رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
"ويل لي يا أمي، لأنكِ ولدتني إنسان خصام، وإنسان نزاع لكل الأرض. لم أقرض ولا أقرضوني، وكل واحدٍ يلعنني" [10]. إن كان إرميا قد هدد بالتأديبات الإلهية، لم يتكلم من واقع إنسان يعيش في حياة مترفة مدللة، وإنما كرجل آلامٍ وأتعاب، إنه مُجرب يعرف مرارة الألم. غير أننا نجد في هذه العبارة ظلًا لموقف السيد المسيح الذي وُلد كإنسانٍ وهو ابن العلي، فهاجت الممالك ضده، وتآمر الملوك والرؤساء معًا، وتحالفت قوى القيادات على قتله وأثاروا الشعب طالبين صلبه... حيث "اللعنة" (تث 21: 23؛ غل 3: 13). رأى المرتل بعين النبوة ثورة العالم ضد السيد المسيح، فقال: "لماذا ارتجت الأمم وتفكرت الشعوب في الباطل. قام ملوك الأرض وتآمر الرؤساء معًا، على الرب وعلى مسيحه" (مز 2: 1-2). في هذا يحمل إرميا ظل السيد المسيح الذي قيل عنه: "لأنه في ما هو قد تألم مُجربًا يقدر أن يعين المجربين" (عب 2: 18). يقول العلامة أوريجينوس: [يذهب أطباء الأجساد إلى المرضى حتى إلى فراشهم ولا يَكُفون عن بذل كل جهدهم، كما تتطلب منهم مهنة الطب، ليشفوا المرضى. وهم في ذلك يرون مناظر فظيعة ويلمسون أشياءً تثير الاشمئزاز؛ وأمام أوجاع الآخرين لا يحصدون لأنفسهم سوى الأحزان؛ حياتهم غير مستقرة أبدًا. لا يوجَدون أبدًا مع أناسٍ أصحاءٍ، وإنما دائمًا مع المجروحين والمفلوجين والمصابين بالقروح والصديد والحميات وكل أنواع الأمراض. إن أردنا أن نمارس الطب، علينا أن نقوم بكل ما تتطلبه منا هذه المهنة التي اخترناها، نقوم بها بدون اشمئزاز ولا إهمال عندما نلتقي بأي نوع من أنواع المرضى الذين ذكرناهم... الأنبياء مثل أطباء الأرواح، يقضون كل وقتهم حيث يوجد المحتاجون إلى الشفاء، لأنه "لا يحتاج الأصحاء إلى طبيب بل المرضى" (لو 5: 31). ما يقاسيه الأطباء من المرضى المعاندين، يقاسيه أيضًا الأنبياء والمعلمون من الذين لا يريدون أن يُشفوا. يرجع سبب كراهية الناس لهم إلى فرضهم علاجًا يخالف ما يتمناه المرضى، يمنعون عنهم اللذات والشهوات التي يريدونها، لذلك يُصّر هؤلاء المرضى في عنادهم على عدم أخذ الأدوية المناسبة لمرضهم. يهرب المعاندون من الأطباء، بل وكثيرًا ما يسيئون إليهم ويهينوهم ويشتمونهم ويفعلون بهم كل ما يمكن أن يفعله الأعداء. يغيب عن ذهنهم أن الطبيب يأتي كصديقٍ وليس كعدوٍ. لا يرون سوى الجانب المؤلم من نظام العلاج واستخدام المشرط، دون أن يروا النتيجة التي تعقب الألم. يكرهون الأطباء كما لو كانوا لا يحملون إليهم سوى الآلام، ولا ينظرون إلى هذه الآلام كمرحلة من مراحل الشفاء. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
آرميا النبي | قد سمعت ما قالته الأنبياء |
آرميا النبي | نبوات ضد الأنبياء الكذبة |
آرميا النبي | مسئولية الأنبياء الكذبة |
آرميا النبي |قبول الأنبياء الحقيقيين |
آرميا النبي | ترك الأنبياء الكذبة |