القديس بولس
+ وهنا يجدر بنا أن نقف لنوازن بين موقف رسول الأمم وبين موقف من جاءوا إلى مصرنا على زعم أنهم مبشرون. إنه يرفض أن يقيم بناءه على حساب غيره؛ أما هم فلم يركّزوا بناءهم إلا على أساس غيرهم؛ إنهم أخذوا أولئك الذين سرت المسيحية في قلوبهم تسعة عشر قرنًا وحوّلوهم عن كنيستهم العريقة التي جالدت الزمن إلى كنائسهم الخاصة. ومما يوجع النفس أنهم حين كانوا يرسلون تقاريرهم السنوية إلى مقر رياستهم، كانوا يسجّلون فيها أنهم اكتسبوا كذا شخص للسيد المسيح! فمتى يحترم الإنسان كرامة أخيه الإنسان؟!
+ (عن محاكمة بولس الرسول الثانية والأخيرة أمام نيرون) ووقف مرة ثانية أمام نيرون وكم كانت تكون صورة رائعة لو أن لوقا كان حاضرًا معه ليسجِّلها لنا.فهنا وقف خير رجل وجهًا لوجه مع شر رجل، تلاقى الخير والشر مواجهة. وكان الخير مُقيدًا بالسلاسل والشر جالسًا على العرش! وكم من مرة حدث هذا في عالم انقلبت فيه الأوضاع! فما زال الشر يناصب الخير العداء. ومازال الخير يصارع لينقذ العالم. ولكن على الرغم من كل المظاهر فالخير هو المنتصر. وفي هذا الوضع حين بدا أن الشر غلب تراجع متقهقرًا أمام الخير في النهاية. ومن ذا الذي يشك فيمن كان الأسعد: الشيخ المصارع الباسل الذي عاش من أجل الله بل عاشه فعلًا، ولم يكن ليملك في النهاية غير ثوب عتيق وبعض الرقوق، أم ذلك الإمبراطور الشرير الفاسق الذي كان يملك المال الوفير ويملك أيضًا السلطة المطلقة؟