رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
المرأة الخاطئة في بيت الفريسي (ع36 - 50): 36 وَسَأَلَهُ وَاحِدٌ مِنَ الْفَرِّيسِيِّينَ أَنْ يَأْكُلَ مَعَهُ، فَدَخَلَ بَيْتَ الْفَرِّيسِيِّ وَاتَّكَأَ. 37 وَإِذَا امْرَأَةٌ فِي الْمَدِينَةِ كَانَتْ خَاطِئَةً، إِذْ عَلِمَتْ أَنَّهُ مُتَّكِئٌ فِي بَيْتِ الْفَرِّيسِيِّ، جَاءَتْ بِقَارُورَةِ طِيبٍ 38 وَوَقَفَتْ عِنْدَ قَدَمَيْهِ مِنْ وَرَائِهِ بَاكِيَةً، وَابْتَدَأَتْ تَبُلُّ قَدَمَيْهِ بِالدُّمُوعِ، وَكَانَتْ تَمْسَحُهُمَا بِشَعْرِ رَأْسِهَا، وَتُقَبِّلُ قَدَمَيْهِ وَتَدْهَنُهُمَا بِالطِّيبِ. 39 فَلَمَّا رَأَى الْفَرِّيسِيُّ الَّذِي دَعَاهُ ذلِكَ، تَكَلَّمَ فِي نَفْسِهِ قِائِلًا: «لَوْ كَانَ هذَا نَبِيًّا، لَعَلِمَ مَنْ هذِهِ الامَرْأَةُ الَّتِي تَلْمِسُهُ وَمَا هِيَ! إِنَّهَا خَاطِئَةٌ». 40 فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُ: «يَا سِمْعَانُ، عِنْدِي شَيْءٌ أَقُولُهُ لَكَ». فَقَالَ: «قُلْ، يَا مُعَلِّمُ». 41 «كَانَ لِمُدَايِنٍ مَدْيُونَانِ. عَلَى الْوَاحِدِ خَمْسُمِئَةِ دِينَارٍ وَعَلَى الآخَرِ خَمْسُونَ. 42 وَإِذْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا مَا يُوفِيَانِ سَامَحَهُمَا جَمِيعًا. فَقُلْ: أَيُّهُمَا يَكُونُ أَكْثَرَ حُبًّا لَهُ؟» 43 فَأَجَابَ سِمْعَانُ وَقَالَ: «أَظُنُّ الَّذِي سَامَحَهُ بِالأَكْثَرِ». فَقَالَ لَهُ: «بِالصَّوَابِ حَكَمْتَ». 44 ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى الْمَرْأَةِ وَقَالَ لِسِمْعَانَ: «أَتَنْظُرُ هذِهِ الْمَرْأَةَ؟ إِنِّي دَخَلْتُ بَيْتَكَ، وَمَاءً لأَجْلِ رِجْلَيَّ لَمْ تُعْطِ. وَأَمَّا هِيَ فَقَدْ غَسَلَتْ رِجْلَيَّ بِالدُّمُوعِ وَمَسَحَتْهُمَا بِشَعْرِ رَأْسِهَا. 45 قُبْلَةً لَمْ تُقَبِّلْنِي، وَأَمَّا هِيَ فَمُنْذُ دَخَلْتُ لَمْ تَكُفَّ عَنْ تَقْبِيلِ رِجْلَيَّ. 46 بِزَيْتٍ لَمْ تَدْهُنْ رَأْسِي، وَأَمَّا هِيَ فَقَدْ دَهَنَتْ بِالطِّيبِ رِجْلَيَّ. 47 مِنْ أَجْلِ ذلِكَ أَقُولُ لَكَ: قَدْ غُفِرَتْ خَطَايَاهَا الْكَثِيرَةُ، لأَنَّهَا أَحَبَّتْ كَثِيرًا. وَالَّذِي يُغْفَرُ لَهُ قَلِيلٌ يُحِبُّ قَلِيلًا». 48 ثُمَّ قَالَ لَهَا: «مَغْفُورَةٌ لَكِ خَطَايَاكِ». 49 فَابْتَدَأَ الْمُتَّكِئُونَ مَعَهُ يَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ: «مَنْ هذَا الَّذِي يَغْفِرُ خَطَايَا أَيْضًا؟». 