"صوت صارخ في البرية" [3]، يدوي في البرية هذه الحياة القاحلة، إذ لا تحمل في داخلها شجرة الحياة كما في الفردوس الأول؛ جاء يعلن عن السيد المسيح شجرة الحياة التي تُغرس في برية طبيعتنا ليقيم منها فردوسًا مثمرًا بحلوله فينا.
بهذا المعنى يقول : [قبل أن يُقيم ابن الله أعضاء الكنيسة بدأ عمله في خادمه يوحنا، لهذا وأخطر القديس لوقا (لو 3: 2) كلمة الله حالًا على يوحنا بن زكريا في البرية... تحقق هذا في البرية الموحشة، لأن بني المستوحشة أكثر من التي لها أولاد (إش 54: 1)، وقد قيل لها: "افرحي أيتها العاقر التي لم تلد" (إش 54: 1)... إذ لم تكن بعد قد زُرعت وسط الشعوب الغريبة... ولم يكن بعد قد جاء ذاك الذي قال: "أما أنا فزيتونة مخصبة في بيت الله" (مز 52: 8)، ولم يكن قد وهب الكرام السماوي للأغصان ثمرًا (يو 15: 1). إذن فقد رّن الصوت لكي تنتج البرية ثمارًا].
القديس أمبروسيوس