منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 20 - 09 - 2023, 05:29 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,467

آرميا النبي | كأس خمر السخط


كأس خمر السخط



يرى البعضأن هذا الأصحاح يمثل ختامًا للدرج الذي أملاه إرميا على كاتبه باروخ عام 604 ق.م.، وأن وضعه الأصلي بعد الأصحاحات العشرين الأولى. ففي ذلك الحين أقام نبوخذنصر نفسه سيدًا على منطقة الشرق الأوسط من مصر إلى الميصة (ما بين النهرين). وأدرك إرميا أنه قد هبَّت الريح القادمة من الشمال على يهوذا وأورشليم فعلًا، وهي تحرك الجيش البابلي.
في هذا الأصحاح يقدم لنا النبي ملخصًا لخدمته خلال الثلاث وعشرين عامًا السابقة كنبيًا للشعوب، هذه الخدمة التي رفضها الجميع، كما سبقوا فرفضوا خدمة الأنبياء السابقين له.



1. تاريخ النبوة:

1 اَلْكَلاَمُ الَّذِي صَارَ إِلَى إِرْمِيَا عَنْ كُلِّ شَعْبِ يَهُوذَا، فِي السَّنَةِ الرَّابِعَةِ لِيَهُويَاقِيمَ بْنِ يُوشِيَّا مَلِكِ يَهُوذَا، هِيَ السَّنَةُ الأُولَى لِنَبُوخَذْرَاصَّرَ مَلِكِ بَابِلَ، 2 الَّذِي تَكَلَّمَ بِهِ إِرْمِيَا النَّبِيُّ عَلَى كُلِّ شَعْبِ يَهُوذَا وَعَلَى كُلِّ سُكَّانِ أُورُشَلِيمَ قَائِلًا: 3 «مِنَ السَّنَةِ الثَّالِثَةِ عَشَرَةَ لِيُوشِيَّا بْنِ آمُونَ مَلِكِ يَهُوذَا إِلَى هذَا الْيَوْمِ، هذِهِ الثَّلاَثِ وَالْعِشْرِينَ سَنَةً، صَارَتْ كَلِمَةُ الرَّبِّ إِلَيَّ فَكَلَّمْتُكُمْ مُبَكِّرًا وَمُكَلِّمًا فَلَمْ تَسْمَعُوا.

كل الأحاديث النبوية التي سبق فألقاها إرميا إما أنها لا تحمل تاريخًا بالمرة أو تحمله بطريقة عامة كالقول: "في أيام يوشيا" (إر 3: 6)، أو "في بدء حكم يهوياقيم" (إر 26: 1)، لكن هنا وفي بعض الأحاديث التي أُلقيت فيما بعد وضع تاريخًا محددًا لها كما في (إر 28: 1؛ 32: 1؛ 36: 1؛ 39: 1 إلخ) .
"الكلام الذي صار إلى إرميا عن كل شعب يهوذا في السنة الرابعة ليهوياقيم بن يوشيا ملك يهوذا.
هي السنة الأولى لنبوخذنصر ملك بابل.
الذي تكلم به إرميا النبي على كل شعب يهوذا وعلى كل سكان أورشليم قائلًا" [1-2].
يرجع تاريخ الفقرة إلى عام 605 ق.م. في السنة الرابعة لملك يهوياقيم التي دارت فيها معركة كركميش الفاصلة، ونتيجة هذه المعركة تم طرد المصريين، واستولت بابل على يهوذا لتصبح جزءًا من إمبراطوريتها (2 مل 24: 1).
الادعاء بوجود خطأ في التواريخ حيث أن السنة الرابعة من حكم يهوياقيم في [1] هي نفسها المُشَار إليها بأنها السنة الثالثة من حكم نفس الملك في دانيال (دا 1: 1)، مبني على سوء فهم للطرق القديمة في الشرق لترتيب التواريخ الزمنية. ففي فلسطين في القرن السابع قبل الميلاد كانت تُحسب سنة تبوء الملك للعرش إنها السنة الأولى في الحكم، بينما في بابل كانت هذه السنة تحسب مستقلة ثم يتبعها السنة الأولى من الحكم الفعلي. وهكذا احتسب إرميا هذه السنة طبقا للنظام المعمول به في فلسطين بينما اتبع دانيال النظام المعمول به في بابل.
السنة الرابعة لحكم يهوياقيم (506 ق.م.) هي ذات السنة التي فيها أملى النبي إرميا نبوات على باروخ الكاتب، وقد قرأ الدرج أمام الملك (إر 36: 1-26). وإذ أحرقه الملك؛ فأُعيد كتابة درج جديد وصار نواة لتجمعات نبوات إرميا النبي (إر 36: 27-32). القطعة التي بين أيدينا (إر 25: 1-14) إما أنها ملخص للدرج أو مقدمة له تُقرأ قبل قراءة الدرج.
وتعتبر هذه السنة نقطة تحول خطيرة في تاريخ يهوذا بعد هزيمة فرعون نخو بواسطة البابليين.
حذفت الترجمة السبعينية التعليق المختص بنبوخذنصر.
"من السنة الثالثة عشرة ليوشيا بن آمون ملك يهوذا إلى هذا اليوم هذه الثلاث والعشرين سنة صارت كلمة الرب إلى فكلمتكم مبكرًا ومكلمًا فلم تسمعوا" [3].
إذ يعتبر إرميا النبي أن خدمته بدأت في السنة الثالثة عشرة من حكم يوشيا سنة 627 ق.م. يتساءل البعض إن كان هذا التاريخ هو بداية أول رسالة تسلمها من الله لإعلانها على الشعب، أم أنه تاريخ ميلاده حيث دُعي للخدمة وهو بعد في بطن أمه. على أي الأحوال بدأ إرميا خدمته مبكرًا جدًا.
الفترة من السنة الثالثة عشرة ليوشيا حتى السنة الرابعة من يهوياقيم تضم 23 عامًا، منها 19 عامًا في أيام يوشيا و4 أعوام في أيام يهوياقيم، بالإضافة إلى 3 شهور مُلك يهوآحاز.
2. تأكيد الدمار:

