فإنَّه يَصِيرُ إبطالُ الوصيَّةِ الأولى مِن أجلِ ضَعفِها وعدَم نفعِها، إذ النَّاموسُ لمْ يُكَمِّـل شيئاً، ولكِن المدخلَ هو ما للرجاء الأفضل الذى به نقتربُ إلى اللهِ. وعَلَى قدرِ ما أنَّهُ ليسَ بدونِ قَسَم لأنَّ أولئِكَ بدونِ قَسَم قد صاروا كهنةً، أمَّا هذا فبِقسم مِن القائِل لهُ أَقسَمَ الربُّ ولن يندمَ أنتَ كاهنٌ إلى الأبدِ على طقسِ ملكيصادقَ، عَلَى قدرِ ذلك قد صارَ يسوعُ ضامِناً لعهدٍ أفضلَ. وأُولئكَ قد صاروا كهنةً كثيرينَ مِن أجْلِ مَنعِهم بالموتِ عن العمرانِ، وأمَّا هـذا فمِنْ أجْلِ أنَّه يبقى إلى الأبدِ قد أخذ كهنوتاً لا يتغيرُ. فَمِنْ ثَمَّ يَقدرُ أنْ يُخلِّصَ أيضاً إلى التَّمام الَّذينَ يتقدَّمونَ بهِ إلى اللهِ إذ هو حيٌّ في كلِّ حينٍ ليشفَعَ فيهِمْ. لأنَّه كانَ يَليقُ بنا رئيسُ كهنةٍ مِثْلُ هذا قُدُّوسٌ بلا شَرٍّ ولا دنَسٍ قـد انفَصَلَ عَنِ الخُطاةِ وارتفع أعْلَى مِن السَّمَوات. الَّذي ليسَ لهُ اضطِرارٌ كلَّ يوم مِثْلُ رؤساءِ الكهنةِ الَّذين يُقدِّمونَ ذبائحَ أولاً عن خطاياهُمْ المُختَصةِ بهم ثم بعد ذلكَ عن خطايا الشَّعبِ. لأنَّه فَعَـلَ هـذا مــرَّةً واحدةً إذ قَدَّم نفسَهُ. فإنَّ النَّامـوسَ يُقيمُ أُناساً بهِم ضعفٌ رؤسـاءَ كهنةٍ، وأمَّا كلمةُ القَسَم التي كانتْ بعدَ النَّاموسِ فتُقيمُ ابناً مُكَمَّلاً إلى الأبـدِ.
أمَّا رأسُ ما نقول فهو لنا رئيسَ كهنةٍ مِثْلَ هذا قد جلسَ عن يمينِ عرشِ العظمةِ في السَّمَواتِ، خادِماً للأقداسِ والمَسكَنِ الحقيقيِّ الذي نَصبهُ الربُّ لا إنسانٌ. لأنَّ كلَّ رئيسِ كهنةٍ يُقامُ لكِي يُقدِّم قرابينَ وذبائحَ، فَمِنْ ثَمَّ يجبُ أنْ يكونَ لهذا أيضاً شئٌ يُقدِّمهُ. فإنَّه لو كانَ علَى الأرضِ لمَا كانَ كاهِناً إذ يوجدُ الكهنةَ الَّذينَ يُقدِّمونَ قرابينَ حسبَ النَّاموسِ. الَّذينَ يَخدمونَ شِبْهَ السَّماويَّاتِ وظِلَّها كما أُوحيَ إلى موسى وهو مُزمِعٌ أنْ يُكَمِّـل المَسكَنَ، لأنَّهُ قال انظُرْ أنْ تَصنعَ كُلَّ شيءٍ حسبَ المثالِ الذي أُظهِرهُ لكَ على الجبلِ. أمَّا الآنَ فقد حصلَ على خِدمةٍ أفضلَ بمقدارِ ما هو وسيطٌ أيضاً لعهدٍ أفضلَ الذي تقرَّرَ بناموسٍ بمواعيدَ أفضلَ.
فإنَّه لو كانَ ذلكَ الأوَّلُ بلا لوم طُلِبَ موضِع للثاني. لأنَّه يقولُ لهُم لائِماً هوَذا أيَّامٌ تأتي يقولُ الربُّ حينَ أُكَمِّلُ مع بيتِ إسرائيلَ ومع بيتِ يهوذا عَهداً جَديداً، لا كالعهدِ الذي قَطعتُهُ مع آبائِهِم يومَ أَمسَكتُ بيدهِم لأُخرِجَهُم مِن أرضِ مصرَ لأنَّهُم لمْ يَثبُتوا في عهدِي وأنا أهملتُهُم يَقولُ الربُّ. لأنَّ هذا هو العهدُ الذي أُعاهدُ به بيتَ إسرائيلَ بعد تلكَ الأيَّام يقولُ الربُّ أجعلُ نواميسي في أَذهانِهم وأَكتُبُها على قُلوبهِم وأنا أكونُ لهُم إلهاً وهُم يكونونَ لي شَعباً. ولا يُعلِّم كلُّ واحدٍ ابنُ مدينته ولا كُلُّ واحدٍ أخاهُ قائلاً: اعرِف الربَّ لأنَّ الجميعَ سيعرفونَنِي مِن صَغِيرهِم إلى كَبيرهِم، لأنِّي سأغفِر لهُم ذنوبَهُم ولن أذكُر خطاياهُم مِن بَعْدُ. فبقوله جديداً جَعَلَ الأول عتيقاً، وأمَّا ما عَتَقَ وشَاخَ فهو قريبٌ مِن الفناءِ.
( نعمة اللـه الآب فلتحل على أرواحنا يا آبائي وإخوتي. آمين. )