رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
أَمَّا أَنَا فَدُودَةٌ لاَ إِنْسَانٌ. عَارٌ عِنْدَ الْبَشَرِ وَمُحْتَقَرُ الشَّعْبِ. 7 كُلُّ الَّذِينَ يَرَوْنَنِي يَسْتَهْزِئُونَ بِي. يَفْغَرُونَ الشِّفَاهَ، وَيُنْغِضُونَ الرَّأْسَ قَائِلِينَ: العتاب الثالث الذي يقدمه المسيح للآب أنه تركه حتى صار محتقرًا كالدودة، التي تداس بالأقدام، ولم تعد له كرامة الإنسان. الدودة تبدو مخلوق ضعيف جدًا، كما ظهر المسيح في ضعف أثناء صلبه، هذا ما ظهر أمام البشر واليهود الأشرار، الذين لم يفهموا أن الآب قد سر أن يسحقه بالحزن، فالمسيح بإرادته قبل الموت، وقبل أن يظهر أنه بلا صورة ولا منظر، لأجل خلاصنا. وفيما هو يظهر أنه ضعيف أمام البشر كان فيه كمال القوة، وبموته أبطل الموت، وقيد الشيطان. الدودة التي تبدو ضعيفة جدًا قادرة أن تفنى أجساد البشر، إذ تأكلهم بعد موتهم، والمسيح على الصليب أفنى الجسد العتيق، أي الطبيعة المائلة للشر، وخلصنا منها وأعطانا الطبيعة الجديدة بميلادنا في سر المعمودية. الدودة مصدر لصبغة حمراء تسمى الدودى، والمسيح سال دمه على الصليب وبدمه ذى اللون الأحمر أعطى فداء للبشرية كلها؛ لنصطبغ بصبغته، وننال طبيعة جديدة بموته وقيامته. هناك نوع من الدود يسمى الهيدرا إذا انفصل جسمه المتكون كحلقات، تصبح كل حلقة قادرة على الحياة بمفردها، وهكذا أيضًا المسيح بموته صار رأسًا لجسده، الذي هو الكنيسة، وكل عضو فيه له حياته المستقلة. وهكذا المؤمنون بالمسيح في ساحات الاستشهاد يكونون السبب في إيمان الكثيرين بإلههم، الذين ينالون هم أيضًا إكليل الشهادة. تنبأ أشعياء عن شعب إسرائيل ووصفه أنه دودة (إش41: 14)، هكذا ظهر شعب الله ضعيفًا عند السبي، كما المسيح على الصليب، ولكن لأن قوة الله مع أولاده أعادهم من السبي، وخرج منهم المسيح مخلص العالم كله. الدود يخرج من الطين بلا تزاوج، هكذا المسيح أيضًا ولد مثل الإنسان الترابى، ولكن بدون زرع بشر. بقبول المسيح الصليب صار محتقرًا كالدودة، بل وعارًا عند البشر، ومحتقرًا عند الشعوب، حتى أن اليهود وهو على الصليب كانوا يستهزئون به (مت27: 42). فكيف يتكبر الإنسان الذي هو من التراب ويأكله الدود ويظن أنه شيء وينسب المجد لنفسه مع أن كل ما له هو عطايا من الله ؟! أظهر اليهود الذين مروا على المسيح المصلوب شرهم واحتقارهم له، فاستهزأوا به بكل نوع؛ إذ كانوا يفتحون أفواههم "يفغرون الشفاة" ضحكًا عليه. وكانوا أيضًا "ينغضون الرأس"، أي يهزون رؤوسهم احتقارًا له (مت27: 39). وهكذا كانت قلوبهم القاسية عديمة المشاعر والحنان عليه، بل وأكثر من هذا تحرك ظاهرهم للإساءة له بالرأس وبالفم. إنها قساوة عجيبة، وخاصة أنها تأتى على البار القدوس، الذي لم يسئ لأحد. |
|