رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
من هم المدعوون الدخول في ملكوت الله؟ دخول ملكوت الله هو نِعْمَة من الله، وله أبعاد لاهوتيَّة وكنسيَّة ومسكونيَّة واسكتولوجيّة وروحيّة. من هم المدعوون لدخول في ملكوت الله على الصعيد اللاهوتي؟ يكشف السَّيِّد المسيح من خلال المَثل الوارد أعلاه حقيقة وجَه الآب: إنه إله يُبادر البَشر بحُبِّه، ويُريدهم أن يشتركوا في ملكوته وسعادته. إنَّه إلهٌ يجود بخيراته على الجميع، ويدعوهم دون ملل. إنه إلهٌ ذو كَرْمِ وصلاح لا يُحاسبنا على قدر استحقاقنا، ولكن على قدر سَخائه وصلاحه. يقول القديس أوغسطينوس "إن السَّيِّد في هذا المَثل قد فتح الباب للجميع، فلا ييأس أحد، إنه يُكرّر الدَّعوة قابلًا الجميع". فالمسيح دعا بولس الرَّسول في منتصف حياته بعد أن كان مُضطهدًا للكنيسة، كان آخِرًا فصار أولًا (أعمال الرسل 9: 1-19). ويُعلق القدّيس غريغوريوس الكبير " لم يتوقّف الله منذ بداية العَالَم حتّى النهاية، عن دعوة المُبشّرين لتعليم جماعة المؤمنين. الفجر بالنسبة إلى العَالَم كان الفترة الممتدّة من آدم إلى نوح؛ السَّاعةِ الثالثة، الفترة الممتدّة من نوح إلى إبراهيم؛ السَّاعةِ السادسة، الفترة الممتدّة من إبراهيم إلى موسى؛ السَّاعةِ التاسعة، الفترة الممتدّة من موسى إلى مجيء الرَبّ؛ والسَّاعةِ الحادية عشرة، الفترة الممتدّة من مجيء الرَبّ إلى نهاية العَالَم. لقد أُرسِل الرُّسل القدّيسون للتبشير في هذه السَّاعةِ الأخيرة، ورغم مجيئهم المتأخّر، فقد نالوا أجْرًا كاملاً"(عظات عن الإنجيل، العظة رقم 19) دعوة الله لنا للعمل في كَرْمِه هي دعوة عمليّة ومستمرّة عبر كل ساعات نهارنا وحياتنا، من طفولتنا حتى شيخوختنا. الله لا يتوقف ان يدعو النَّاس إلى مَلكوت الخلاص "ما دامَ إِعلانُ هذا اليَوم" كما جاء في رسالة صاحب العبرانيين (عبرانيين 13:3). ويُدخل الله المرء الملكوت ليس بناءً على مؤهلاته ومهارته وولائه، إنَّما بناء على محبته تعالى ورحمته المَجَّانية. لا يحصل المرء على أجْر مقابل عمل قام به، بل لكونه ما هو عليه. وبما انه ابن الله وليس عبدًا أو حتى عاملا، فإن ما يحصل عليه هو أكثر مما يستحقّ؛ انه يحصل على الخلاص والمشاركة المجَّانية في حياة الله في ملكوته السماوي. من هم المدعوون لدخول في ملكوت الله على الصعيد الكنسي؟ كما إنَّ رَبّ البيت دفع في آخر الأمر الأُجرَة للعملة الذين دعاهم أولاً، كذلك يُدخل الله في ملكوته آخرا اليهود الذين دعاهم أولاً، ويُدخل الوثنيين أولا الذين دعاهم أخيرًا. إنَّ الأوَّلين، أصحاب السَّاعةِ الأولى هم اليهود، الذين دُعوا إلى الخلاص أول النَّاس، لكنهم رفضوا المسيح وصاروا آخر النَّاس. وان الآخرين، أصحاب السَّاعةِ الأخيرة، وهم الشعوب الوثنية، الذين