منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 17 - 09 - 2012, 12:23 PM
الصورة الرمزية محتاجه لايدك ياربى
 
محتاجه لايدك ياربى Female
..::| VIP |::..

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  محتاجه لايدك ياربى غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 31
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : مصــر
المشاركـــــــات : 13,976


بعيدا عن اللـــــــه!!
للراهب كاراس المحرقى

وهكذا ابتعد الإنسان بسقوطه عن الله، ودخل في دائرة العيب، لقد انهار البار روحيّاً وجسديّاً وأخلاقيّاً... وأصبح خاضعاً للحزن والألم والمرض... صار فرح المرأة بالولادة ممزوجاً بألم المخاض! في لحظة يترنح بين الخير والشر، النور والظلمة، الحق والباطل.. وأصبحت طبيعته تتنازعها الأهواء وتتقاذفها الشهوات..

وكما يقول القديس باسيليوس الكبير:

" إنَّ السعادة في هذا العالم دائماً ممزوجة بالألم، الزواج مع الترمل، الولادة مع الموت، الشرف مع العار، الصحة مع المرض... "

وإن كنَّا في حاجة إلى الإرادة، إلاَّ أنَّ الإرادة التي كانت سلاحاً قلّدنا الله إياه، لكي نشق الطريق نحوه بكل محبة وحرية، صارت سلاحاً نطعن به أنفسنا، نغمده في صدورنا، وندمي به قلوبنا وقلوب غيرنا، فالإرادة مَرَضتْ وأصبحنا نرى لها أشكالاً كثيرة منها: الضعيفة، الذليلة، الفاترة..

كما صار الإنسان بعد السقوط خاضعاً للاختلال الداخليّ، منقسماً على ذاته بل عدواً لذاته!! الخليقـة انفصمت وانقسم كل شيء في داخلها، والإنسان نفسه صار يحمل الثنائية في أعماقه، وبعدم رجوعه إلى الله أصبح أنانيّاً، وإن كان قادراً على الاختيار الحر، إلاَّ أنَّه عملياً: " لَسْتُ أَعْرِفُ مَا أَنَا أَفْعَلُهُ إِذْ لَسْتُ أَفْعَلُ مَا أُرِيدُهُ بَلْ مَا أُبْغِضُهُ فَإِيَّاهُ أَفْعَلُ " (رو15:7).

ألم يفقد الإنسان شفافيّته وعلاقة المحبّة والأُلفة والصداقة بالله والناس..؟! وقد حلّ الغموض والخوف وحُب الذات والانطواء على النفس، الذي يدفع بالإنسان إلى البحث عن صورته في صورة الآخر، بدلاً من أن يعكس له وجه الآخر صورة الله! وهكذا عاش الإنسان في غربة نفسية مريرة، وأخيراً وصلت الغربة بالإنسان إلي حد قتل أخاه كما فعل قايين بأخيه هابيل!!

قبل الخطية لم يكن العُري مدعاة للخجل، لأنَّ البراءة كانت كساءً والحُب رداءً، أمّا بعد السقوط فأصبح العُري مشكلة إذ يُربك العلاقات الإنسانية، ويدفع البشر إلى بناء حواجز دفاعيّة وانتحال أقنعة لستر ضعفاتهم، ولم يقتصر العُري على البعد الجنسيّ، بل امتد ليشمل كل الإنسان، وكنتيجة للشعور بالذنب والنقص والأنانية.. صار الإنسان يحيا في قلق، والغريب أنَّه لم يعد يخشى الآخرين فقط، بل صار يخشى ذاته ويرفضها ويكرهها..! وهذا إن دلّ فإنَّما يدل على التشوّه الذي قد أصاب البشر!

وهكذا تشوّهت الميول والطبائع، وتعددت الرغبات والاتّجاهات، وساد الكذب والتبرير كما حدث مع آدم عندما اتّهم امرأته وقد مس اتهامه الله ذاته: " الْمَرْأَةُ الَّتِي جَعَلْتَهَا مَعِي هِيَ أَعْطَتْنِي مِنَ الشَّجَرَةِ فَأَكَلْتُ " وحواء اتّهمت الحيّة "الْحَيَّةُ غَرَّتْنِي فَأَكَلْتُ" (تك12:3،13)، فحين لا يعترف الإنسان بخطيته سوف يُلقي تبعتها بالضرورة على الآخر، والباحث باستمرار عن القذى في عين أخيه، هو المتعامي عن الخشبة التي في عينيه (مت3:7-5 ).

