رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
كسر العهد الإلهي: 1 اَلْكَلاَمُ الَّذِي صَارَ إِلَى إِرْمِيَا مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ قَائِلًا: 2 «اسْمَعُوا كَلاَمَ هذَا الْعَهْدِ، وَكَلِّمُوا رِجَالَ يَهُوذَا وَسُكَّانَ أُورُشَلِيمَ. 3 فَتَقُولُ لَهُمْ: هكَذَا قَالَ الرَّبُّ إِلهُ إِسْرَائِيلَ: مَلْعُونٌ الإِنْسَانُ الَّذِي لاَ يَسْمَعُ كَلاَمَ هذَا الْعَهْدِ، 4 الَّذِي أَمَرْتُ بِهِ آبَاءَكُمْ يَوْمَ أَخْرَجْتُهُمْ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ، مِنْ كُورِ الْحَدِيدِ قَائِلًا: اسْمَعُوا صَوْتِي وَاعْمَلُوا بِهِ حَسَبَ كُلِّ مَا آمُرُكُمْ بِهِ، فَتَكُونُوا لِي شَعْبًا، وَأَنَا أَكُونُ لَكُمْ إِلهًا، 5 لأُقِيمَ الْحَلْفَ الَّذِي حَلَفْتُ لآبَائِكُمْ أَنْ أُعْطِيَهُمْ أَرْضًا تَفِيضُ لَبَنًا وَعَسَلًا كَهذَا الْيَوْمِ». فَأَجَبْتُ وَقُلْتُ: «آمِينَ يَا رَبُّ». 6 فَقَالَ الرَّبُّ لِي: «نَادِ بِكُلِّ هذَا الْكَلاَمِ فِي مُدُنِ يَهُوذَا، وَفِي شَوَارِعِ أُورُشَلِيمَ قَائِلًا: اسْمَعُوا كَلاَمَ هذَا الْعَهْدِ وَاعْمَلُوا بِهِ. 7 لأَنِّي أَشْهَدْتُ عَلَى آبَائِكُمْ إِشْهَادًا يَوْمَ أَصْعَدْتُهُمْ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ إِلَى هذَا الْيَوْمِ، مُبْكِرًا وَمُشْهِدًا قَائِلًا: اسْمَعُوا صَوْتِي. 8 فَلَمْ يَسْمَعُوا وَلَمْ يُمِيلُوا أُذُنَهُمْ، بَلْ سَلَكُوا كُلُّ وَاحِدٍ فِي عِنَادِ قَلْبِهِ الشِّرِّيرِ. فَجَلَبْتُ عَلَيْهِمْ كُلَّ كَلاَمِ هذَا الْعَهْدِ الَّذِي أَمَرْتُهُمْ أَنْ يَصْنَعُوهُ وَلَمْ يَصْنَعُوهُ». 9 وَقَالَ الرَّبُّ لِي: «تُوجَدُ فِتْنَةٌ بَيْنَ رِجَالِ يَهُوذَا وَسُكَّانِ أُورُشَلِيمَ. 10 قَدْ رَجَعُوا إِلَى آثَامِ آبَائِهِمِ الأَوَّلِينَ الَّذِينَ أَبَوْا أَنْ يَسْمَعُوا كَلاَمِي، وَقَدْ ذَهَبُوا وَرَاءَ آلِهَةٍ أُخْرَى لِيَعْبُدُوهَا. قَدْ نَقَضَ بَيْتُ إِسْرَائِيلَ وَبَيْتُ يَهُوذَا عَهْدِي الَّذِي قَطَعْتُهُ مَعَ آبَائِهِمْ. 11 لِذلِكَ هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: هأَنَذَا جَالِبٌ عَلَيْهِمْ شَرًّا لاَ يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهُ، وَيَصْرُخُونَ إِلَيَّ فَلاَ أَسْمَعُ لَهُمْ. 12 فَيَنْطَلِقُ مُدُنُ يَهُوذَا وَسُكَّانُ أُورُشَلِيمَ وَيَصْرُخُونَ إِلَى الآلِهَةِ الَّتِي يُبَخِّرُونَ لَهَا، فَلَنْ تُخَلِّصَهُمْ فِي وَقْتِ بَلِيَّتِهِمْ. 13 لأَنَّهُ بِعَدَدِ مُدُنِكَ صَارَتْ آلِهَتُكَ يَا يَهُوذَا، وَبِعَدَدِ شَوَارِعِ أُورُشَلِيمَ وَضَعْتُمْ مَذَابحَ لِلْخِزْيِ، مَذَابحَ لِلتَّبْخِيرِ لِلْبَعْلِ. 