دُعوا إلى الخلاص آخر النَّاس، لكنهم قبلوا المسيح صاروا أولَّ النَّاس. فالوثنيون الذين دُعوا في وقتٍ مـتأخرٍ دخلوا إلى الكنيسة قبل اليهود الذين كانوا أوَّل المَدعوّين. سبق العَالَم الوثني العَالَم اليهودي إلى الملكوت " يَصيرُ الآخِرونَ أَوَّلين والأَوَّلونَ آخِرين" (متى 20: 16). لانَّ الآخرون اكتشفوا وتقبلوا رحمة الله المجَّانيَّة واشتركوا حالا في ملكوته، ولانَّ هذه المشاركة تبدو لهم عطية مجَّانيَّة لا كحق مكتسب، كما صرّح بولس الرَّسول "فلَيسَ الأَمرُ إِذًا أَمرَ إِرادَةٍ أَو سَعيٍ، بل هو أَمرُ رَحمَةِ اللّه" (رومة 9: 16). كان اليهود ينظرون إلى الأمم الوَثنيَّة نظرة احتقار وكراهية. وفي اعتقادهم أنّه لو دخل الأمم ملكوت الرَبّ، يجب أن يكون مقامهم أدنى من اليهود. ويعلق القدّيس يوحنّا الذهبيّ الفم " إن الرَبّ يسوع أدان غرور أولئك المنتمين للفئة الأولى (اليهود) لكي يمنعهم من توبيخ الذين أتوا متأخّرين (الوثنيين)، عندما بيّن لهم أن المكافأة هي نفسها للجميع" (العظة 64). ومن هذا المنطلق، أراد يسوع أن يُبيّن أنه إذا دخلت الأمم إلى الكنيسة، فيجب أن يكون لهم المقام عينه والاعتبار عينه. ليس من سياسة الرَبّ تفضيل أُمّة على أُمّة، كما جاء في عظة بطرس الرَّسول " أَنَّ اللهَ لا يُراعي ظاهِرَ النَّاس، فمَنِ اتَّقاه مِن أَيَّةِ أُمَّةٍ كانت وعَمِلَ البِرَّ كانَ عِندَه مَرضِيًّا" (اعمال الرسل 10: 34-35). الأمم الوثنية هم أولئك المدعوُّون الآخرون للدخول في "العهد"، وهم يُعاملون على قَدم المُساواة مع الشَّعب اليهودي فنالوا ما ناله اليهود. ولذلك فإن الانتماء إلى الشَّعب اليهودي، لم يُعدْ شرطاً ضروريًا لدخول الملكوت، كما كان في العهد القديم، وفي هذا الصَّدد صرّح السَّيِّد المسيح "سَوفَ يَأتي أُناسٌ كَثيرونَ مِنَ المَشرِقِ والمَغرَبّ، فَيُجالِسونَ إِبراهيمَ وَإِسحقَ ويَعقوب على المائِدةِ في مَلَكوتِ السَّمَوات، وأَمَّا بَنو المَلَكوت فَيُلقَوْنَ في الظُّلمَةِ البَرَّانِيَّة"(متى 8: 11-12). لو فرح العُمَّال الأوَّلون بهذه النِّعْمَة لكانوا بلا شكٍ من الأوَّلين، ولكن حَسَدهم جعلهم يتذمرون فأصبحوا من الآخرين. الله يهب "دينار الخلاص" أي الدخول إلى كنيسته لَمَن يشاء من المُتقدِّمين أو المُتأخرين، لا نظرًا إلى استحقاقاتهم بل لرحمته تعالى التي لا تُقاس بمعايير النَّاس " كما يقول أشعيا على لسان الرَبّ "إِنَّ أَفكاري لَيسَت أَفْكارَكم ولا طرقُكم طُرُقي، يَقولُ الرَبّ" (أشعيا 55: 8). فمنطق الله غير منطق النَّاس. وإذا تَبع الله طرقَنا وأفكارَنا، فلا مجال لرحمته، إذ نحرم ذواتنا من سموه. لا موازنة بين الله-الخَالق مع الإنسان-المَخلوق! لا ينبغي أن نُطبق فكرنا البشري ونلصقها بالرّبّ العظيم فهو