منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 29 - 03 - 2024, 12:11 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,274,632

دعا بولس مؤمني رومة أن يكونوا فرحين في الرجاء




ما هو الرجاء

يُقال الرجاء هو ضدُّ اليأس. واليائس هو من قطع الأمل، وكأنَّ الطريق صارت مسدودة أمامه فلا يعرف كيف يتوجَّه. وفي بعض المعاني، يرتبط الرجاء بارتقاب شيء لا يثق الإنسان بأنَّه يستطيع الحصول عليه. صاحب الرجاء هو من يرتقب الآتي، من ينتظره وكأنَّه يراه بعينيه. فالمترقِّب لا يعرف ما سوف يحصل له، لهذا يكون قلقًا وإن طال القلق، وصل بالإنسان إلى القنوط وما عاد ينظر إلى الحياة، بل ربَّما إلى الموت. من أجل هذا جاء كلام بولس الرسول متواترًا حول الرجاء، سواء برسائل كتبها بيده أو بيد كاتب بقربه، أو برسائل كتبها تلاميذه، بحيث إنَّ الموصوف »رجاء« (ελπις) في اليونانيَّة يرد إحدى وأربعين مرَّة. والفعل (ελπιζω) تسع عشرة مرَّة.

ففي رسالة رومة مثلاً، التي تُبرز وضع العالم قبل مجيء المسيح، العالم الوثنيّ الغارقٌ في خطاياه، الراضي عن الذين يقترفون أبشع الشرور وأشنعها. والعالم اليهوديّ المستند إلى »برِّه« على مستوى الشريعة، لا على مستوى الحياة، ينتظره غضب الله كما ينتظر الوثنيّين. لا مجال للهرب »لأنَّ غضب الله معلَنٌ من السماء على كفر البشر وشرِّهم« (رو 1: 18). ماذا يبقى للمؤمن؟ الرجاء. والوجه المشعُّ في هذا المجال هو إبراهيم. قال فيه الرسول: »كان راجيًا حيث لا رجاء« (4: 18). نفهم: حيث لا يكون رجاء بشريّ. بل النصُّ يقول: »ضدّ الرجاء البشريّ«. فلو كان إبراهيم منطقيٌّا مع ذاته، لما كان انطلق في طريق لا يعرف أين تصل به. ولكنَّ الرجاء جعله يرى ما لا يُرى. يرى يد الله تمسك بيده وتقوده عبر المخاطر. فكأنّي به يقول: »لو سرتُ في وادي الظلمات لا أخاف شرٌّا، لأنَّك أنت معي« (مز 23: 4).

وكيف تظهر فضيلة الرجاء؟ في الصبر. لا نعجِّل لكي نرى ما يمنحنا الله من مواهب، بل ننتظر النهاية. ننتظر أن نكون عبَرْنا النفق المظلم، لأنَّ النور يطلُّ في النهاية. مضى إبراهيم. إلى أين؟ الربُّ سوف يريه المكان في الوقت المناسب. ولولا ذلك لما سار هذا المؤمن آلاف الكيلومترات دون أن يتراخى. ووصل إلى أرض كنعان. يمكنه أن يرتاح. ولكنَّه غريب في هذه الأرض، ولن يكون له سوى موضع قبر لامرأته سارة بانتظار أن يُدفَن هو فيه. وأين الأولاد والربُّ وعده بنسل كبير؟ وسوف يقول للربِّ في أحد حواراته: »يا ربّ، ما نفع ما تعطيني وأنا أموت عقيمًا« (تك 15: 2). ثمَّ قال: »ما رزقتَني نسلا« (آ3). غريبٌ يرثُني. لا، قال الربُّ: »من يخرج من صلبك هو الذي يرثك« (آ4). وأراه الربُّ نجوم السماء. ما الذي يؤكِّد ذلك لإبراهيم؟

كلامُ الربِّ يؤكِّد له ذلك. لأنَّ أساس الرجاء هو الإيمان. »آمن إبراهيم بالله فحُسب له إيمانه برٌّا« (روم 4: 3؛ رج تك 15: 6). فمن يؤمن يعرف أن يصبر، أن ينتظر، ولو مرَّ انتظاره في قلب المحنة. فهذه المحنة، يقول لنا الرسول، »تلد الرجاء« (رو 5: 5). ويربط بولس مرَّة أخرى، في الرسالة إلى رومة، بين الصبر والرجاء، مع لمسة الله الحاضرة كما لمسة الأمِّ لولدها: نحن نتعلَّم »كيف نحصل على الرجاء بما في هذه الكتب من الصبر والعزاء« (رو 15: 4). ومن يعطيني هذه النعمة؟ الله ذاته. وهي نعمة تعلِّمنا العيش »في اتِّفاق الرأي« (آ5). ويتمنّى الرسول لكنيسة رومة ومؤمنيها: »فليغمركم إله الرجاء بالفرح والسلام والإيمان، حتّى يفيض رجاؤكم بقدرة الروح القدس« (آ15).

