يقول العلامة أوريجينوس
[توجد نبوة أخرى، لا أدرى كيف أنها غير موجودة في الترجمة السبعينية لكننا نجدها في النسخ الأخرى، خاصة وأنها موجودة في العبرية. هذه النبوة مليئة بالتعاليم الهامة والضرورية، التي إن طبقناها في حياتنا يمكنها أن تقودنا إلى التوبة. إليكم كلماتها: "خطية يهوذا مكتوبة بقلمٍ من حديدٍ برأسٍ من الماس منقوشة على لوح قلبهم" [1]. يمكننا أن نلجأ إلى التفسير السهل فنقول إن "الخطايا المكتوبة" هي خطايا شعب اليهود.
لكننا إن دققنا النظر كما وضحنا قبل ذلك فإن كلمة "يهوذا" يُقصد بها السيد المسيح، لذلك تصبح "خطية يهوذا" هي خطيتنا نحن الذين نؤمن أن السيد المسيح جاء من سبط يهوذا.
إن أردت أيضًا تفسيرًا آخر لتلك الآية، يمكننا القول بأن النبي يقصد هنا يهوذا الاسخريوطى الخائن، بذلك تقول النبوة عنه: "خطية يهوذا مكتوبة بقلمٍ من حديدٍ، برأسٍ من الماس منقوشة على لوح قلبهم"، ولكن جاءت كلمة "قلبهم" بصيغة الجمع لا تلائم حالة يهوذا الخائن.
ألا تنطبق هذه النبوة علينا نحن بالأكثر؟ لقد أخطأنا وخطيتنا لم تُكتب خارجًا عنا، إنما في قلوبنا، كُتبت بقلمٍ من حديد وبرأسٍ من الماس. ستثبت التجربة أن الخطايا التي نرتكبها تُكتب في داخلنا بمجرد أن نرتكبها. كما لو كانت "علامة" الخطية تُنقش في داخل نفسي لمجرد إني ارتكبتها. لو كانت خطيتي قد كُتبت بالحبر، لاستطعت أن أمحوها، ولكن ها هي قد كُتبت بقلم من حديد وبرأس من الماس، وكتبت كذلك في قلبي، لكن إذا ما وقفت لأحاكم في اليوم الأخير، تتحقق النبوة القائلة: "لأنه ليس مكتومًا إلا سيظهر ولا خفيًا إلا سيعلن". سيتم الكشف عن قلبي لأقف عاريًا أمام الجميع، حيث يقرأ الكل علامات الخطايا المكتوبة بالقلم الحديدي وبرأس الماس التي ستكون ظاهرة لجميع الناس. ُكتب عن ذلك: "إذًا لا تحكموا في شيء قبل الوقت حتى يأتي الرب الذي سينير خفايا الظلام ويظهر آراء القلوب" (1 كو 4: 5)، لِمَن سُيظهرها؟ ليس لنفسه، لأنه هو العارف كل الأشياء قبل أن تكون، إنما سُيظهر آراء القلوب للناس الأتقياء الأنقياء الذي بنقائهم يستطيعون أن يروا خطايا الناس الذين أخطأوا، حتى "يستيقظون إلى العار للازدراء الأبدي" (دا 12: 2).
ليحفظنا رب جميع الأشياء لكي نستيقظ ونقوم في اليوم الأخير بالمجد الذي للمسيح يسوع، الذي له المجد والقدرة والسلطان إلى دهر الدهور آمين ].