4 وَقَدْ أَرْسَلَ الرَّبُّ إِلَيْكُمْ كُلَّ عَبِيدِهِ الأَنْبِيَاءِ مُبَكِّرًا وَمُرْسِلًا فَلَمْ تَسْمَعُوا وَلَمْ تُمِيلُوا أُذُنَكُمْ لِلسَّمْعِ،
5 قَائِلِينَ: ارْجِعُوا كُلُّ وَاحِدٍ عَنْ طَرِيقِهِ الرَّدِيءِ وَعَنْ شَرِّ أَعْمَالِكُمْ وَاسْكُنُوا فِي الأَرْضِ الَّتِي أَعْطَاكُمُ الرَّبُّ إِيَّاهَا وَآبَاءَكُمْ مِنَ الأَزَلِ وَإِلَى الأَبَدِ.
6 وَلاَ تَسْلُكُوا وَرَاءَ آلِهَةٍ أُخْرَى لِتَعْبُدُوهَا وَتَسْجُدُوا لَهَا، وَلاَ تَغِيظُونِي بِعَمَلِ أَيْدِيكُمْ فَلاَ أُسِيءَ إِلَيْكُمْ.
7 فَلَمْ تَسْمَعُوا لِي، يَقُولُ الرَّبُّ، لِتَغِيظُونِي بِعَمَلِ أَيْدِيكُمْ شَرًّا لَكُمْ.
8 «لِذلِكَ هكَذَا قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ:
مِنْ أَجْلِ أَنَّكُمْ لَمْ تَسْمَعُوا لِكَلاَمِي
9 هأَنَذَا أُرْسِلُ فَآخُذُ كُلَّ عَشَائِرِ الشِّمَالِ، يَقُولُ الرَّبُّ، وَإِلَى نَبُوخَذْرَاصَّرَ عَبْدِي مَلِكِ بَابِلَ، وَآتِي بِهِمْ عَلَى هذِهِ الأَرْضِ وَعَلَى كُلِّ سُكَّانِهَا وَعَلَى كُلِّ هذِهِ الشُّعُوبِ حَوَالَيْهَا، فَأُحَرِّمُهُمْ وَأَجْعَلُهُمْ دَهَشًا وَصَفِيرًا وَخِرَبًا أَبَدِيَّةً.
10 وَأُبِيدُ مِنْهُمْ صَوْتَ الطَّرَبِ وَصَوْتَ الْفَرَحِ، صَوْتَ الْعَرِيسِ وَصَوْتَ الْعَرُوسِ، صَوْتَ الأَرْحِيَةِ وَنُورَ السِّرَاجِ. [4-10].

