كلّهم إلى أسفل ومصيرهم أيضاً ـ إن لم يقوّمهم يسوع ـ إلى أسفل.. إلى الهلاك. (4) "التفتت إلى الوراء فنظرت يسوع" هذا يعني أنّ ظهرها كان نحو المسيح. مع أنها التفتت ونظرت يسوع واقفاً فلم تعلم أنه يسوع. لأنّ النظرة كانت سطحية عابرة غير مركّزة. ليس مركز يسوع في المؤخّرة وراءنا بل في الطليعة أمامنا. لكنّ الشيء الذي يُؤسف له حقاً هو أنّ الأكثرية الساحقة من الناس قد أداروا القفا للربّ وهم يسلكون حسب شهوات أنفسهم. إنّ هؤلاء بأشدّ الحاجة إلى التوبة والرّجوع إلى الربّ. وما التوبة سوى تغيير الوقفة والموقف من الربّ يسوع المسيح. وبعبارة أخرى هي تحويل القفا للعالم والخطيّة والشيطان وتثبيت الوجه نحو المخلّص. |
|