14 وَأَنْتَ فَلاَ تُصَلِّ لأَجْلِ هذَا الشَّعْبِ، وَلاَ تَرْفَعْ لأَجْلِهِمْ دُعَاءً وَلاَ صَلاَةً، لأَنِّي لاَ أَسْمَعُ فِي وَقْتِ صُرَاخِهِمْ إِلَيَّ مِنْ قِبَلِ بَلِيَّتِهِمْ. إذ قارن في الأصحاح السابق بين عبادة الله الحيّ والعبادة الوثنية عاد بذاكرتهم إلى العهد الإلهي الذي قطعه الرب مع شعبه، حين دخل موسى في شركة مع الله لمدة أربعين يومًا، وقد التحف بسحابة القداسة السماوية وهو على قمة جبل سيناء. في ذلك الوقت لم يقف الرب عند عتقهم من عبودية مصر، وإنما أكّد لهم أنه يحقق لهم مواعيده لآبائهم، حيث يعطيهم أرضًا تفيض لبنًا وعسلًا [5]. الآن بعد أن تمت المواعيد الإلهية، وعاش الشعب في أرض الموعد زمانًا هذه مدته، صدر عليهم الحكم الإلهي بتأديبهم، وطردهم من الأرض ليعيشوا تحت السبي في مذلةٍ وعارٍ، لأنهم فضلوا عنه عبادة البعل. لقد أُعطاهم فرصًا كثيرة لعلهم يتوبون فلا يستوجبون السقوط تحت التأديب. أما وقد أصروا على عدم التوبة فحتمًا يُؤدبون، وإن صرخوا لا ُيسمع لهم، لأن صراخهم غير صادرٍ عن شعور بالخطأ، ولا لطلب التوبة، وإنما لمجرد إنقاذهم من التأديب. لقد ارضوا ضمائرهم وبطونهم بتقديم ذبائح لله، لا للمصالحة معه وتجديد العهد معه، ولا لإعلان حبهم له. بعد قرون طويلة تكرر الأمر في كنيسة كورنثوس حينما أساء الشعب استخدام الإفخارستيا وما يليها من وجبات الأغابي `agapy، إذ قيل: "فحين تجتمعون معًا ليس هو لأكل عشاء الرب، لأن كل واحد يسبق فيأخذ عشاء نفسه في الأكل، فالواحد يجوع والآخر يسكر. أفليس لكم بيوت لتأكلوا فيها وتشربوا؟ أم تستهينون بكنيسة الله وتخجلون الذين ليس لهم؟!" (1 كو 11: 20-22). "الكلام الذي صار إلى إرميا من قبل الرب قائلاً: اسمعوا كلام هذا العهد، وكلموا رجال يهوذا وسكان أورشليم" [1-2]. يرى البعض أن النبي يشير هنا إلى الملك يوشيا والشيوخ الذين أكدوا ولاءهم للعهد المُقام بين الله وشعبه على جبل حوريب بسيناء، العهد الذي سُجل في درج (كتاب)، وُوجد في الهيكل أثناء الإصلاح، وقد ارتبطوا به وتعهدوا أن يتمموا كلماته المكتوبة (2 مل 23: 3). فالحديث هنا موجه إلى مندوبين من قبل الملك. يرى العلامة أريجانوس أن الكلام الذي صار إلى إرميا من قبل الرب هو الكلمة الإلهي، إذ يقول: [إذا تأملنا في قصة مجيء ربنا يسوع المسيح كما وصفتها الكتب التاريخية، كان مجيئه في الجسد مرة واحدة فقط خلالها أنار العالم كله: "والكلمة صار جسدًا وحل بيننا". كان بالفعل "النور الحقيقي الذي ينير لكل إنسانٍ آتيًا إلى العالم، كان في العالم، وكوّن العالم به، ولم يعرفه العالم. إلى خاصته جاء وخاصته لم تقبله". مع ذلك يجب أن نعرف أنه جاء أيضًا قبل ذلك، وإن لم يكن بالجسد. جاء في كل واحدٍ من القديسين! كما أنه بعد مجيئه المنظور بالجسد يأتي إلينا أيضًا الآن. إن كنت تريد دليلًا على هذا، انصت إلى هذه الكلمات: "الكلام (الكلمة) الذي صار إلى إرميا من قِبل الرب قائلًا: اسمعوا". ما هي إذًا تلك الكلمة التي صارت إلى إرميا أو إلى إشعياء أو حزقيال أو إلى غيرهم من الأنبياء، من قبل الرب، إلا الكلمة الذي كان عند الله منذ البدء؟ بالنسبة لي ، لا أعرف كلمة أخرى للرب إلا التي قال عنها يوحنا الإنجيلي: "في البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله". يجب علينا أيضًا أن نعرف هذا: كان مجيء الكلمة أيضًا على مستوى شخصي. لأنه ماذا يفيدني إن كان الكلمة قد جاء إلى العالم، بينما أنا لا أحمله؟ لكن على العكس، حتى لو لم يكن قد جاء بعد إلى العالم كله، وكنت أنا مثل الأنبياء، يجيء إليّ الكلمة. أقول مؤكِدًا أن السيد المسيح جاء إلى موسى وإلى إرميا وإلى إشعياء وإلى كل واحدٍ من الأبرار، وأن الكلمة التي قالها لتلاميذه: "ها أنا معكم كل الأيام إلى انقضاء الدهر" تحققت بالفعل قبل مجيئه. كيف كان لهؤلاء الأنبياء أن ينطقوا بكلام الله إن لم يكن كلمة الله قد جاء إليهم...؟ ماذا نسمع نحن أيضًا من هذا (الكلمة) الكلام؟ "اسمعوا كلام هذا العهد وكلموا رجال يهوذا وسكان أورشليم". رجال يهوذا هم نحن، لأننا مسيحيون، وجاء المسيح من سبط يهوذا. إذا كنت قد أوضحت من خلال الكتاب المقدس أن كلمة يهوذا يُقصَد بها السيد المسيح، فإن رجال يهوذا في هذه الحالة لن يكونوا اليهود الذين لا يؤمنون بالسيد المسيح، وإنما نحن كلنا الذين نؤمن به. يخاطب الكلمة "رجال يهوذا" و"سكان أورشليم". يتعلق الأمر هنا بالكنيسة، لأن الكنيسة هي مدينة الله، ومدينة السلام، وفيها يتراءى ويعظم سلام الله المُعطي لنا، إذا كنا نحن أيضًا أبناء سلام. "اسمعوا كلام هذا العهد وكلموا رجال يهوذا وسكان أورشليم. فتقول لهم هكذا قال الرب إله إسرائيل. ملعون الإنسان الذي لا يسمع كلام هذا العهد الذي أمرت به آباءكم". مَن الذي يسمع أفضل لكلام العهد الذي أمر الله به الآباء؟ هل الذين يؤمنون به، أم الذين - بحسب الأدلة الموجودة عندنا - لا يؤمنون حتى بموسى حيث أنهم لم يؤمنوا بالرب؟ يقول لهم المخلص: "لو كنتم آمنتم بموسى لآمنتم بي أنا أيضًا، لأنه تكلم عني في كتبه، ولكن إن كنتم لا تؤمنون بكتاباته، فكيف تؤمنون بكلامي؟" إذًا لم يؤمن هؤلاء الناس بموسى، أما نحن، فبإيماننا بالسيد المسيح، نؤمن أيضًا بالعهد الذي ُأقيم بواسطة موسى، أي "العهد الذي أمرت به آباءكم"]. "ملعون الإنسان الذي لا يسمع كلام هذا العهد" [3]. هزيمة الشعب (أو انهيار أورشليم) لا تعني أن الله قد نقض العهد، وإنماهي إعلان إلهي عن عدم وفاء الشعب بشروط العهد، فسقطوا تحت اللعنة، كما جاء في سفر التثنية: "ملعون من لا يقيم كلمات هذا الناموس ليعمل بها" (تث 27: 26)، "إن لم تسمع لصوت الرب إلهك لتحرص أن تعمل بجميع وصاياه وفرائضه التي أنا أوصيك بها اليوم تأتي عليك جميع هذه اللعنات وتدركك... يجعلك الرب منهزمًا أمام أعدائك. في طريق واحدة تخرج عليهم، وفي سبع طرق تهرب أمامهم، وتكون قلقًا في جميع ممالك الأرض" (تث 28: 15، 25). إنها دعوة موجهة إليهم لمراجعة أنفسهم وتجديد الميثاق معه بالتزامهم بالحياة الأمينة والعبادة الحيّة، أو بمعنى آخر الطاعة للوصية. يؤكد إرميا النبي مرارًا أن الشعب هو كاسر العهد بفشله في الطاعة لله، مقدمًا الشهادة الواضحة لذلك في كل مدينة، بل وفي حياة كل فرد حيث انتشرت عبادة الأوثان بينهم، إذ يقول: "لأنه بعدد مدنك صارت آلهتك يا يهوذا، وبعدد شوارع أورشليم وضعتم مذابح للخزي للتبخير للبعل" [13]. صار الأمر خطيرًا للغاية، ولا مجال لإصلاحه إلا بقيام عهدٍ جديدٍ، وقد جاء هذا كمركز لنبوة إرميا الذي يفتح باب الرجاء (إر 31: 31-34). يتحدث هنا عن اللعنة التي يسقط فيها من لا يسمع