يُلَاحَظ في العبارات السابقة الآتي:
أولًا: هنا يوجه إرميا التماسه إلى عامة الشعب وليس للطبقة الحاكمة فقط.
ثانيًا: يؤكد إرميا النبي أن ما نادى به خلال الثلاث وعشرين سنة لم يكن بالأمر الجديد، فقد سبق وأرسل لهم الله أنبياء منذ وقتٍ مبكرٍ ينذرهم بذات الرسالة. فمن جانب ليس لهم عذر بسبب مقاومة الأنبياء الكذبة له. لو كان إرميا هو النبي الفريد في حمل هذه الرسالة لتشككوا، لكن سبقه إشعياء النبي وغيره، فما هو عذرهم؟! ومن جانب آخر، فإن الله تمهل عليهم سنوات هذه عددها لعلَّهم يرجعون إلى أنفسهم ويتوبون، لكنهم عوض التوبة استهانوا بطول أناة الله ولطفه، ظانين أن الله يهدد ولا يؤدب!
ربما أراد النبي تأكيد استمرارية خدمته لهم، فقد قضى من عمره هذه السنوات الطويلة دون أدنى استجابة من جانبهم، وقد بقى وسيبقى يعلن كلمة الله لهم بلا ملل!
ثالثًا: بقوله "عمل أيديكم" [6]ربما يشير إلى صنع التماثيل أو الأوثان التي يصنعونها ثم يتعبدون لها، وقد تشير إلى الشر الذي يرتكبوه، وكأن شرهم قد تمثّل في عبادتهم للأوثان كما في تصرفاتهم الشريرة وسلوكهم الرديء.
رابعًا:يقدم الحكم على يهوذا باسم "رب الجنود" [8] الذي يستدعي كل عشائر الشمال وسكانها ضد يهوذا. هنا يقوم الرب كقائد جنود لا للدفاع عن شعبه بل لتأديبهم، مستخدمًا نبوخذنصر عبدًا له يتمم إرادته. إنه ليس عبدًا له لأنه متعبد له، وإنما بكونه أداة في يد الرب... يقيم به حربًا مقدسة ضد شعبه!
خامسًا: الإشارة لعشائر الشمال [9] هي إشارة للطبيعة المعقدة للإمبراطورية الأشورية وخليفتها الإمبراطورية البابلية.
سادسًا:يؤدب يهوذا وكل الشعوب التي حواليها، ربما لأنها اتكلت عليها وأخذت بمشورتها عوض الاتكال على الرب واستشارته. يجعلهم في حالة رعب (دهشًا) وخرابٍ تامٍ، وينزع عنهم كل علامات الحياة، من أفراح وزيجات وصوت طحن الغلة (الأرحية) والنور، كأنهم يصيرون في حالة موت: أحزان وفقدان للعائلات، وعدم وجود طعام، مع ظلمة! يصيرون كمن هم في قبورٍ قابضة بلا حياة. بجانب هذا يسقطون تحت العبودية حيث تسبيهم بابل 70 عامًا.
يرى البابا أثناسيوس الرسوليأن النبوة هنا قد تحققت بالأكثر لا في السبي البابلي بل في سبيهم بجحد الإيمان بالسيد المسيح المحيي.
* عندما جاء الرب ووجد إسرائيل بلا ثمر لعنهم خلال معجزة شجرة التين التي قال عنها: "لا يكون منكِ ثمر بعد" (مت 21: 19). بسرعة انتهت شجرة التين هذه بلا ثمر حتى تعجب تلاميذه عندما رأوها قد جفت، بهذا تحققت كلمات النبي (إر 25: 10).
البابا أثناسيوس الرسولي
سابعًا: يقول: "آتي بهم على هذه الأرض"... ماذا يعني هذا؟
حين يرفض الشعب الالتصاق بالسماوي يتركهم ليلتصقوا بالأرض فيصيرون أرضًا، لا سماء. لهذا عندما جاء مسيحنا السماوي ليردنا من سبينا، فتح بدم ذبيحته طريق السماء الملوكي، فلا يُقال عنَّا: "آتي بهم على هذه الأرض"، بل آتي بهم إلى السماء عينها. لهذا يتحدث القديس يوحنا الذهبي الفم عن الإفخارستيا كرحلة إلى السماء، قائلًا:
* كأن الإنسان قد أُخذ إلى السماء عينها، يقف بجوار عرش المجد، ويطير مع السيرافيم ويتغنى بالتسبحة المقدسة .
* أُهرق هذا الدم فاتحًا طريق السماء!.
* مادمنا قد صرنا سمائيين، وحصلنا على ذبيحة كهذه، فلنخف! يليق بنا ألا نستمر في زحفنا على الأرض، ومن يريد منَّا ألاَّ يكون بعد على الأرض، فإنه يستطيع الآن... إذ نقترب من الله نصير في السماء، بل ماذا أُريد من السماء إن كنت أرى رب السماء وصرت أنا نفسي سماءً...؟! أقصد لنتمثل ببولس الذي وهو على الأرض يقضي حياته في السماء .
القديس يوحنا الذهبي الفم
هذا هو حال النفس التي تدخل إلى حالة عداوة مع الله ورغبة في الاستقلال عنه، هذه التي لا تستجيب لصوت الرب على أفواه أنبيائه. إنها تفقد اتحادها بالله مصدر حياتها، فتُحسب ميتة، أما علامات الموت فهي:
أ. يجعلها دهشًا، أي في حالة رعب، لا لأسباب خارجية، وإنما لفقدان الرب مصدر السلام. ترتعب من لا شيء، وتهرب إلى حيث لا تدرى.
ب. تصير صفيرًا، يستهزئ الكل بها، لأنها انهارت تمامًا، وصارت مثلًا رديئًا، يسخر بها الجميع.
ج. حلّ بها الخراب الأبدي، لا طريق للإصلاح إلا الإقامة من الأموات... تحتاج إلى ذاك الذي يحيي ويخلص من الموت!
د . تفقد الفرح الداخلي: لا يُسمع فيها صوت الطرب وصوت الفرح... لا تحمل في داخلها ملكوت الله المفرح، ولا شركة مع السمائيين المسبحين بلا انقطاع!
ه. تحرم من روح الأسرة أو الحياة الكنسية الجماعية، فيبيد منها صوت العريس وصوت العروس! تسيطر الـ ego على النفس فتحرمها من حياة الشركة والاتحاد مع الغير في الرب، فلا تعرف العائلة الإلهية حيث يتقدم الرب عريسًا لكل النفوس التي هي عروسه الواحدة!
و. تفقد طعامها الروحي، حيث يبيد صوت الأرحية، فلا يطحن فيها حنطة طعامًا للناس ولا شعيرًا طعامًا للحيوانات. تفقد النفس طعامها، ويفقد الجسد مجده الداخلي... ويدخل الإنسان بكليته في مجاعة لكلمة الرب وحرمان من الطعام الأبدي!
ز. يحوط بها ظلام الجهل وعدم المعرفة حيث "لا نور سراج". تفقد بصيرتها الداخلية، ونور عينيها، فلا تعاين الأمجاد المعدة لقديسي الرب.
إصلاح مثل هذه النفس يحتاج إلى تدخلٍ إلهي، لتتمتع بالعتق من سبي الخطية والعودة إلى الأصحاح الأحضان الإلهية، حيث تنعم بالحياة المقامة المجيدة. تجد الله نفسه سر سلامها ومجدها وفرحها وشبعها الدائم واستنارتها.
3. مدة الدمار:

11 وَتَصِيرُ كُلُّ هذِهِ الأَرْضِ خَرَابًا وَدَهَشًا، وَتَخْدِمُ هذِهِ الشُّعُوبُ مَلِكَ بَابِلَ سَبْعِينَ سَنَةً.
12 «وَيَكُونُ عِنْدَ تَمَامِ السَّبْعِينَ سَنَةً أَنِّي أُعَاقِبُ مَلِكَ بَابِلَ، وَتِلْكَ الأُمَّةَ، يَقُولُ الرَّبُّ، عَلَى إِثْمِهِمْ وَأَرْضَ الْكَلْدَانِيِّينَ، وَأَجْعَلُهَا خِرَبًا أَبَدِيَّةً.
13 وَأَجْلِبُ عَلَى تِلْكَ الأَرْضِ كُلَّ كَلاَمِي الَّذِي تَكَلَّمْتُ بِهِ عَلَيْهَا، كُلَّ مَا كُتِبَ فِي هذَا السِّفْرِ الَّذِي تَنَبَّأَ بِهِ إِرْمِيَا عَلَى كُلِّ الشُّعُوبِ.
14 لأَنَّهُ قَدِ اسْتَعْبَدَهُمْ أَيْضًا أُمَمٌ كَثِيرَةٌ وَمُلُوكٌ عِظَامٌ، فَأُجَازِيهِمْ حَسَبَ أَعْمَالِهِمْ وَحَسَبَ عَمَلِ أَيَادِيهِمْ». [11-14].

