منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 05 - 04 - 2024, 09:46 AM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,256,893

مسيرة طويلة سرناها مع متّى وبولس في قراءتنا للشريعة




لأنَّ غاية الشريعة المسيح، برٌّا لكلِّ من يؤمن.

»الغاية« τελος. ماذا يعني هذا اللفظ(70)؟ توقُّف الشريعة بحيث لا تعود موجودة، أو غاية الشريعة، أو تتمَّة الشريعة(71). إنَّ النقيضة التي يقدِّمها السياق يدفعنا في خطِّ المعنى الأوَّل: نحن لا نمتلك الحكمة بعد بالشريعة (آ5)، بل بالإيمان (آ6-10). فالشريعة كطريق خلاص تجد نقطة توقُّفها في المسيح. فالمسيح هو الغاية والنهاية. غير أنَّ هذا لا يعني أنَّ العهد القديم صار مهجورًا وقريبًا من الموت. فقرار الرجوع عن الماضي يصيب محاولة المؤمن ليتمسَّك بالشريعة وينال الخلاص. فالطاعة للشريعة خسرت صفتها أهليَّتها، بالنظر إلى السوتيريولوجيّا، أو الكلام عن الخلاص.

ولكنَّ التردُّد حول معنىτελος يُبرز الاختلاف في استعمال الشريعة في النصوص البولسيَّة. فالعبارة في 3: 31 (بل نثبت الشريعة)، تدلُّ أنَّ الشريعة لم تنتهِ في كلِّ الأحوال. من جهة، هي باقية كوعدٍ موجَّه نحو المسيح (غل 3: 6-18). ومن جهة ثانية، الإرشادات التي نقرأ في نهاية الرسائل تدلُّ على أنَّ الشريعة الموجزة في متطلِّبة المحبَّة موجَّهة نحو الخلقيَّة. »فالوصيَّة التي هي مقدَّسة وعادلة وصالحة« تَبطل حين ترمز إلى طريق الخلاص لدى اليهود، ولكنَّها تبقى حاضرة حين يسبق الخلاص النداء إلى الطاعة(72).

قال الرسول عن اليهود »إنَّ فيهم غيرة الله« (آ2)، ومع ذلك »جهلوا كيف يبرِّر الله البشر« (آ3). لماذا نقصت معرفتهم؟ لماذا جهلوا برَّ الله؟ وجاء الجواب عن غاية الشريعة: الشريعة تسير مع البرّ، هي شريعة من أجل البرّ. تطلَّع بولس إلى شريعة موسى التي فُهمت »بالأعمال«. هل هذه الشريعة انتهت؟ إنَّ المسيح هو نهاية أيَّة وظيفة في الشريعة. هذا يعني أنَّه قبل المسيح كان بعض الأساس لفهم الشريعة. ولكن مع المسيح بدأت حقبة جديدة في تعامل الله مع الشريعة (3: 21). المسيح هو نهاية حقبة قديمة، ومعها امتيازات اليهود الحصريَّة. ولكن هذا يعني أيضًا أنَّ ما بدأ في الحقبة القديمة، يجد تتمَّته مع المسيح، مع توسُّعه إلى أبعد من شعب واحد(73).

* * *

وماذا قال متّى(74) في هذا المجال؟ يترتَّب كلامه حول طرح واحد يُشرف على عظة الجبل: يجب أن تُفهَم دعوة يسوع كموافقة على الشريعة كلِّها بحيث لا نحذف منها شيئًا (مت 5: 17-19)، وذلك حتّى أقلَّ متطلِّباتها (مت 23: 2). والمسيح وحده الذي أتى إلى إسرائيل، هو »يُتمّ« الشريعة والأنبياء (5: 17). وتصرُّفه يُوافق بدقَّة مواعيدَ الكتاب المقدَّس. في هذا المجال نتذكَّر المرّات التي ورد فيها فعل »تمّ« في إنجيل متّى(75). نقرأ في 2: 23: »لكي يتمَّ ما قيل بالأنبياء«. ما قاله الأنبياء بقي ناقصًا وهو لا يكتمل إلاَّ في المسيح، كما يجد نهايته في يسوع المسيح دون أن يترك هويَّته. وكذا نقول عن الشريعة: تتمُّ فقط في المسيح، »أنا أقول لكم«. هي تحتاج إلى تفسير جديد، بحيث يعود حقُّ الله إلى جذريَّته، بعد أن ضاع في الفتاوى لدى الفرّيسيّين والرابّينيّين. تركَّزت الشريعةُ على وصيَّة المحبَّة في وجهيها فأمَلتْ على المؤمن مضمونَ البرّ، هذا البرّ الذي نعيشه بالأمانة، في طاعة للوصايا تبدو ممارستُها ضروريَّة لمن يريد الدخول إلى ملكوت السماوات(76). فلا خلاص خارج الشريعة كما أوصلها المسيح.