إلهنا ونحن خلائقه كما يترنم صاحب المزامير: "فإِنَّه هو إِلهُنا ونحنُ شَعبُ مَرْعاه وغَنَمُ يَدِه " (المزامير 95: 7). نرى هنا الفرق بين اليهوديَّة والمسيحيَّة. فاليهود يفهمون أن الله يعطى كل واحد بحسب أعماله، أما المسيحية فتفهم أن عطايا الله ليست بحسب الأعمال بل بمقتضى النِّعْمَة، وهذا ما يوضِّحه بولس الرَّسول " الَّذي خَلَّصَنا ودَعانا دَعوَةً مُقَدَّسة، لا بالنَّظَرِ إلى أَعمالِنا، بل وَفْقًا لِسابِقِ تَدْبيرِه والنِّعْمَة الَّتي وُهِبَت لَنا في المسيحِ يسوعَ مُنْذُ الأَزَل" (2 طيموتاوس 1: 9). نستنتج مما سبق أنَّ ما وراء هذا المَثل للأولين والآخرين، يُمكننا أن نقرأ صراعًا آخرًا، صراع بين أبناء العهد القديم وأبناء العهد الجديد، بين الابن البكر والابن الأصغر في مَثَل الابن الضَّال، وبين الفِرِّيسي والعَشَّار وكل هؤلاء الذين أتوا آخِراً واستقبلهم يسوع ووضعهم في المكان الأول، كما هو الحال مع اللص اليمين الذي هو أول من دخل مع يسوع في الملكوت السَّماوي. من هم المدعوون لدخول في ملكوت الله على الصعيد المسكوني؟ يكشف المثل الوارد أعلاه أنَّ الرَبّ لا يحتقر عاملاً جاءه في ساعة متأخرة ولا عاملاً من طبقة متواضعة، إنَّ خلاص الله لا يُحصر في أمة دون أمة، وإنَّما الله هو الذي يهب الخلاص للنَّاس أجمعين دونما اعتبار للمَكانة أو للزَّمان أو لمدَّة الخِدمة. الله أكبر من قلوبنا (يوحنا 3: 20)؛ فيَحقُّ للجميع أن يشاركوا في محبَّة الآب السَّماوي في الخلاص الذي قدّمه عن طريق ابنه يسوع المسيح. فلماذا التذمر والحَسَد إن نال الآخرون ما نلناه نحن؟ الرَبّ يدعو الجميع حتى آخر لحظة، ويقبل حتى من يأتي متأخراً. اقتداءً بالرَبّ، ينبغي أن ينظر الأوّلون الآخرين باللطف وبمحبَّة، وليس بعين الحسود وبقلب شرّير. وكلنا نعلم بأن الحَسَد هو عكس الشكر والتمجيد، فالحَسَد يجعلنا نحزن على وجود ما هو إيجابي لدى الآخر، بينما الشكر والتمجيد يجعلنا نفرح. يبيّن لنا المَثل أنّه لا يشترط الأقدميّة لدخول ملكوت الله. فالرَبّ لا يحكم من باب العَدْل والاستحقاق فقط، بل من باب المَحَبَّة أيضا، والمَحَبَّة هي عطاء دون حِساب، وإنَّها تتفوّق وتسمو على العَدْل. فالرَبّ هو إله الجميع، وهو لا يدفع أجرة فحسب، إنما يعطى بمحبة وبسخاء، يُعطى أكثر مما نظن أو نتوقع. إنَّه يعطي بحسب نعمته، كما جاء في تعليم بولس الرَّسول "ذاكَ الَّذي يَستَطيعُ، بِقُوَّتِه العامِلَةِ فينا، أَن يَبلُغَ ما يَفوقُ كثيرًا كُلَّ ما نَسأَلُه أَو نَتصَوَّرُه" (أفسس 3: 20). نحن لا نكسب ما نناله من الرَبّ بجهدنا، لكنّه يُعطينا من جوده وصلاحه وحبّ قلبه؛ فالدُّخول إلى ملكوت الخلاص هو بفضل نعْمَة الرَبّ ومحبته للجميع. فلك منا يا رب الشكر والحمد لاستقبالك الجميع. من هم المدعوون لدخول في ملكوت الله على الصعيد الإسكتولوجي أو الأخروي؟ الله ينزل إلينا عبر التَّاريخ كله، من عصر إلى عصر، ومن جيل إلى جيل، ومن ساعة إلى أخرى، يطلب عَمَلَة إلى كَرْمِه الإلهي، ليهبهم المُكافأة الأبديّة عند مساء حياتهم الزَّمنيّة. إنّ الأبرار الذين أتوا إلى العَالَم في البداية، مثل هابيل ونوح، (التكوين 9: 8) كانوا من المَدعوِّين في السَّاعات الأولى، كما أنّ بعض الأبرار الذين جاؤوا من بعدهم، مثل إبراهيم، وإسحق، ويعقوب (التكوين 17: 4-8) وكلّ مَن عاصروهم، قد تمّت دعوتهم في السَّاعةِ الثالثة. كذلك الأمر بالنسبة إلى الأبرار الآخرين، مثل موسى، وهارون وكلّ الذين تمّت دعوتهم معهم في السَّاعةِ السادسة؛ ثمّ يأتي دور الأنبياء القدّيسين، وهم من المَدعوِّين في السَّاعةِ التاسعة. وفي نهاية العَالَم، يأتي المؤمنون المَدعوّون في السَّاعةِ الحادية عشر، كما جاء في تعليم يوحنا الرَّسول "أجَل، اُثبُتوا فيه الآن، يا بَنِيَّ. فإِذا ظَهَرَ كُنَّا مُطمَئِنِّين ولَن نَخْزى في بُعْدِنا عنه عِندَ مَجيئه" (1 يوحنا 2: 28). سنكون كلّنا مُتساوين، الأوّلون كأنّهم الآخرون، والآخرون كأنّهم الأوّلون، لأنَّنا سننال كلنا معًا "دينار الخلاص والحياة الأبدية ". لكن لن يكون الكل متساوون في المجد، بل " كُلُّ واحِدٍ ورُتْبَتُه. فالبكرُ أَوَّلاً وهو المَسيح، ثُمَّ الَّذينَ يَكونونَ خاصَّةَ المسيحِ عِندَ مَجيئِه" (1 قورنتس 15: 23). من هم المدعوون لدخول في ملكوت الله على الصعيد الروحي؟ كما ان رَبّ البيت لم يكن غير عادلٍ، لمَّا أعطى جميع العَمَلة أجرتهم واحدة بالتساوي، " فَأَخَذَ كُلٌّ مِنهُم ديناراً"(متى 20: 10)، لأنه لا يستند إلى استحقاقاتهم، بل إلى كَرْمِه وصلاحه، كذلك لم يكن الله غير عادلٍ لمَّا قبل الخاطئين في ملكوته، لأنه "كريم". إنَّ الأوَّلين هم الفِرِّيسيُّون، والآخرين هم العَشَّارون والخطأة. ينال العشارون بحسب منطق يسوع ما يناله الفِرِّيسيُّون، والخطأة ما يناله الأبرار. لكن الفِرِّيسيُّون حسدوا الخطأة والعَشَّارين واخذوا يتذمرون على يسوع "هذا الرَّجُلُ يَستَقبِلُ الخاطِئينَ ويَأكُلُ مَعَهم!" (لوقا 15: 2)، ولم يفهموا أنَّ الله يهمَّه الآخرين، كما يهمه الأوَّلين، يهمه الأبرار والخطأة، الأصحاء والمَرضى. بل أنَّ للمرضى والخطأة المقام الأول في قلب الله، كما جاء في قوله "ليسَ الأَصِحَّاءُ بِمُحْتاجينَ إلى طَبيب، بلِ المَرْضى. ما جِئتُ لأَدعُوَ الأَبرار، بلِ الخاطِئين" (مرقس 2: 17). يعطي يسوع الأولوية للآخرين: المَنبوذين والفقراء والخَطأة والعَشَّارين "إِنَّ الجُباةَ والبَغايا يَتَقَدَّمونَكم إلى مَلَكوتِ الله" (متى 21: 31). ومن هذا المطلق، فان هدف المَثل هو أن الرَبّ يريد ألاّ يتمسك تلاميذه