هذه هي المرة الأولى التي يُشار فيها إلى مدة السبي البابلي بكونها سبعين عامًا، يحسبها البعض إما منذ بدأ النبي حديثه عن السبي سنة 604 ق.م. أو عندما تم ترحيل أول دفعة إلى السبي سنة 597 ق.م.، أو عند ترحيل عدد ضخم سنة 587 ق.م.
يقول Keil بأن رقم 70 ليس رقمًا تقريبيًا، بل هو رقم تاريخي دقيق، نبوة دقيقة عن السبي. هذا يُفهم مما ورد في (2 أي 36: 21-22) حيث قيل: "وفي السنة الأولى لكورش ملك فارس لأجل تكميل كلام الرب بفم إرميا نبَّه الرب روح كورش ملك فارس فأطلق نداءً في كل مملكته وكذا بالكتابة قائلًا: هكذا قال كورش ملك فارس إن الرب إله السماء قد أعطاني جميع ممالك الأرض وهو أوصاني أن أبني له بيتًا في أورشليم التي في يهوذا. من منكم من جميع شعبه، الرب إلهه معه، وليصعد". وجاء في دانيال: "في السنة الأولى من ملكه (داريوس) أنا دانيال فهمت من الكتب عدد السنين التي كانت عنها كلمة الرب إلى إرميا النبي لكمالة سبعين سنة على خراب أورشليم..." (دا 9: 2).
يرى كثير من المفسرين ومؤرخي الكتاب المقدس أن فترة السبعين عامًا هي ما بين السنة الرابعة ليهوياقيم (606 ق.م) حتى السنة الأولى لملك كورش وتسلُّطه على بابل عام 536 ق.م. يحسبونها تاريخيًا هكذا.
- و43 = مُلك نبوخذنصر.
- و2 عامان = ابنه أويل مرودخ.
- و4 أعوام = Neriglissor
- و9 شهور = Labrasarchad
- و17 عامًا = Naboned
- 1 عام = (كسور بين كل ملك وآخر).
- و2 عامان = بدء ملك داريوس.
____________
9 و69 سنة
يتفق هذا مع حسابات الكتاب المقدس:
- و7 أعوام = عهد يهوياقيم (من السنة الرابعة حتى الحادية عشرة).
- و3 شهور = عهد يهوياكين.
- و37 عامًا = من سبي يهوياكين حتى جلوس أويل مرودخ [(راجع 2 مل 25: 27-30) "في السنة السابعة والثلاثين لسبي يهوياكين ملك يهوذا في الشهر الثاني عشر في السابع والعشرين من الشهر رفع أويل مرودخ ملك بابل في سنة تملكه رأس يهوياكين ملك يهوذا من السجن وكلمه بخير وجعل كرسيه فوق كراسي الملوك الذين معه في بابل..."].
- و9 و23 = حتى سقوط بابل.
- و2 = العامان الأولان لداريوس.
_______
- 70 عامًا تمامًا.
مع دقة الرقم بحسب حسابات مفسري الكتاب والمؤرخين، يحمل رقم 70 معني رمزيًّا وهو كمال العمل الإلهي في حياتنا الزمنية.
رقم 7 يشير إلى الكمال، ورقم 10 يشير إلى الحياة الزمنية التي يجب أن تحكمها الوصايا العشرة، لذلك فإننا وإن كنَّا كمن في السبي ننتظر كمال المجد الأبدي لنصير بالحق الملكة السماوية شريكة المجد... فإننا خلال أعوامنا السبعين ننعم بعمل الله الدائم، حيث يهيئنا بروحه القدوس لنحمل صورته فنصير العروس الملكة الحرة.
أعوامنا على الأرض يُرمز لها برقم 70 حيث نتلمس كمال عمل الله الخلاصي لأجلنا حتى ننطلق إلى سمواته.
* عندما ينتهي كل الزمن نعود إلى مدينتنا، كما عاد هذا الشعب بعد سبعين عامًا من السبي البابلي. لأن بابل تشير إلى هذا العالم. حيث أن "بابل" تعني "ارتباكًا"... هكذا كل شئوننا البشرية مرتبكة، هذه التي لا تُنسب لله. في هذا الارتباك، في هذه الأرض البابلية أُسرت صهيون. ولكن "عندما ردَّ الرب سبي صهيون صرنا مثل المستريحين" (مز 126: 1)، أي أننا نفرح بتقبلنا التعزية.
القديس أغسطينوس
يُلاحظ أن السفر المذكور في [13] هو أصل النبوة التي دمرت على يد يهوياقيم (إر 22: 36) و"الأمم الكثيرة" في [14] هما مادي وفارس اللذين اخضعا بابل تحت حكم كورش عام 539 ق.م.
4. ملخص النبوات ضد الأمم:

الله ليس إله إسرائيل وحده، بل إله كل الشعوب، يهتم بالجميع، وها هو يرسل إرميا نبيه "نبيًّا للشعوب". كما يبادر الله ببركاته على شعبه لا ليحرم الشعوب الأخرى، بل ليهيئ الكل خلال الخميرة المقدسة للتمتع بفيض نعمته، هكذا يبدأ هنا بتأديب شعبه بسبب إصرارهم عل عدم التوبة، بهذا تكون البداية لتسقط أمة وراء أمة تحت ذات التأديب، ما دام ليس هناك رجوع إلى الله بالتوبة... وأخيرًا يسقط العالم كله تحت التأديب حتى بابل اليد المستخدمة للتأديب! هنا إعلان صارخ عن فساد الطبيعة البشرية والحاجة إلى تدخل إلهي لإقامة طبيعة جديدة تتجاوب مع خالقها!
15 لأَنَّهُ هكَذَا قَالَ لِيَ الرَّبُّ إِلهُ إِسْرَائِيلَ:
«خُذْ كَأْسَ خَمْرِ هذَا السَّخَطِ مِنْ يَدِي، وَاسْقِ جَمِيعَ الشُّعُوبِ الَّذِينَ أُرْسِلُكَ أَنَا إِلَيْهِمْ إِيَّاهَا.
16 فَيَشْرَبُوا وَيَتَرَنَّحُوا وَيَتَجَنَّنُوا مِنْ أَجْلِ السَّيْفِ الَّذِي أُرْسِلُهُ أَنَا بَيْنَهُمْ».
17 فَأَخَذْتُ الْكَأْسَ مِنْ يَدِ الرَّبِّ وَسَقَيْتُ كُلَّ الشُّعُوبِ الَّذِينَ أَرْسَلَنِي الرَّبُّ إِلَيْهِمْ.
18 أُورُشَلِيمَ وَمُدُنَ يَهُوذَا وَمُلُوكَهَا وَرُؤَسَاءَهَا، لِجَعْلِهَا خَرَابًا وَدَهَشًا وَصَفِيرًا وَلَعْنَةً كَهذَا الْيَوْمِ.
19 وَفِرْعَوْنَ مَلِكَ مِصْرَ وَعَبِيدَهُ وَرُؤَسَاءَهُ وَكُلَّ شَعْبِهِ.
20 وَكُلَّ اللَّفِيفِ، وَكُلَّ مُلُوكِ أَرْضِ عُوصَ، وَكُلَّ مُلُوكِ أَرْضِ فِلِسْطِينَ وَأَشْقَلُونَ وَغَزَّةَ وَعَقْرُونَ وَبَقِيَّةَ أَشْدُودَ، 21 وَأَدُومَ وَمُوآبَ وَبَنِي عَمُّونَ،
22 وَكُلَّ مُلُوكِ صُورَ، وَكُلَّ مُلُوكِ صِيدُونَ، وَمُلُوكِ الْجَزَائِرِ الَّتِي فِي عَبْرِ الْبَحْرِ،
23 وَدَدَانَ وَتَيْمَاءَ وَبُوزَ، وَكُلَّ مَقْصُوصِي الشَّعْرِ مُسْتَدِيرًا،
24 وَكُلَّ مُلُوكِ الْعَرَبِ، وَكُلَّ مُلُوكِ اللَّفِيفِ السَّاكِنِينَ فِي الْبَرِّيَّةِ،
25 وَكُلَّ مُلُوكِ زِمْرِي، وَكُلَّ مُلُوكِ عِيلاَمَ، وَكُلَّ مُلُوكِ مَادِي،
26 وَكُلَّ مُلُوكِ الشِّمَالِ الْقَرِيبِينَ وَالْبَعِيدِينَ، كُلَّ وَاحِدٍ مَعَ أَخِيهِ، وَكُلَّ مَمَالِكِ الأَرْضِ الَّتِي عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ.
وَمَلِكُ شِيشَكَ يَشْرَبُ بَعْدَهُمْ.
27 وَتَقُولُ لَهُمْ: «هكَذَا قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ إِلهُ إِسْرَائِيلَ: اشْرَبُوا وَاسْكَرُوا وَتَقَيَّأُوا وَاسْقُطُوا وَلاَ تَقُومُوا مِنْ أَجْلِ السَّيْفِ الَّذِي أُرْسِلُهُ أَنَا بَيْنَكُمْ.
28 وَيَكُونُ إِذَا أَبَوْا أَنْ يَأْخُذُوا الْكَأْسَ مِنْ يَدِكَ لِيَشْرَبُوا، أَنَّكَ تَقُولُ لَهُمْ:
هكَذَا قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ: تَشْرَبُونَ شُرْبًا.
29 لأَنِّي هأَنَذَا أَبْتَدِئُ أُسِيءُ إِلَى الْمَدِينَةِ الَّتِي دُعِيَ اسْمِي عَلَيْهَا، فَهَلْ تَتَبَرَّأُونَ أَنْتُمْ؟!
لاَ تَتَبَرَّأُونَ، لأَنِّي أَنَا أَدْعُو السَّيْفَ عَلَى كُلِّ سُكَّانِ الأَرْضِ، يَقُولُ رَبُّ الْجُنُودِ. [15-29].