50 فَقَالَ لِلْمَرْأَةِ: «إِيمَانُكِ قَدْ خَلَّصَكِ، اِذْهَبِي بِسَلاَمٍ». ع36: لأهمية هذا الجزء تضعه الكنيسة في صلاتها اليومية في الخدمة الثانية من صلاة نصف الليل بالأجبية، لأجل المعاني الروحية العميقة التي يحتاجها كل من يسهر ويهتم بحياته الروحية. لم تكن عداوة الفريسيين للمسيح قد زادت في بداية خدمته، ففكر هذا الفريسي أن يتعرف على شخصيته لذا دعاهُ إلى وليمة في بيته، ولم يرفض المسيح وإنتهزها كفرصة للخدمة والتبشير. ع37: كانت هذه المرأة مشهورة بخطيتها، التي غالبًا كانت الزنا، فأتت دون دعوة إلى بيت الفريسي لتقدم محبتها للمسيح الذي سمعت عنه، وقد تكون رأته وسمعته قبلًا، وحملت معها زجاجة رائحة طيبة. وهذه طبعًا غير مريم أخت لعازر، التي سكبت الطيب على المسيح في بيت عنيا بجوار أورشليم، لأن المكان هنا في الجليل والمرأة هنا خاطئة واعترض الحاضرون على اقترابها من المسيح لخطيتها، أما مريم أخت لعازر فاعترض عليها الحاضرون لارتفاع قيمة الطيب وأحقية الفقراء به أكثر من المسيح. وهنا في بيت سمعان الفريسي أما الأخرى فكانت في بيت سمعان الأبرص (مت26: 6-13؛ مر14: 3-5؛ يو12: 3-8) ع38: أعتاد اليهود في الولائم أن يجلس كل واحد على سرير أو أريكة (كنبه أو دكة) وهم يأكلون على المائدة، فتوضع هذه الأسره حول المائدة ويتكئ الإنسان بمرفق ذراعه الأيسر على المائدة ورأسه يستند على كفه الأيسر ويأكل بيده اليمنى، أما رجلاه فتمتد أمامه على السرير، وإذ يثنى ركبتيه تكون قدماه خلفه وليس في اتجاه المائدة. فعندما دخلت هذه المرأة، اتجهت نحو المسيح ووقفت أمام القدمين، ثم ركعت وبدأت تبكى في توبة عن خطاياها الكثيرة إذ شعرت بعدم استحقاقها للدنو من المسيح البار، ولكثرة دموعها بللت قدميه. فهي هنا ترمز للنفس التائبة، التي تريد أن تعرف طريق الحياة الجديدة من خلال خطوات أقدام المسيح، بل تريده أن يدخل ويسير داخل قلبها، وعندما يتسخ بأوساخ خطاياها تقدم دموع توبتها ليقبلها الله ويزيل عنها كل شرورها. إن هذه الدموع تشير إلى ماء المعمودية، الذي يغسل كل دنس الإنسان، ودموع التوبة في سر الاعتراف التي تنزع الخطية. ولم تجد المرأة أغلى من تاج رأسها، أي شعرها، لتمسح به قدمى المسيح، معلنة تذللها واتضاعها أمامه، فتاجها هو قدمى المسيح. وتحركت أشواق حبها نحو المسيح، الذي تثق بمحبته وغفرانه وحنانه فأخذت تقبل قدميه. وعبرت أيضًا عن حبها بسكب الطيب على قدميه ودهنهما به، إذ لم تشعر باستحقاقها أن تسكبه على رأسه كعادة اليهود في استقبال ضيوفهم، بل باتضاع دهنت به قدميه. ع39: إذ رأى الفريسي هذه المرأة الخاطئة تلمس المسيح، وغالبًا كانت زانية كما ذكرنا، لأن خطيتها معروفة في المدينة، ولم يجد إعتراضًا من المسيح مع أن هذا مخالف للشريعة والعرف السائد بابتعاد الأبرار عن الأشرار، قال في نفسه أن المسيح شخص عادي، لأنه لو كان نبيًا لعلم أنها خاطئة ورفض أن تلمسه، متناسيًا أمرًا أهم وهو أن المسيا المنتظر سيأتي ليخلص الخطاة وليس ليبعدهم عنه، وأن الخطاة إذا تابوا ولمسوه يطهرون من نجاستهم. ع40: علم المسيح ما في فكر سمعان، وهذا يثبت لاهوته، ولكنه لم يحرجه بإعلان ما في فكره، بل بلطف استأذنه أن يقول له شيئًا أي يوضح له خطأه، ولكن من خلال مثل عملى يقرب الفكرة الروحية إلى ذهنه. ع41: الدائن هو الله، والمديونان أحدهما مديونيته