العلامة أوريجانوس:
[قبل مجيء ربنا يسوع المسيح، الشمس التي لم تشرق على بني إسرائيل، كانوا يستخدمون نور السرج، إذ كان عندهم كلمات الناموس والأقوال النبوية كسراج مغلق عليه في سور ضيق لا تشرق أنواره في الأرض كلها. فقد كان العلم الإلهي محصورًا في يهوذا وحده، كقول النبي: [الرب معروف في يهوذا] (مز 75: 1). لكن إذ أشرق شمس البر (ملا 3: 2؛ 4: 2)، ربنا ومخلصنا، إذ وُلد ذاك الذي كتب عنه أن "الشرق اسمه" [(زك 6: 2) - الترجمة السبعينية]، انتشر نور العلم الإلهي في العالم كله. باختصار كانت كلمات الناموس والأقوال النبوية سراجًا منيرًا يشتعل داخل القدس، لا يمكن أن ينطلق خارجًا ليشع بجماله وبهائه.
كلمات الناموس والأنبياء هي السرج، هذا ما علمنا إياه الرب بنفسه من يوحنا المعمدان (كممثل للعهد القديم بناموسه وأنبيائه): "كان هو السراج الموقد المنير وأنتم أردتم أن تبتهجوا بنوره ساعة" (يو 5: 35)... كان هذا السراج يشتعل، إذ هو يوحنا الذي به تم الناموس والأنبياء. ما دام الشعب له زيت يقدمه للإضاءة لا ينطفئ السراج، لكنهم عندما أخطأوا ولم يصر لهم زيت الرحمة ولا الأعمال الصالحة والنقاوة انطفأ السراج بسبب الحاجة إلى زيت نقي للإضاءة.
لكن ماذا نقول بالنسبة لنا نحن...؟ يليق بالمسيحي أن يهتم بالأكثر أن يكون له زيت، فبدونه كما يقول الرب تُسمى العذارى جاهلات، إذ لا يحملن زيتًا في آنيتهن، فلا يضئن سرجهن وبالتالي يحرمن من الحجال الزوجي. وعندما قرعن الباب إذ لم يكن لهن زيت أمر العريس بعدم فتح الباب (مت 25).
إنيّ أذكر ما سبق فقلته بخصوص (المزمور 118): "سراج لرجلي كلامك ونور لسبيلي" (مز 119: 105)، موضحًا بقدر الإمكان الفارق بين السراج والنور. فقد خصص السراج للرجل بكونها عضو سفلي للجسم، أما النور فخصص للسبل التي تُدعى في موضع آخر "الطرق السماوية". فبحسب التفسير السري... يضيئ سراج الناموس للذين هم في العالم كرجل للخليقة كلها (رجال العهد القديم)، أما النور الأبدي فمخصص لسبل الدهر الآتي]