* عندما سمع النبي هذا لم يرفض، لم يقل على مثال موسى: أسألك يا رب، إني لست مستحقًا، أرسل آخر.
إذ كان محبًا للشعب ومفكرًا في الأمم المعادية أنها تُقتل وتسقط بشرب الكأس، قبل كأس الخمر بفرح، ولم يعلم أن أورشليم كانت من بين كل الأمم.
القديس جيروم
يُستخدم الكأس عن مصير شخصٍ أو أمةٍ كنبوة عن مستقبلٍ مفرحٍ جدًا كما في (مز 23: 5) أو مؤلمٍ للغاية، وقد دعى السيد المسيح آلامه لحساب البشرية كأسًا (مت 26: 39). هنا يرمز كأس الخمر للغضب الإلهي، وقد استخدمت في (حب 2: 16؛ إش 51: 17، 21-22 ؛ حز 23: 32-34، إر 13: 12 الخ؛ 19: 12؛ مرا 4: 21؛ مز 65: 5؛ 75: 9؛ حب 2: 15؛ زك 12: 2 إلخ).
كان الالتزام بشرب الكأس إجراء يُستخدم لاختبار براءة الشخص أو جرمه. وقد جاء في (عد 5: 11-31) يقدم الكاهن للمرأة المُتهمة بخيانة زوجها ماءً مقدسًا في إناءٍ خزفي ويضع عليه من غبار مسكنها... ثم يقدم لها ماء اللعنة، فان كانت قد تنجست يدخل ماء اللعنة المرّ فيورم بطنها وتسقط فخذها وتصير المرأة لعنة في وسط شعبها.
الكأس التي يقدمها هنا إرميا النبي للشعوب هو السيف الذي تُضرب به هذه الشعوب فتترنح كالسكارى بلا وعي من هول الحدث، يفقدون عقولهم ويصيرون كالمجانين. يتساءل البعض: كيف قدم إرميا للملوك كأس غضب الله؟ هل قام برحلة لملوك وشعوب مختلفة؟ أم قدم الكأس لسفرائهم في أورشليم؟ إنه لم يتسلم كأس خمرٍ من يد الله بل كأس السخط الإلهي لا ليشربوه بأفواههم فتترنح أجسادهم، إنما هو كأس غير مادي يحمل غضبًا لا تشربه الأجساد. العمل الذي قام به إرميا هو رسالة تؤكد حقيقة السخط الإلهي على الشر والأشرار المصرين على شرهم، يعلنها النبي في أورشليم أمام الملك والشعب، وتبلغ إلى الملوك والشعوب المحيطة.
في سفر إشعياء إذ يؤكد الله لأورشليم أنها تشرب من كأس غضبه الذي أعدته بعصيانها، إنما إلى حين، إذ يقول:
"انهضي انهضي قومي يا أورشليم التي شربت من يد الرب كأس غضبه ثقل كأس الترنح، شربت، مصصت...
لا تعودي تشربينها في ما بعد...
استيقظي، استيقظي، إلبسي عزِّك يا صهيون،
البسي ثياب جمالك يا أورشليم" (إش 51: 17، 22؛ 52: 1).
ويلاحظ هنا:

1. كل الشعوب المذكورة في الأصحاحات (46-51) مدرجة هنا ماعدا دمشق. لقد دعي إرميا نبيًا للشعوب (إر 1: 5).
2. أعطى الكأس أولًا لأورشليم ثم لمدن يهوذا وملوكها ورؤسائها [18]، فإذ لهم معرفة أكثر من غيرهم يستحقون التأديب قبلهم.
3. يأتي بعد ذلك بالأمم الوثنية، مبتدأً بفرعون ملك مصر وعبيده ورؤسائه وكل شعبه [19]، لأن أورشليم قد اعتمدت على فرعون وجيشه للدفاع ضد بابل، لذا يستحق الكأس بعد يهوذا مباشرة.
4. بعد مصر يتجه نحو الجنوب شرقي وغربي يهوذا، أمة فأمة، ففي [20] نجد عوص وبلاد فلسطين شرقي مصر وعلى حدودها.
ذكر ملك عوص [20] موطن أيوب (أي 1: 1 ؛ مراثي 4: 21) الواقعة في عبر الأردن، إما في حوران جنوب دمشق أو في المنطقة الواقعة بجوار أدوم في شمال الجزيرة العربية وعلى حدود مصر.
5. يسقط تحت التأديب "كل اللفيف" مع فرعون وعبيده ورؤسائه... وقد ذُكر "اللفيف" في (خر 12: 38؛ نح 13: 3) ليصف الجماعة المختلطة الخارجة من مصر مع الإسرائيليين. عادة يُقصد باللفيف أية جماعة مختلطة من أجناس متباينة ترتبط بشعبٍ واحدٍ وتسكن بينهم كجماعة غريبة.
6. مثلت فلسطين بالمدن الرئيسية: أشقلون وغزة وعقرون وأشدود (يش 13: 1؛ 1 صم 6: 4)، ولم تُذكر المدينة الخامسة جت، ربما لأنها كانت قد انهارت في ذلك الوقت ، أو لأنها لم تعد بعد عاصمة لمملكة مستقلة لهذا لم تُذكر أيضًا في (عا 1: 6؛ صف 2: 4، زك 9: 5).
7. يتجه بعد ذلك نحو الشرق في [21] حيث ممالك أدوم وموآب وبني عمون، وفي [22] يتجه نحو الغرب حيث الفينيقيون ومستعمراتهم.
8. في [23-24] نجد القبائل العربية في الصحراء الممتدة من فلسطين إلى الفرات.
ددان [23]: شعب كوشي في جنوب العربية، جاء عن كوش بن حام (تك 10: 7). جاء في (تك 25: 3) أنه من نسل إبراهيم عن قطورة بعد موت سارة. ليس صعبًا أن نفهم هذا الارتباط إن تذكرنا النسب بين العربية وكوش [20]. كانوا رجال تجارة (إش 21: 3؛ حز 27: 1، 20؛ 38: 13؛ أي 6: 19) يقطنون جنوب الأدوميين (إر 25: 23؛ 49: 8). لا يزال الاسم باقيًا في ديدان جنوب غربي تيماء. أما ددان الحديثة فهي "العُلا" واحة في وادي القرى شمال الحجاز.
"تيماء" قبيلة عربية تسكن في المناطق الصحراوية وراء حاران (تك 25: 15)؛ و"بوز" قبيلة عربية من نسل ناحور أخو إبراهيم (تك 22: 21) تقطن على الطريق السياحي من دمشق إلى مكة، ما بين تبوق ووادي القرى.
9. ثم أقصى الشرق في [25] عيلام ومادي، بعد ذلك يذكر ملوك الشمال القريبين والبعيدين، وأخيرًا كل ممالك الأرض [26].
10. إن كان الله يستخدم بابل للتأديب، فيعطيها أن تسيطر على العالم كله في ذلك الحين فإنه يعود فيحاكمها على شرها بعد ذكره كل ممالك الأرض، وقد دُعيت هنا "شيشك" [26] وهو اسمها الشفري (إر 51: 41). ربما لكي لا يثير السلطات البابلية ضده. يرى Keil أن الأصل العبري يعني "يغطس"، وكأن التهديد هنا أن بابل تغطس ولا تعود تقوم بعد.
11. أوضح إرميا النبي أن الجميع يشربون من هذه الكأس حتى النهاية [27]، وإن رفضوا فسيشربونه بغير إرادتهم [28].
ليس من يستعفي من شرب هذا الكأس؛ فإن كان الله قد سمح لشعبه أن يشربه، فكيف لا تشربه بقية الشعوب [29]؟!