بالفكر الفِرِّيسي، وهو رفض الخطأة، بل ان يكون لهم قلبٌ رحيمٌ، فالله كله رحمة، وهو يُشارك العَشَّارين والخطأة في ملكوته مجانًا، لان جوده عظيم وكَرْمِه واسع" لأَنِّه كريم صالح"(متى 20: 15). ويعلق القدّيس يوحنّا الذهبيّ الفم "أثار الرَبّ يسوع حماس المتأخِّرين حين أظهر لهم أن بإمكانهم استحقاق الأجر نفسه مثل الأوّلين. فأعاد الرَبّ بذلك إحياء شعلة المَحَبَّة فيهم، وقوّى شجاعتهم وأراهم أنّه حتّى آخر الواصلين ينالون أجرَ يومٍ كاملٍ (العظة 64). يختار الله الإنسان رغم عداوته له بسبب الخطيئة، ويعفو عنه، كما ورد في تعليم بولس الرَّسول "لَمَّا كُنَّا لاَ نَزالُ ضُعَفاء، ماتَ المسيحُ في الوَقْتِ المُحدَّدِ مِن أَجْلِ قَوْمٍ كافِرين، ... أَمَّا اللهُ فقَد دَلَّ على مَحبتِّهِ لَنا بِأَنَّ المسيحَ قد ماتَ مِن أَجْلِنا إِذ كُنَّا خاطِئين. ...فإِن صالَحَنا اللهُ بِمَوتِ َابِنه ونَحنُ أَعداؤُه، فما أَحرانا أَن نَنجُوَ بِحَياتِه ونَحنُ مُصالَحون! " (رومة 5: 6-10)، ولم تخلصنا نعْمَة الله من الموت بإعلان التبرئة فحسب، (رومة 3: 24)، إنما وصلت في سخائها إلى اقصى الحدود "حَيثُ كَثُرَتِ الخَطيئَةُ فاضَتِ النِّعْمَة (رومة 5: 20) والله يُوزّعها بلا حساب، كما جاء في تعليم بولس الرَّسول "حتَّى إِذا كَثُرَتِ النِّعْمَة عِندَ عَدَدٍ أَوفَرَ مِنَ النَّاس، أَفاضَتِ الشُّكرَ لِمَجْدِ الله" (2 قورنتس 4: 15). وبما أنَّ الله " لم يَضَنَّ بابْنِه نَفسِه، بل أَسلَمَه إلى المَوتِ مِن أَجْلِنا جَميعًا، كَيفَ لا يَهَبُ لَنا معَه كُلَّ شَيء؟ (رومة 8: 32). لله الحق أن يعطي أو لا يعطي كما يشاء. ودون محبة أخوية ودون تضامن لا نستطيع أن نفهم صلاح الله. هنا نتذكر جواب يسوع لسؤال الغني " لماذا تَسأَلُني عَنِ الصَّالِح؟ إِنَّما الصَّالِحُ واحِد" (متى 19: 17). الصالح هو الله. والخلاص هو نتيجة صلاح الله ونعْمَة الله وكَرْمِه، ودونه لا يستحقُّ أحدٌ الحياة الأبدية. لذا يتوجب علينا ان لا نحسد من يرجعوا إلى الله في اللحظات الأخيرة من حياتهم، كما رجع اللص اليمين الذي قال ليسوع المصلوب "أذكُرْني يا يسوع إِذا ما جئتَ في مَلَكوتِكَ" ((لوقا 23: 42). فاللص الذي تاب وهو على عتبة الموت نال الخلاص مثله مثل الشخص الذي آمن وخدم الله سنين عديدة. نستنتج مما سبق أن التوبة لا وقت لأوانها ابدأ، لا تكون مبكرة ولا تكون متأخرة، وان أجر التوبة واحدٌ عند الله. يجب ألاَّ نحسد من رجعوا إلى الله في اللحظات الأخيرة من حياتهم، لأنه لا يستحق أحدٌ الحياة الأبدية. فبدل التذمر على الله لقبوله الخطأة والمنبوذين. علينا أن نشكر الله على نعمه وخاصة على ما أحسن به إلينا وأن نسير سيرة تليق بإنجيل المسيح المَحَبَّة والمشاركة وفرح عودة الآخر إلى الملكوت. |
|