عشرة أضعاف الآخر، ويقصد بصاحب الدين الكبير المرأة الخاطئة لكثرة خطاياها المعروفة في المدينة، وصاحب الدين الصغير هو سمعان الفريسي لأنه تمسك بالشريعة ولكنه سقط في الكبرياء والإدانة والتقصير في واجبات الضيافة. ع42: إذ وجد صاحب المال عجز المديونين عن سداد ديونهما، سامحهما بمحبة، فكل البشر عاجزون عن إيفاء ديونهم نحو الله لسقوط الكل في الخطية. ثم سأل المسيح سمعان: يا ترى مَن من المديونين يحب ويشعر بمحبة صاحب المال أكثر من غيره؟ ع43: أجاب سمعان إجابة، وهي أن صاحب الدين الأكبر سيشعر بتسامح ومحبة صاحب المال أكثر من الآخر، فيحبه لأجل جميله العظيم معه. فمدح المسيح إجابته. ع44: بعد المثل التمهيدى، عقد المسيح مقارنة بين محبة الفريسي ومحبة المرأة الخاطئة للمسيح، ليظهر عظمتها وتميزها. فقال لسمعان إن من واجبات الضيافة غسل أقدام الضيف لأن المشى بنعال مفتوحة، أي صنادل، في أرض ترابية لا بُد أن يجعل الأقدام متسخة، فأول شيء يحتاجه الضيف هو غسل قدميه. ولكن سمعان لم يفعل ذلك، أما المرأة فقد غسلت قدمى المسيح، ليس بماء بل بما هو أعظم وهو دموع توبتها، ومسحتهما ليس بمنشفة عادية بل بتاج رأسها، وهو شعرها، فقد أكملت نقص الفريسي وتقصيره في واجبات الضيافة بمحبتها المتميزة. ع45: من واجبات الضيافة إظهار المحبة بتقبيل الضيف في رأسه أو خده، وهذا أيضًا قصّر فيه سمعان، فأكملته هذه المرأة باتضاع شديد بتقبيلها لقدمى المسيح، ليس فقط قبلة واحدة بل قبلات كثيرة تعلن عن محبتها وأشواقها. ع46: من واجبات الضيافة أيضًا دهن رأس الضيف بزيت، أي طيب ذى رائحة عطرة، فينعشه، وهذا أيضًالم يفعله سمعان وفعلته هذه المرأه، إذ سكبت الطيب على قدمى المسيح باتضاع. فأغلى ما عندها تقدمه عند قدميه، لأنها تشعر بعدم استحقاقها أن تضعه على رأسه كما هو معتاد. ع47: من أجل هذه المحبة المتميزة للمرأة الخاطئة، منحها الله غفرانًا كبيرًا يزيل عنها خطاياها الكثيرة. أما من كانت محبته قليلة مثل سمعان، الذي اقتصر على عمل وليمة للمسيح وكبرياؤه عطلة عن الإيمان به، فلن يُغفر له إلا قليلًا من خطاياه. ع48: أعلن المسيح، بسلطان لاهوته، غفران كل خطايا هذه المرأة، لتشتهر فيما بعد في المدينة وكل العالم ليس بخطاياها بل بمحبتها العظيمة التي نالت بها غفرانًا كاملًا. ع49: اعترض المتكئون، وهم من الفريسيين أصدقاء سمعان، بكبرياء على غفران المسيح للمرأة، محتقرين كلامه، لأن الذي له سلطان الغفران هو الله وحده أما يسوع ففى نظرهم مجرد إنسان عادي ولا حتى نبي. فكبرياؤهم منعهم من فهم مثل المديونين وما أظهره المسيح من محبة هذه المرأة له. ع50: إذ لم يفهم الفريسيون، بارك المسيح المرأة، معلنا عظمة إيمانها الذي عجز عنه الفريسيون، والذي ظهر عمليًا في دموع توبتها واتضاعها عند قدميه، ومحبتها في الطيب المسكوب، فنالت غفرانًا وخلاصًا، واستحقت أن يمتلئ قلبها سلامًا تمضى وتكمل به حياتها. |
|