5. قضاء الرب للمسكونة:

30 وَأَنْتَ فَتَنَبَّأْ عَلَيْهِمْ بِكُلِّ هذَا الْكَلاَمِ، وَقُلْ لَهُمْ:
الرَّبُّ مِنَ الْعَلاَءِ يُزَمْجِرُ، وَمِنْ مَسْكَنِ قُدْسِهِ يُطْلِقُ صَوْتَهُ، يَزْأَرُ زَئِيرًا عَلَى مَسْكَنِهِ، بِهُتَافٍ كَالدَّائِسِينَ يَصْرُخُ ضِدَّ كُلِّ سُكَّانِ الأَرْضِ.
31 بَلَغَ الضَّجِيجُ إِلَى أَطْرَافِ الأَرْضِ، لأَنَّ لِلرَّبِّ خُصُومَةً مَعَ الشُّعُوبِ. هُوَ يُحَاكِمُ كُلَّ ذِي جَسَدٍ. يَدْفَعُ الأَشْرَارَ لِلسَّيْفِ، يَقُولُ الرَّبُّ.
32 هكَذَا قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ: هُوَذَا الشَّرُّ يَخْرُجُ مِنْ أُمَّةٍ إِلَى أُمَّةٍ، وَيَنْهَضُ نَوْءٌ عَظِيمٌ مِنْ أَطْرَافِ الأَرْضِ.
33 وَتَكُونُ قَتْلَى الرَّبِّ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ مِنْ أَقْصَاءِ الأَرْضِ إِلَى أَقْصَاءِ الأَرْضِ. لاَ يُنْدَبُونَ وَلاَ يُضَمُّونَ وَلاَ يُدْفَنُونَ.
يَكُونُونَ دِمْنَةً عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ».
34 وَلْوِلُوا أَيُّهَا الرُّعَاةُ وَاصْرُخُوا، وَتَمَرَّغُوا يَا رُؤَسَاءَ الْغَنَمِ، لأَنَّ أَيَّامَكُمْ قَدْ كَمَلَتْ لِلذَّبْحِ. وَأُبَدِّدُكُمْ فَتَسْقُطُونَ كَإِنَاءٍ شَهِيٍّ.
35 وَيَبِيدُ الْمَنَاصُ عَنِ الرُّعَاةِ، وَالنَّجَاةُ عَنْ رُؤَسَاءِ الْغَنَمِ.
36 صَوْتُ صُرَاخِ الرُّعَاةِ، وَوَلْوَلَةِ رُؤَسَاءِ الْغَنَمِ.
لأَنَّ الرَّبَّ قَدْ أَهْلَكَ مَرْعَاهُمْ.
37 وَبَادَتْ مَرَاعِي السَّلاَمِ مِنْ أَجْلِ حُمُوِّ غَضَبِ الرَّبِّ.
38 تَرَكَ كَشِبْل عِيصَهُ، لأَنَّ أَرْضَهُمْ صَارَتْ خَرَابًا مِنْ أَجْلِ الظَّالِمِ وَمِنْ أَجْلِ حُمُوِّ غَضَبِهِ. [30-38].

1. في أسلوب شعري تتغير الصورة إلى منظر أسدٍ مزمجرٍ (عا 1: 2؛ هو 11: 10). هنا يختلف التشبيه عن النصوص الأخرى، فإن صوت الزئير لا يخرج من صهيون ولا من أورشليم بل من الأعالي من مسكنه المقدس في السموات، لأن التأديب لا يصدر ضد الأمم الوثنية فحسب، بل ضد شعبه أيضًا ومدينته.
2. يزأر الله ليؤدب البشرية المُصرَّة على العصيان؛ زئيره يشبه صياح المحاربين.
3. يُسمع زئيره وسط الرعود (خر 19: 16) ؛ وفي العاصف (إر 23: 19؛ عا 1: 2، يؤ 4: 16).
يحذرهم الرب من التباطئ فالكارثة تنتشر بسرعة من أمة إلى أمة، دون تحديد لأسماء الأمم، كعاصفة قوية تهب من أقاصي الأرض إلى أقاصيها [32].
4. يصرخ كالدائسين العنب.
5. أما الرعاة أو سادة القطيع فيُطلب منهم أن يولولوا ويصرخوا ويتمرغوا في التراب [34]، فقد صاروا ككباشٍ مشتهاة للذبح خلال التأديب والمرارة.
جاء في الترجمة العربية "كاناء Sشهيkeele " أما في الترجمة السبعينية فهي "ككباشٍ kikli مشتهاة".
6. يدخل الرب في خصومة قانونية ليحاكم كل البشرية [31]. كأنه وهو الديان لا يحكم على الشعوب، بل يسلمهم إلى القضاء، لكي يعطيهم فرصة للدفاع أو التوبة.
7. يحذرهم أيضًا من السلام الكاذب، إذ يظنون أنهم في وسط مراعي السلام يمارسون سلطانهم كرعاة ورؤساء، ولم يدركوا أن الأسد قادم، ومراعيهم تتحول إلى خراب، ويسقطون تحت السيف بسبب الغضب الإلهي.
من وحي إرميا 25

نفسي مُرّة من كأس السخط

يا إله كل الشعوب!


