مقدمة في العقوبات الكنسية:
كانت العقوبات في العهد القديم قاسية، ربما لأن الله كان يتعامل مع شعب بدائي في معرفته لله غليظ الرقبة، فمن محبته لهم استخدم الشدة لا للانتقام وإنما لردع الكل بسقوط البعض تحت عصا التأديب القاسية. فما سمح الله به من تأديبات أو عقوبات كان علامة اهتمام الله بشعبه ورغبته في خلاصهم وتقديسهم. هذا بجانب ما كان لهذه التأديبات من كشف عن فاعلية الخطية في القلب والحياة الداخلية... فرجم الزاني إنما يكشف عما أصاب قلبه في الداخل من هلاك حقيقي وموت أبدي، فإن كنا نئن لرجم إنسان يليق بنا بالحري أن نحترق من أجل هلاك نفسه. أما في العهد الجديد فإن الكنيسة لا تستخدم العقوبات الجنائية القاسية إذ تتعامل مع أولادها على مستوى النضوج، لكنه من حقها فرض العقوبة التأديبية لتجتذب الساقطين نحو التوبة، كما فعل بولس الرسول مع الشاب الذي ارتكب الشر مع امرأة أبيه (1 كو 5: 6-7). إذ أفرزه عن الكنيسة حتى قدم توبة صادقة، فأسرع الرسول يكتب إلى الكنيسة أن تقبله حتى لا يهلك من فرط الحزن (2 كو 2: 6-7). من جانب آخر العقوبات الواردة في العهد القديم تمثل القانون الجنائي بعقوباته، أما في العهد الجديد فتركت المسيحية التشريعات المدنية والجنائية... إلخ، يضعها رجال القانون بما يناسب العصر والبلد، إذ جاءت المسيحية تهب الفكر والنضوج وتترك التنظيم والتشريع للجماعة.