منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 24 - 03 - 2024, 08:00 AM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,270,589

بولس وسرّ المسيح، ذلك السرّ المكتوم






سرّ المسيح، ذلك السرّ المكتوم

حين نتحدَّث عن السرِّ نعتبر أنَّنا أمام جدار لا يمكن تجاوزه. وهذا بشكل خاصّ، على مستوى الدين. نقول مثلاً: الثالوث الأقدس هو سرّ. إذًا، لا نفهمه. مثل هذا القول خطأ. فنحن أوَّلاً عرفنا الابن، الكلمة الذي صار بشرًا وسكن بيننا. والابن عرَّفنا إلى الآب: »من رآني رأى الآب«. وقال الإنجيل: »الله لم يرَهُ أحدٌ قطّ، ولكنَّ الابن الذي هو في حضن الآب قد أخبر عنه« (يو 1: 18). والروح القدس أرسله الآب، أرسله الابن منذ بداية الكنيسة. يُشبَّه بالريح العاصفة. هكذا فعل يوم العنصرة، ففتح الأبواب المغلقة وحطَّم النوافذ وأطلق الرسل في طرق البشارة. وشبِّه بنارٍ حلَّت على كلِّ واحد من الرسل وعلى جميع الحاضرين في العلِّيَّة. وهو لا يزالُ يحلُّ على كلِّ واحد منّا.

أجل، السرُّ ليس بجدار نرتطم به ونتراجع. بل هو بحر ننزل فيه ونغوص ونغوص. إلى هناك وصلت النفوس المتصوِّفة، غارت في عمق الله وغارت: امتلأ قلبها سعادة منذ الآن »مع أنَّ الصورة باهتة كما في مرآة« (1 كو 13: 12). قال الرسول: »اليوم أعرف بعض المعرفة، وأمّا في ذلك اليوم فستكون معرفتي كاملة كمعرفة الله لي« (1 كو 13: 12). تحدَّث العهد القديم عن »رؤية« الله في السحاب. هناك بعض النور وهناك بعض الظلمة. ويقول الرسول إلى أهل غلاطية: في الماضي كنتم تجهلون، »أمّا الآن فعرفتم الله، بل عرفكم الله« (غل 3: 9). وتواصل الكلام في الرسالة إلى أفسس: »أتوسَّل إلى الله... أن تدركوا مع جميع القدّيسين ما هو العرض والطول والعلوّ والعمق، وتعرفوا محبَّة المسيح التي تفوق كلَّ معرفة، فتمتلئوا بكلِّ ما في الله من ملء« (أف 3: 18-19).

إلى هذا السرّ أراد الرسول أن يدخلنا: سرّ المسيح. معه تبدَّل كلُّ شيء وفي عمله كان انقلاب في البشريَّة سيبقى حاضرًا حتّى نهاية العالم. السرّ هو أنَّنا كلَّنا عيلة الله الواحدة. ما من أحد يكون »خارج البيت« إلاَّ إذا هو أراد، كما فعل الابن الأكبر (لو 15: 28). فالمعرفة التي يتحدَّث عنها الكتاب لا تقف عند العقل والمنطق كما يحسب الناس في أيّامنا. المعرفة هي حوار بين القلب والقلب، بين العاطفة والعاطفة. المعرفة هي التصاق بالآخر واتِّحاد به. ذاك هو معنى العبارة: »الله عرفكم«. أتى إليكم، أحبّكم، اختاركم. اتَّحد بكلِّ واحد منكم اتِّحاد العريس بعروسه. فحين يقولون عن الرجل إنَّه عرف امرأته، فهم يعنون الاتِّحاد التامّ بين الاثنين. والرسول دعاه »سرٌّا« في الرسالة إلى أفسس: »لذلك يترك الرجل أباه وأمَّه ويتَّحد بامرأته فيصير الاثنان جسدًا واحدًا. هذا السرُّ عظيم، وأعني به سرَّ المسيح والكنيسة. فليحبَّ كلُّ واحد منكم امرأته مثلما يحبُّ نفسه، ولتحترم المرأة زوجها« (أف 5: 31-33).