دور كبير يلعبه المؤمنون في هذا العالم، الذي انتظرته جماعةُ تسالونيكي مسهَّلاً بعد أن انتقلوا من الوثنيَّة إلى المسيح، ولكن ما اختبروه كان عكس ذلك. قال لهم الرسول: »عانيتُم كثيرًا« (1 تس 1: 6). غير أنَّ هذا لا يمنعهم من قبول »كلام الله بفرح.« أصاب أهل تسالونيكي في »عالمهم« ما أصاب إخوتهم في اليهوديَّة من اضطهاد (1 تس 2: 14ي). ولكن ما شجَّعهم كان كلام الله الذي عمل فيهم. فعلَّمهم »الثبات« ودعاهم إلى عدم التراجع لئلاّ يشابهوا العبرانيّين في البرِّيَّة. أمام أوَّل صعوبة، طلبوا أن يعودوا إلى مصر، ولو عبيدًا، فهناك الخيرات الكثيرة. أمّا في البرِّيَّة، فلا ماء ولا طعام سوى هذا المنّ الذي عافت منه نفوسهم. سوى الحليب ومشتقّاته التي هي طعام البدو. وكان بإمكان أهل تسالونيكي أن يتهرَّبوا من تعليم الرسول، بحيث يعيشون في راحة. ولكن هل جاء المسيح على الأرض لكي يلقي سلامًا، هدوءً، راحة، طمأنينة؟ كلاّ. بل »جاء يُلقي على الأرض نارًا وهو ينتظر من هذه النار أن تشتعل« (لو 12: 49).

لهذا، دعا بولس مؤمني رومة أن يكونوا »فرحين في الرجاء« (رو 12: 12). فبدون رجاء لا مكان لسرور ولا لفرح. وإذا كان الله يطلب ممَّن يعطي بعض ماله أن يعطيَه بفرح (2 كو 9: 7: المعطي الفرحان)، فماذا لا يطلب ممَّن يعطي حياته؟ ذاك كان موقف الرسل الذين نالوا الاضطهاد والجلد. أخبرنا لوقا في سفر الأعمال: »فخرج الرسل من المجلس فرحين، لأنَّ الله وجدهم أهلاً لقبول الإهانة من أجل اسم يسوع« (أع 5: 41). فهل خافوا؟ كلاّ. هل تراجعوا، توقَّفوا؟ كلاّ. بل هم عادوا »يعلِّمون كلَّ يوم في الهيكل وفي البيوت، ويبشِّرون بأنَّ يسوع هو المسيح« (آ42).

لولا الرجاء الذي يعمر في داخلكم، لما كانوا ثبتوا في الرسالة. هنا نسمع بولس يحدِّثنا عن القيامة التي ينتظر، ويدعو الجماعة إلى الانتظار. فإذا كان لا رجاء »لماذا نتعرَّض نحن للخطر كلَّ حين؟« (1 كو 15: 30). ويتحدَّث عن نفسه: »أنا أذوق الموت كلَّ يوم« (آ31). وأخبرنا كيف هُدِّد بأن يصارع الوحوش. وأنهى كلامه: »إذا كان الأموات لا يقومون، فلنقل مع القائلين: تعالوا نأكل ونشرب، لأنَّنا غدًا نموت« (آ32). حين يغيب الرجاء، ينغلق الإنسان على الأبديَّة ويحصر نفسه في هذا العالم يعبُّ فيه من الملذّات كلَّ ما يستطيع. ولكن بولس هو ابن الرجاء، فيعلن هو (أو: تلاميذه) في بداية الرسالة إلى تيموتاوس: »من بولس رسول المسيح يسوع بأمر الله مخلِّصنا، والمسيح يسوع رجائنا« (1 تم 1: 1).

أجل، إذا كان رجاؤنا في هذا العالم فقط، فنحن أشقى الناس جميعًا (1 كو 15: 19). حدَّثنا المؤمنين عن القيامة، »وما من قيامة«، كما يقول أولئك الذين ابتعدوا عن التقوى. »تبشيرنا باطل، إيمانكم باطل، بل نكون شهود زور على الله« (آ14). مثل هذا القول كفرٌ وتجديف. وكأنَّ بولس ندم لأنَّه أورده حين استخلص نتائج عدم قيامة يسوع المسيح. ولكنَّه انتفض فقال: »لكنَّ الحقيقة هي أنَّ المسيح قام« (آ20). وهذا يعني أنَّ أساس الرجاء حاضر هنا، وما يقوله »الرافضون« يقع عليهم في النهاية، وحين يستيقظون يكون فات الأوان. في هذا المناخ، نقرأ بداية الرسالة إلى تيطس: »من بولس عبد الله... على رجاء الحياة الأبديَّة التي وعد بها الله الصادقُ منذ الأزل« (تي 1: 1-2). أجل، الله وعد ونحن ننتظر تحقيق مواعيده. وماذا ننتظر؟ »اليوم المبارك الذي نرجوه، يومَ ظهور مجد إلهنا العظيم ومخلِّصنا يسوع المسيح« (تي 2: 13). وماذا ننتظر؟ »أن نصير ورثة بحسب رجاء الحياة الأبديَّة« (تي 3: 7).

رد مع اقتباس
 


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
كلَّم الرسول مؤمني رومة عن هذه المحبَّة التي أفاضها الله في القلوب
فرحين فى الرجاء
فرحين في الرجاء
فرحين في الرجاء
فرحين فى الرجاء


الساعة الآن 01:52 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024