هنا نفهم أنَّ الشابَّ الغنيّ لم يكتفِ بالوصايا، بل طلب أكثر. لهذا طلب منه يسوع أن يتبعه »إذا أراد أن يكون كاملا« (مت 19: 21) τελειος الهدف τελος يكون المسيح، وهذا ما يردِّده متّى فيقول إنَّ يسوع هو ربُّ الشريعة(77). يسوع يعلِّم الشريعة، يشرحها، يفرض ممارستها، يتجادل مع المعلِّمين الذين يتهرَّبون من الجواب (مت 22: 41: المسيح ابن داود)، أو يشوِّهونها لكي يتبعوا تقاليد البشر على حساب كلام الله (15: 3-6). وما قيل في 5: 17-19 لا يعلن خضوع يسوع الناصريّ للشريعة، بل سلطة يسوع على الشريعة. فالتوراة تُشرف على المؤمنين لا بسلطتها الذاتيَّة، كما قال اليهود واليهومسيحيّون، فسلطتها في الجماعة تأتي من المسيح. وهذه السلطة لا تُعاد إليها إلاَّ بعد عمليَّة تطهير. فالطريق التي تقود إلى طاعة حقيقيَّة تمرّ في قراءة 5: 21-48، الذي يفرض التخلّي عن طاعة حرفيَّة لكي نستسلم كلِّيٌّا لمتطلِّبات الله غير المشروطة. فالأمانة الحقيقيَّة تمرُّ في تعلُّق بسلطة ربِّ الشريعة. وبعد الآن، جاءت سلطة الشريعة من قرار يمليه يسوع ويعلِّمنا كيف نفهمه.

نحن لا نستطيع أن نجهل خضوع الخلقيَّة للكرستولوجيّا عند متّى، وإلاَّ نشوِّه المشروع المتّاويّ اللاهوتيّ، ونُحدره إلى مستوى لاهوت الأعمال (في معارضة مع بولس).

حين نقرأ الجدالات في ف 12، 15، 16، 19، 23، والهجوم القاسي على الكتبة والفرّيسيّين المرائين في ف 23، نكتشف أنَّ هذه النصوص لا تكتفي بأن تندِّد بفتاوى المعلِّمين وضيق آفاقها، باحتقارهم لوصيَّة المحبَّة المركزيَّة، بلاتماسك بين القول والعمل (23: 3: يقولون ولا يعملون). وهي لا تكتفي أيضًا بأن تعلن في وجه المجمع، حقّ الكنيسة في فهم الشريعة(78). إنَّ هذه النصوص الموجَّهة إلى قارئي الإنجيل المسيحيّين، تطالب بقراءة صحيحة لمشيئة الله، التي هي الشرط الضروريّ لاستقامة الطاعة. حين يضع المسيح سلطته تجاه سلطة المعلِّمين في العالم اليهوديّ، فلا يمكن تقبُّل حقيقته إلاَّ بالتعلُّق بالمسيح(79).

الخاتمة

مسيرة طويلة سرناها مع متّى وبولس في قراءتنا للشريعة. انطلقنا من العالم اليهوديّ، فوصلنا إلى المسيح. انطلقنا من تعليم المعلِّمين فوصلنا إلى ذاك الذي هو وحده المعلِّم (مت 23: 8). شريعة موسى ناقصة، بل تشوَّهت حين شرحها الرابّينيّون. فأتى المسيح يكمِّلها ويعيدها إلى أصولها. الأعمال الشريعيَّة لا تكفي لتقود إلى الخلاص. فالإيمان هو الأوَّل، والإيمان العامل بالمحبَّة. وتقاليد الشيوخ لا يمكن أن تمرَّ قبل كلام الله. فمنذ الآن لا نقرأ الشريعة وكأنَّها تحمل سلطانها في ذاتها. الشريعة تُقرأ بحسب شرح المسيح ونحن نتبعها في خطى المسيح. هكذا فعل الرسل الذين رافقوا يسوع وسمعوا كلامه ورأوا معجزاته. وهكذا فعلت الكنيسة الأولى سواء في الستّينات مع بولس أو الثمانينات مع متّى. وهي لا تزال تفعل اليوم فتكتشف مع بولس علاقة البرّ بالحياة الخلقيَّة وتجذُّر الطاعة في الإيمان. ومع متّى، أنَّ الإيمان المسيحيّ لا يكون حقيقيٌّا إلاَّ إذا ترسَّخ في الأمانة للشريعة كما أوصلها إلينا المسيح في كمالها.
رد مع اقتباس
 


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
طريقة يسوع في قراءتنا للعهد الأوّل
المواجهة بين متّى وبولس
أنا رأيته فعلا فى أحد الأديرة والحقيقة قصة طويلة أو رؤيــا طويلة
مسيرة رائعة سرناها مع بولس الرسول
أرخص 5 سيارات جديدة يمكن شرؤاها


الساعة الآن 06:53 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024