منذ بداية الرسالة، دخلنا في السرّ »سرّ مشيئته« (أف 1: 9). وأنشد الرسول عمل الثالوث بالنسبة إلى البشر جميعًا، لا إلى فئة من الفئات، بحيث يسبِّح البشر كلُّهم مجده. فعبارة »لتسبيح مجده« تأتي في ثلاث محطّات في كلام عن الآب والابن والروح القدس. »تبارك الآب« الذي باركنا واختارنا وتبنّانا »لتسبيح مجده« (آ16). أو »تسبيح مجد نعمته« بعد أن نلنا ما نلنا من خلاص. وفي كلام عن الابن الذي »كان لنا فيه الفداء بدمه« (آ7) وغفران الخطايا. كلُّ ذلك »لتسبيح مجده« (آ13) بعدما »جعلنا رجاءنا من قديم الزمان في المسيح«. وفي كلام عن الروح القدس الذي »خُتمنا به« (آ13) كما وُعدنا. وهذا أيضًا »لتسبيح مجده« (آ14). وهو »عربون ميراثنا«.

سرٌّ ثالوثيّ دخلنا فيه. كان مكتومًا منذ الدهور (أف 3: 9). سرّ مخطَّط الله الأزليّ الذي تمَّ في يسوع المسيح وكشفته الكنيسة الآن بفضل خدمة الرسول. »بإمكانكم إذا قرأتم ذلك أن تعرفوا كيف أفهم سرّ المسيح، هذا السرّ الذي ما كشفه الله لأحد من البشر في العصور الماضية، وكشفه الآن في الروح القدس لرسله وأنبيائه القدّيسين« (أف 3: 4-5). كيف عرف بولس هذا السرّ؟ هل تفوَّقت معرفتُه على معرفة الآخرين؟ بل هو شابه بطرس حين أعلن أنَّ يسوع هو »المسيح ابن الله« (مت 16: 16). قال له الربّ: »ما كشف لك أحد من البشر هذه الحقيقة، بل أبي الذي في السماوات« (آ17). هي نعمة مجّانيَّة. وكذا نقول عن بولس: »كَشف لي (الربّ) سرَّ تدبيره بوحي« (أف 3: 3). فالرسول كرسول عرف هذا »السر« وأوصله إلى المؤمنين أو إلى الذين سوف يؤمنون على يده. الجميع هم مدعوّون. فلا تمييز بين »البسطاء« و«الكاملين«. فمنذ إرميا النبيّ نسمع الربَّ يقول: »أجعلُ شريعتي في ضمائرهم وأكتبُها على قلوبهم... فلا يعلِّم بعدُ واحدُهم الآخر، والأخ أخاه، أن يعرف الربّ. فجميعهم من صغيرهم إلى كبيرهم سيعرفونني« (إر 31: 33-34).

ماذا يتضمَّن هذا السرّ؟ أربعة أمور: دعوة الأمم الوثنيَّة إلى الخلاص؛ المصالحة بين اليهود والأمم بعد أن صارت الفتئان جسدًا واحدًا. وحدة المسيح وكنيسته في صورة بشريَّة، صورة الزواج. وأخيرًا، سلطان المسيح على الكون كلِّه. هذا ما يدخلنا في سرِّ الكنيسة التي هي عيلة الله على الأرض كما الثالوث عيلة الله في السماء.
رد مع اقتباس
 


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
السر المكتوم ( أحبها المسيح وأسلم نفسه لأجلها)
ابتعد عن الشرّ، فيبتعد الشرّ نفسه عنك
أنَّ سلام المسيح لا يتساكن وشرّ العالم
ما السرّ الذي يجمع القديسين بادري بيو والبابا يوحنا بولس الثاني؟
الكنيسة تمارس هذا السرّ في حضرة المسيح الرب


الساعة الآن 11:26 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024