* تمررت نفس إرميا نبي الشعوب، ‍
فقد سلمه الله كأس السخط لتشرب منه كل الأمم!
تشرب منه يهوذا مع كل الدول المحيطة،
حتى بابل العظيمة تتجرعه بعد سبعين عامًا من مجدها!
ليتني أشارك مشاعر نبي الشعوب، قائلًا:
نفسي مرّة من كأس السخط يا إله كل الشعوب!
* بعد جهاد دام ثلاث وعشرين عامًا بلا ثمرٍ وبغير مللٍ،
وبعد كفاح أنبياء كثيرين سابقين،
تطلع إرميا إلى كأس السخط الذي تشربه كل البشرية!
رآه كأس غضب الله ضد الشر،
أعده الإنسان بنفسه،
هو من عمل يديه!
* رأى إرميا الشعوب تُساق إلى السبي البابلي،
إلى أرضٍ غريبةٍ وبلدٍ غريبٍ.
رأى مذلَّة النفس المسبية التي خلقها الله لتنعم بكمال مجد الحرية.
خرجت إلى أرض غريبة إذ صارت هي نفسها أرضًا!
أرادها الله لها أن تكون سماءً يقطنها بنفسه،
فاختارت أن تكون أرضًا تمتلئ بوحل هذا العالم الغريب!
* صارت دهشًا، في رعبٍ، لفقدانها إلهها مصدر سلامها!
ترتعب من لا شيء، وتهرب وليس من ملجأ!
تركت إلهها صخرة حياتها وملجأها!
* صارت صفيرًا، يستهزئ الكل بها!
العروس المختارة، الملكة التي تجلس في السمويات،
صارت عارًا وخزيًا للجميع!
* حلّ بها الخراب التام،
دخلت إلى الموت، أو دخل الموت إلى أعماقها،
من يقدر أن يقيمها ويرد لها الحياة؟!
* فقدت روح الفرح والطرب،
لم تعد تشرب من خمر الروح المفرح،
ولا تجد أحضان العريس المفتوحة لها!
توَقَّف قلبها عن التهليل، ولسانها عن التسبيح!
صارت الشركة مع السمائيين لها خيالًا!
وصار لها ملكوت الله المفرح بلا وجود!
* لا يُسمع في داخلها صوت الأرحية حيث تطحن الغلال!
من أين تأتي بالغلال، وقد صارت جنتها وحقولها براري؟!
كيف تشبع الغير هذه التي تنهار جوعًا؟!
تقرأ الكتاب المقدس فلا تنعم بالكلمة الإلهية!
لا تجد النفس قمحًا روحيًا!
هوذا قد حلَّت بها مجاعة كلمة الرب!
* لا يوجد بها نور سراج!
حلّ بها ظلام الجهالة،
وانطمست عيناها الداخليتان عن رؤية كل ما هو إلهي!
دخلت كما إلى ظلمة القبر بلا رجاء!
* الآن أصرخ إليك يا إله كل الشعوب:
متى تنتهي سنوات السبي السبعين؟!
لتأتِ بنفسك يا كلمة الله، يا محرر النفوس؟!
فيك وحدك تجد كل الشعوب مجد حرية أولاد الله!
* عوض الرعب أجدك أنت سلامي،
فيك اختفي يا صخرة قلبي وملجأ حياتي!
أنت هو قوتي... أنت هو خلاصي!
* عوض الصفير أجدك مجدي الأبدي!
تقيمني عروسًا وملكة،
بتولًا طاهرًا مع أبناء كثيرين،
حيثما حللت يا حمل الله خذني معك،
إلى مجدك الأبدي!
إلى حضن أبيك!
* عوض الخراب التام والموت أجدك حياتي!
أنت قيامتي وبهجتي!
بك تقوم نفسي لترى شركة المجد الداخلي!
بك يقوم جسدي ليحمل طبيعة جديدة!
لقد متُّ مع آدم الأول لأقوم معك يا آدم الثاني!
* عوض الكآبة تسقيني خمر حبك!
أنعم بفرح الروح، ولا يقدر أحد أن ينزعه عني!
أعماقي تتهلل بك،
جسدي ولساني وكل كياني يسبحون!
ترتفع أعماقي مع السمائيين لترنم بلا انقطاع!
أعرف شركة القديسين فتصير حياتي عيدًا مستمرًا!
* عوض الجفاف الشديد تقيم في داخلي أرحية،
تطحن كلمة الله (الغلال) في أعماقي،
ينعم بها الكل فيشبعون ولا يجوعون!
نعم لتتحول كلمتك في أعماقي إلى طعامٍ روحي لكل جسدٍ ونفسٍ!
* عوض الظلام يُعلن روحك القدوس في،
هو نور ونار!
لينر أعماقي وليحرق الأشواك الخانقة لنفسي!
ليحوّلني إلى سراجٍ منيرٍ،
فأسمع صوتك لي:
"أنتم نور العالم!".
رد مع اقتباس
 


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
آرميا النبي | نفسي مُرّة من كأس السخط
آرميا النبي | يقدم لنا النبي ملخصًا لخدمته خلال الثلاث وعشرين عامًا
آرميا النبي | بأمرٍ إلهي نزل إرميا النبي إلى وادٍ منخفض
آرميا النبي | يقدم الله أيضًا إجابة لتساؤل النبي
آرميا النبي | يعلن الرب لإرميا النبي حدود خدمته


الساعة الآن 10:00 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024