رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
فأَجابَه سَيِّده: ((أَيُّها الخَادِم الشِّرِّير الكَسْلانُ! عَرَفتَني أَحصُدُ مِن حَيثُ لم أَزرَعْ، وأَجمَعُ مِن حَيثُ لَم أُوزِّعْ. تشير عبارة "أَيُّها الخَادِم الشِّرِّير الكَسْلانُ!" إلى رد فعل صاحب المال بكلمات قاسية "شرير وكسلان" على جواب الخادم، لأنه كان متقاعسًا ووغير مُباليًا، أي عدم فعل أي شيء، يعتبر خطيئة كبيرة إزاء الإنسان نفسه والله وقريب. إذ دفن الوزنة الموكلة إليه في حُفرة الإهمال والفتور، وعاش حياة اللامبالاة بعيد عن حضور الله. أمَّا عبارة "أَيُّها الخَادِم الشِّرِّير " فتشير إلى إهمال الوكيل الشِّرِّير في واجباته (متى 24: 48)؛ لا ينتظر الله من وكلائه الرِّبْح في حد ذاته، ولا يهتم بكميَّته، إنّما يهتم بأمانة خَدَمه أو إهمالهم. لان الذي اقتناه الخَادِمان أصحاب الخَمْس وَزَنات والوزنتين هو "الأمانة في الوكالة"، وأصبحا مؤهلان أن يُقاما على الكثير، أمَّا صاحب الوَزْنَة الواحدة فمشكلته إهماله، إذ أخفي الوَزْنَة وعاش عاطلاً كسولا. ويمثل هذا الخَادِم الشِّرِّير جماعة اليهود الأتقياء الذين ائتمنوا على شريعة الله فحفظوها لذاتهم دفينة في الهيكل، ولم يعلنوها للناس ولم يُشرك بها أحدًا. ولم يشع نور شريعة الإنجيل إلا بعد أن أخذت الجماعة المسيحية الأولى هذا المشعل وحملته إلى الأمم. أمَّا عبارة " الشِّرِّير " فتشير إلى ميل الخَادِم الشِّرِّير الذي عمل عمدا ضد مصالح سَيِّده. فكسل الخَادِم وسوء ظنِّه في سَيِّده شبيه بالكسل في عيني الله الذي أعطانا قوانا العقلية والجسدية لنستعملها لمجده تعالى وخير النَّاس؛ وعدم استعمالنا إياها يعتبر تبذير وإتلاف وشر. أما عبارة " الكَسْلانُ " فتشير إلى الشَّخص المُتَقَاعِسٍ عَنْ أَدَاءِ عَمَلِهِ وَوَاجِبِهِ، وذلك بانه دفن مال سَيِّده ولم يربح له شيئا. ويعلق القديس كيرلس الكبير. إنَّ الكَسْلانُ "هو باب الهلاك". واكد ذلك المحامي الأمريكي المشهور ستيفن ساندرز شاندلير بقوله " الكسل هو السَّبيل إلى الموت المحتم". أمَّا عبارة "عَرَفتَني أَحصُدُ مِن حَيثُ لم أَزرَعْ، وأَجمَعُ مِن حَيثُ لَم أُوزِّعْ" فتشير إلى استعادة السَّيد كلام الخَادِم الشِّرِّير لكنه لم يكن موافقٌ على صحة قوله. فكلام السَّيد هو في موقع الشَّرط في جوابه للخادم، أي إن كنت قد عرفت ما قلت كان يجب عليك أن تفعل حسبما عرفت وتضع مالي عند الصيارفة. وكان السَّيد يقول له " بكَلامِ فَمِكَ أَدينُكَ أَيُّها الخادِمُ الشِّرِّير!" (لوقا 19: 22). والواقع إن الله رحيم للذين يعودون إليه كالابن الضال (لوقا 15/20) وإن الله قاسٍ تجاه قساة القلوب كما هو الحال تجاه فرعون بعد أن رفض الإصغاء (خروج 8: 32). فعلينا أن نربح أنفسنا لمَلَكُوت الله بالجهد والتَّعب والاجتهاد وجلب الثِّمار التي تليق بالحياة الأبدية. اما عبارة "عَرَفتَني" فتشير إلى ظن الخَادِم انه يعرف الله، والحق انه لا يعرفه أحد ما لم يشعر بانه محبة، أي أب رحيم جواد. أمَّا عبارة "أَحصُدُ مِن حَيثُ لم أَزرَعْ، وأَجمَعُ مِن حَيثُ لَم أُوزِّعْ" فتشير إلى خطأ الخَادِم بان يعتبر سَيِّده قاسيا كما أخطأ اليهود في أيام حزقيال فقالوا " لَيسَ طَريق السَّيَدِ بِمُستَقيم" (حزقيال 18: 25)، كذلك يخطئ من يحسبه رب رحمة بلا عدل كما قال الله على لسان صاحب المزامير "أَتَظُنُّ أَنِّي مِثلُكَ؟" (مزمور 50: 21). |
|