الحكمة تُقَدِّم لنا شبعًا يُوَلِّد فينا تسبيحًا، فيصير الإنسان كالرضيع الذي يفرح بأمه فتهتز كل مشاعره وتتجاوب كل أعضاء جسده مع فرحه ليُخرِج تسبحة حب حقيقي يعجز اللسان عن التعبير عنها. فالتسبيح الحق ليس مجرد كلمات ننشدها أو نغمات نتعلَّمها، لكنه في أعماقه حالة فرح حقيقي تهز كيان المؤمن كله: جسديًا وروحيًا ونفسيًا، فينطلق اللسان بالتسبيح، ويرقص القلب طربًا بالربِّ، وتهتز النفس كلها بنغمات سمائية ملائكية.
هذا هو عمل الحكمة إذ تشبع النفس وترويها وتضمد جراحاتها، وترد لها مجدها فيه، وتنزع عنها عار الخطية والإثم، فتُكَرِّس كل طاقاتها ومواهبها لحسابه، مُعلِنة سُكنَى القدوس فيها كسرّ تقديسها وشبعها وتسبيحها الروحي!