رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
خلاص من العبودية تذل الخطية الإنسان وتُفْقِّده حريته، ليعيش كما في سجنٍ مظلمٍ، أبوابه نحاسية من يَقْدِر أن يُحَطِّمها؟ وعوارضه حديدية من يقدر أن يكسرها؟ يعيش الإنسان كمُقيَّدٍ بسلاسل خطيرة ثقيلة على الجسد والنفس. الْجُلُوسَ فِي الظُّلْمَةِ وَظِلاَلِ الْمَوْتِ، مُوثَقِينَ بِالذُّلِّ وَالْحَدِيدِ [10]. في الحديث السابق كان يُشَبِّه البشرية بمسافرين رُحّل في وسط برية قاحلة، بلا طعام ولا شراب، ويقوم الرب نفسه بإعالتهم. الآن يتحدث عنهم كأسرى ومساجين يعيشون في مذلة، مُقَيِّدين بالحديد، وملقون في وسط ظلمة، يحتاجون إلى الله لينير ظلمتهم (مز 18: 28). يشتاق الله أن يُحَرِّرَ الأسرى ويطلق الذين في السجون، فإن الحرية هي أعظم هبة مُقدَّمة للإنسان. لأن الرب سامع للمساكين، ولا يحتقر أسراه" (مز 69: 33). "ليدخل قدامك أنين الأسير" (مز 79: 11). * كان واجب على اليونانيين (الأمميين) أن يدركوا بحكمتهم الطبيعية مُكَوِّن الكائنات من جمال المخلوقات ومحتوياتها وتدبيرها، كما كتب الرسول: "لأن أموره غير المنظورة تُرَى منذ خلْق العالم مُدرَكة بالمصنوعات، قدرته السرمدية ولاهوته حتى إنهم بلا عذر..." (رو 1: 20 الخ). ولكن ربنا يسوع المسيح لوفرة رحمته قد أشبعهم من الخيرات، وأنار ظلمتهم، ونجَّاهم من ضلال الموت، وفك قيودهم، قائلًا للمأسورين: اخرجوا، وللذين في: الظلمة اظهروا. الأب أنسيمُس الأورشليمي لأَنَّهُمْ عَصُوا كَلاَمَ اللهِ، وَأَهَانُوا مَشُورَةَ الْعَلِيِّ [11]. ليس من ظلمة تسيطر على الإنسان مثل ظلمة الخطية والعصيان لله، وليس من طريق للأسر والحرمان من الحرية مثل رفض مشورة الله، فإن من ينتهك وصايا المحرر الإلهي يُلقي بنفسه في مرارة الذل والإهانة، ويحرم نفسه من الحرية الداخلية وسلام القلب. فَأَذَلَّ قُلُوبَهُمْ بِتَعَبٍ. عَثَرُوا وَلاَ مَعِينَ [12]. لا يستطيع القلب المتكبر والعاصي لإلهه أن يتقبَّل السلام في داخله، إنما يعيش في تعبٍ لا يُعَبَّر عنه. يسقط وليس من يعينه على القيام. فإن الله وحده، إله المتواضعين قادر أن يُعِين ويقيم إلى التمام. * لتجاهدوا ضد الشهوة، وإن توقف الله عن مساندتكم في جهادكم لا تقدرون أن تنتصروا. وعندما يضغط شركم عليكم تذل قلوبكم بتعبٍ. لهذا تعلَّموا أن تصرخوا بقلبٍ متواضع: "ويحي أنا الإنسان الشقي، من ينقذني من جسد هذا الموت؟!" (رو 7: 24) القديس أغسطينوس ثُمَّ صَرَخُوا إِلَى الرَّبِّ فِي ضِيقِهِمْ، فَخَلَّصَهُمْ مِنْ شَدَائِدِهِمْ [13]. حين يدير الساقط وجهه نحو الله، يجده ينتظره لكي يُخَلِّصَه من شدائده، ويشرق بنوره عليه وينزع عنه الظلمة. أَخْرَجَهُمْ مِنَ الظُّلْمَةِ وَظِلاَلِ الْمَوْتِ، وَقَطَّعَ قُيُودَهُمْ [14]. فَلْيَحْمَدُوا الرَّبَّ عَلَى رَحْمَتِهِ، وَعَجَائِبِهِ لِبَنِي آدَمَ [15]. لأَنَّهُ كَسَّرَ مَصَارِيعَ نُحَاسٍ، وَقَطَّعَ عَوَارِضَ حَدِيدٍ [16]. إن كانت الخطية والعصيان يدخلان بالإنسان أو بالجماعة كما إلى حبسٍ مغلقٍ بمتاريس نحاسية وعوارض حديدية، فإن الله المحب للبشر يحسب نفسه كمن صار معهم سجينًا، ويود أن يرد لهم الحرية، برجوعهم إليه. عبَّر ميخا النبي عن ذلك بقوله: "يقتحمون ويعبرون الباب، ويخرجون منه، ويجتاز ملكهم أمامهم، والرب في رأسهم" (مي 2: 13). كما قيل بإشعياء النبي: "أنا الرب قد دعوتك بالبرّ، فأمسك بيدك... لتُخرج من الحبس المأسورين من بيت السجن الجالسين في الظلمة" (إش 42: 6-7). وقيل في زكريا: "ارجعوا إلى الحصن يا أسرى الرجاء" (زك 9: 12). * كيف كُسرتْ مصاريع النحاس وقُطعتْ العوارض الحديدية؟ بجسمه، فقد ظهر لأول مرة جسد يخلد ويحطم طغيان الموت. * إن كان هؤلاء الذين جاءوا تحت التدبير القديم، ولم يكن بعد قد قُتِلَ الموت، ولا انكسرت المصاريع النحاسية، ولا قُطعتْ العوارض الحديدية، واجه الجسم نهايتهم، فأي عوز لنا إن كنا نحن بعد أن نلنا نعمة عظيمة هكذا، ولم نأخذ فقط إلى ذات المقياس للفضيلة كما نالوا هم، إنما صار الموت اسمًا مجردًا، لم يعد له حقيقة. فإن الموت لا يزيد عن أن يكون نومًا ورحلة وهجرة وراحة وميناءً هادئًا، وهروب من التعب، وتحرُّر من ارتباكات هذه الحياة الحاضرة. القديس يوحنا الذهبي الفم * يقول النبي أبواب النحاس وعوارض الحديد عن مداخل الموت العسر الخروج منها، وقد وصفها بالنحاس والحديد لمناعتها وعدم الفرار منها. فهذه قد كسرها ربنا ورضضها عندما انحدر إلى الجحيم، وخلَّص المأسورين. الأب أنسيمُس الأورشليمي |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
نورى يا شموع الحرية خلاص هتحرر من العبودية |
مسيحنا القدوس له قدرة على خلاص المأسورين في العبودية |
مزمور 107 | خلاص من المرض |
مزمور 107 | خلاص من تيه البرية |
مزمور 52 - خلاص الله |