رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
لم يكن يتوقع شعب الله أنه يُسبى، وحين سُبيت إسرائيل أو مملكة الشمال ظنت مملكة يهوذا أنها لن تُسبى لأنها تحتضن هيكل الرب في أورشليم مدينة الله. لكن سُبيت يهوذا وانهارت أورشليم بالهيكل الذي دنسوه بالعبادة الوثنية والرجاسات كما جاء في حزقيال وإرميا، وظن المسبيون أنها ربما شهور قليلة ويتدخل الله ليحررهم، لكن عبرت الشهور والسنوات تلو السنوات، فظن الشعب أن الله قد نسيه، وشعر الكل بالعزلة والحرمان والترك. هذا ما عبّر عنه النبي هنا هكذا: "وقالت صهيون قد تركني الرب وسيدي نسيني" [14]. هذا الشعور بالعزلة هو ثمرة طبيعية يُعاني منها غالبية البشر أن لم يكن جميعهم في بعض اللحظات. فالإنسان في وقت التجربة يشعر نفسه وحيدًا، ليس من يشاركه مشاعره وأحاسيسه ولا من يلمس مرارته الداخلية. يشتكي علماء النفس من هذا المرض "الشعور بالعزلة" بكونه مرضًا يكاد يكون عامًا خاصة بين المراهقين، حين يدركون أن أقرب من لهم لا يقدر أن يتفهم حقيقة عالمهم الداخلي ومشاعرهم الخفية. علاج هذا المرض هو الالتقاء بالمخلص، الذي وحده يقدر أن يدخل إلى الأعماق ويقيم علَمَه محبة، يعلن بصليبه صداقة فريدة شخصية خلالها نتمتع بحب إلهي فائق واتحاد مع الله لا يقدر الزمن ولا تستطيع الأحداث أن تُحطمه. بالصليب ضم الله البشرية إليه كعروس سماوية مقدسة لا يفارقها عريسها السماوي، عوض الشعور بالترك. والعجيب أن المخلص نفسه صرخ على الصليب قائلًا: "الوي الوي لماذا تركتني؟!" (مر 16: 34). كأنه كممثل للبشرية ونائب عنها يعلن عن موقفنا كمتروكين ومحرومين! صار بالصليب كمن هو متروك لكي ينزع عنا الشعور بالحرمان والترك ويردنا إلى الأحضان الإلهية عروسًا مقدسة! |
|