رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
يبدأ إرميا النبي اعترافاته، قائلًا: "والرب عَّرفني فعرفت. حينئذ أريتني أفعالهم" [18]. كشف له الرب عن المؤامرة التي دبروها لهلاكه، كشفها له ذاك الذي سبق فأكد له وهو بعد ولد: "لا تخف من وجوههم لأني أنا معك لأنقذك يقول الرب" (إر 1: 8). كشف له الرب عن خطتهم وأفكارهم وكلماتهم وأعمالهم من نحوه كما عن قلوبهم وما في أعماقهم، لأنه هو فاحص الكلى والقلب [20]. كأنه يقول إن كانوا في خداع قد خططوا سرَّا لقتلي، لكن في واقع الأمر خدعوا أنفسهم لأنهم لم يدركوا أن الله فضح خطتهم لي، وما فعلوه ليس لهلاكي بل لهلاكهم. ذلك كما انخدع فرعون عندما خطط لإبادة إسرائيل بقتله الأطفال الذكور، وانخدع هيرودس حينما ظن أنه قادر على منع ظهور المسيا المخلص بقتله أطفال بيت لحم الذكور. بمعنى آخر حسابات الأشرار خاطئة وخطيرة، لا على حياة الغير، بل على حياتهم، لأنهم لا يدركون إمكانيات الله الفاحص الكلى والقلب، والعارف بكل الأسرار الخفية، والقادر على تحويل شرورهم لبنيان ملكوت الله. يعلق العلامة أوريجينوسعلى العبارة السابقة مؤكدًا أن الله وحده هو المعلم. [إذا كان الكلام الموجود في الناموس والأنبياء والأناجيل والرسل، هو كلام الله، فإن من يتعلم من هذا الكلام، يجب أن يخص الله بلقب "معلم". لأن الذي ُيعَلِّم الإنسان المعرفة هو الرب، كما جاء في (مز 93: 10). يؤكد المخلص أنه يجب ألا نعطي لقب "معلم" لإنسان على الأرض: "فلا تدعوا سيدي لأن معلمكم واحد هو المسيح" (مت 23: 8-9). في الواقع، الآب الذي في السموات هو الذي يُعَلّم: إما بنفسه، أو بالابن السيد المسيح أو بالروح القدس، وأيضًا بواسطة بولس أو بطرس أو أي من القديسين الآخرين، بشرط أن يأتي روح الرب وكلمته ليُعَلِّما. لماذا قلت ذلك؟ لأن النبي يقول بالتحديد: "والرب عرَّفني فعرفتُ" أو "عرّفني يا رب فأعرِف". لأنني لن أعرف شيئًا إذا لم تُعرِفني أنتَ. عرفت لأنك عرَفتني "فحينئذ" سأرى "أفعالهم"، وأفهم سلوكهم ونياتهم]. |
|