إني مثال عملي يجيب على التساؤلات
تساؤل المرتل داود ينبع عن ثقته في الله خالقه، الذي أقامه كائنًا عاقلًا، ولا يبخل عليه بالكشف عن إرادته الإلهية، واهبًا له المعرفة والفهم. لهذا إذ يتطلع خائفوا الرب إلى داود يجدون فيه مثلًا حيًا للحوار مع الله وسط الآلام فيفرحون ويطمئنون، مشاركين إياه ثقته في الرب.
"الذين يخافونك يبصرونني ويفرحون،
لأني بكلامك وثقت" [74].
علامة الشركة الحقيقية أنه إذ يتعزى عضو في وسط آلامه يفرح معه خائفوا الرب ويتعزون، وما يتمتع به أحدهم يحسبونه عطية للجميع. وكما يقول داود النبي: "يسمع الودعاء فيفرحون، عظموا الرب معي ولنعلِ اسمه معًا" مز 2:34. "الصديقون يكتنفونني لأنك تحسن إليّ" مز 7:142.
* يبصر أتقياء الله أعمالي الحسنة ببصيرة حسية، وفضائل نفسي ببصيرة عقلية، ويفرحون لثقتي في كلامك.
أنثيموس أسقف أورشليم
* يأخذونني قدوة عندما ينظرونني، كيف؟ "بكلامك وثقت"، وينتظرون أن ينالوا ذات المنافع.
يوسابيوس القيصري
* ليس كل الذين يرون البار يفرحون، فإنه بالنسبة (للأشرار) حتى التطلع إلى البار يكون ثقيلًا، لأن حياته لا تشبه حياة الآخرين، وسُبله مختلفة عن سبلهم (الحكمة 14:2-15)، لهذا يرون البار في غير نقاوة. وبقدر ما يكون التطلع إلى البار ثقيلًا بالنسبة لهم يكون مفرحًا بالنسبة للإنسان التقي.
يمكن أن تفهم كلمة "يبصر" إما بطريقة حسية، وتعني الإنسان الظاهر، وإما بمفهومٍ روحي ويعني نفسه (الإنسان الداخلي)، أي أفكاره وعقله وحكمته؛ بهذا نرى البار فنبتهج به ونفرح بمعرفته.
العلامة أوريجينوس
* يمكن أن نفهم ذلك هكذا أن خائفي الرب كاملون، ولا يعوزهم شيء (مز 1:34)، وأبرار... يريدون أن يتقدم الكل ويستفيدون، وهم يبتهجون بكل ما يرضى الله، متشبهين بسكان السماء الذين يفرحون بالتائبين (لو 7:15).
ويمكن أيضًا أن تعني بأن (خائفي الرب) هم أقل تقدمًا، يبصرونني فيفرحون لأني بكلامك وثقت. يرونني أرغب الحياة في اتحاد كامل مع كلامك هذا، لكيما تتفق أفكاري وأفعالي مع تعليمك، وبسبب خوفهم من السقوط تحت طائلة العقاب الخاص بالأشرار والخطاة حسب أحكامك، يمتنعون عن الشر. إنهم يخافونك بطريقة بها يبصرونني فيفرحون، خلال امتناعهم عن الخطية، لا عن حزنٍ أو اضطرارٍ (2كو 7:9)، وإنما بغيرة كي يستعيدوا القوة، لأنهم هم أيضًا يثقون في كلامك.
القديس ديديموس الضرير
يرىالقديس أغسطينوس أن خائفي الرب هنا هم الكنيسة التي هي جسد المسيح، تبصر ذاك الذي وثق في كلام الله فيفرحون... أي يبصرون أعضاء في جسد المسيح فيفرحون من أجل ثقتهم في كلمات الرب. وكأن المؤمنين يرون إخوتهم المشاركين لهم في الإيمان يفرحون بهم من أجل إيمانهم بكلمة الله.