وتمتد عواقب الخطية لتشمل وظائف الرجل والمرأة، فالمرأة تتألم في حبلها وولادتها " تَكْثِيراً أُكَثِّرُ أَتْعَابَ حَبَلِكِ بِالْوَجَعِ تَلِدِينَ أَوْلاَداً "، وعلاقتها بالرجل أصبحت علاقة انقياد وسيطرة " وَإِلَى رَجُلِكِ اشتياقك يَكُونُ وَهُوَ يَسُودُ عَلَيْكِ " (تك16:3).

ومن علماء النفس من يرون أنَّ سبب ضياع مرضاهم، هو رفضهم ما قدمته المسيحية من تعاليم سامية، ويؤكدون أنَّه لا يستطيع أحد منهم أن يشفى، إلاَّ إذا استعاد روحيّاته التي فقدها بسبب بعده عن الله.
فإن أردتَ الشفاء، الراحة، السلام... إن أردتَ السعادة فعليك أن تبحث عن مصدرها، لا بالعقل فقط بل بالروح والحق، أقول هذا لأنَّ كثيرين يعترفون بوجود الله، ولكنَّ الأكثرية يتَّخذون من الله موقف اللامبالاة! ويرفضون الشعائر الدينية! حتى أصبح الدين عند كثير من الشباب الغربيّ، يأتي في المرتبة الأخيرة بعد الديمقراطية، والمساواة، وحقوق الإنسان، والسلام، والمحافظة على البيئة، والرفق بالحيوان، والحرية الشخصية..

هذا وقد أثبتت تقارير للأمم المتحدة، أنَّ نسبة الذين لا ينتمون إلى الدين في الغرب في تزايد مستمر، ومن الملاحظ أنَّ هذه الظاهرة يُعادلها ازدياد في الجرائم بشتّى أنواعها.. ولكن هذا ليس بغريب فحيث لا مرجعية للسلوك البشريّ، هناك التدهور في كل المجالات، وهذا ما نشهده اليوم بكل وضوح، فحالات الطلاق في تزايد، ومعدلات الإجهاض ارتفعت، والعلاقات الجنسية قبل الزواج انتشرت، وأصبح للشذوذ الجنسيّ دُعاته، وانهار الزواج، وتفككت الأُسر، وتشتت الأولاد، وتنامى العنف وتعاطي المخدرات، ونشأ الإرهاب، وعمّت الفوضى، واتخذ الناس الذهب إلهاً، والبورصة معبداً... والعجيب أنَّ الإنسان وسط هذه النيران يبحث عن السعادة! فهل يمكن أن نُقيم نظرية متكاملة عن السعادة خاليّة من النبض الإلهيّ؟!

أمثال هؤلاء أشبه بأُناس يطيرون في الهواء، وهم يحملون مظلة ولكنّهم لا يفتحونها! تُرى ماذا ستكون نهايتهم؟! أعتقد أنَّ الإنسان اليوم يفتقر إلى الاستقرار، ويشتاق إلى الفرح.. وإن كان يدّعى السعادة فهو يتوهّم! ويُعلن أنَّه لا يشعر ولا يُفكر ولا يُحب.. ورغم أنَّ الحكمة تقتضي أن ننظر إلى السابقين ونستفيد من أخطائهم، إلاَّ أنَّ عجلة التقدم لازالت تُسرع الخُطى، وأصبح الإنسان مثل تُرس صغير في آلة الحياة الكُبرى، فقد أصبح سلوكه آليّاً! والنتيجة تردده بكثرة على المستشفيات النفسيّة.

دعنا بهدوء نتساءل: ما قيمة حياة خالية من الله؟! هل يكفي النجاح أو الثروة أو الشهرة.. أعتقد أنَّ الحياة بدون الله فارغة وتعيسة وخالية من كل معنى، فنحن خرجنا من الله وستظل أرواحنا هائمة إلى أن تلتقي بالله كما قال القديس أُغسطينوس، فإن لم يتطلّع الإنسان إلى الله، فإنَّه لن يصبح في حالة ركود وحسبْ، بل تتحوّل طاقاته المكبوتة إلى أمراض وأنشطة هدّامة.. وما هذا إلاَّ إعلان واضح أنَّ كل من يبتعد عن الله، هو أشبه بإنسان يسبح ضد التيار أو يسير في النفق المظلم!

إذن ضع الشمس على عرشها تنتظم حركة جميع الكواكب، ضع الله على عرش قلبك تنتظم كل حياتك، ويكون لك شمس وقمر ونجوم..
رد مع اقتباس
 


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
كتاب حوار عن الله للراهب كاراس المحرقي
علمتني سمكة - إظهار عناية الله للراهب كاراس المحرقي
ابتهال للراهب كاراس المحرقي
الخطية ضعف لا قوة للراهب كاراس المحرقي
العبودية الوحيدة فى المسيحية هى الخطية التى تفصل الانسان عن الله (مقال للراهب كاراس المحرقى)


الساعة الآن 06:32 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024