كلام العهد الإلهي... هذه اللعنة حلت بالبشرية، لأنه لا يوجد من لم يكسر وصية إلهية؛ فجاء السيد المسيح يحمل عنها هذه اللعنة، وكما يقول الرسول: "المسيح افتدانا من لعنة الناموس، إذ صار لعنة لأجلنا، لأنه مكتوب "ملعون كل من عُلق على خشبة" (غلا 3: 13، تث 21: 23). يشرح لنا العلامة أوريجينوس كيف حمل مسيحنا اللعنة عنا قائلًا إن لدائرة اللعنة مدخلين، أحدهما كسر الوصية أو نقض الناموس، وقد، دخلت منه البشرية كلها، لأن الكل زاغوا معًا وفسدوا وأعوزهم مجد الله (مز 14: 3؛ 53: 3، رو 3: 12). والباب الثاني هو التعليق على خشبة (تث 21: 23)، وقد دخل منه السيد المسيح ليلتقي بنا هناك، لا عن طريق كسر الناموس، وإنما عن طريق التعليق على خشبة. لكن اللعنة لم تحتمله، ففجرها وكسر متاريسها، وحملنا معه من دائرة اللعنة إلى مجد أولاد الله المباركين. * ها أنتم ترون كيف يبرهن (الرسول بولس) أن الذين يلتصقون بالناموس هم تحت اللعنة، إذ يستحيل عليهم أن يتمموه (غلا 3: 10-11)، ثم كيف جاء الإيمان يحمل قوة التبرير... ما دام الناموس عاجزًا عن أن يقود الإنسان للبر، فالإيمان هو العلاج الفعّال الذي يجعل ما كان مستحيلًا بالناموس ممكنًا (رو 8: 3)... استبدل المسيح هذه اللعنة بلعنة أخرى "ملعون كل من عُلق على خشبة" (تث 21: 23). إن كان من يُعلق على خشبة ومن يتعدى الناموس كلاهما تحت اللعنة، وكان من الضروري لذاك الذي يحرر من اللعنة أن يكون حرًا منها، إنما يتقبل لعنة أخرى، لذلك قَبِل المسيح في نفسه هذه اللعنة الأخرى لكي يحررنا من اللعنة... لم يأخذ المسيح لعنة التعدي، بل اللعنة الأخرى، لكي ينتزع اللعنة عن الآخرين. "على أنه لم يعمل ظلمًا ولم يكن في فمه غش" (إش 53: 9). إذ بموته خلص الأموات من الموت، هكذا بحمله اللعنة في نفسه خلصهم منها. القديس يوحنا الذهبي الفم * كما أن المسيح بذاته لم يصر لعنة، إنما قيل هذا لأنه أخذ على عاتقه اللعنة لحسابنا، هكذا صار جسدًا لا بتحوله إلى جسدٍ، إنما اتخذ جسدًا من أجلنا وصار إنسانًا. البابا أثناسيوس الرسولي * صار خطية ولعنة لا لحسابه بل لحسابنا... صار لعنة لأنه حمل لعناتنا. القديس أمبروسيوس "ملعون الإنسان الذي لا يسمع كلام هذا العهد" [3].كأنه يقول يسقط تحت اللعنة من يكسر الناموس حتى إن كان مختونًا بالجسد، لأنه غير مختون الأذن. من ليس له الأذن المختونة يسمع بأذنيه الخارجيتين، فيكون لذلك صدى على النفس في الداخل، ولا يستجيب لكلمات العهد. أما من له الأذن المختونة فإنه يسمع ما يقوله الروح للكنائس (رؤ 3: 6). مثل هذا ليس فقط يُعتق من اللعنة، لعنة عدم الطاعة، وإنما يتمتع بالحياة المطوَّبة، حياة الطاعة في المسيح يسوع الذي تمم العهد الجديد بدمه، واهبًا إيانا روح الطاعة. إن كانوا قد سقطوا في اللعنة بسبب عدم الطاعة للعهد، فإن العيب ليس في الناموس بل في عدم ختان آذانهم، أما العهد فليس ثقيلًا، والوصية ليست مستحيلة. العهد ممكن وعذب، يحمل الملامح التالية: أولًا: عهد حرية يقول: "يوم أخرجتهم من أرض مصر" [4]، أخرجتهم من العبودية ليعيِّدوا بفرح وبهجة قلب (خر 5: 1). هو عهد خروج إلى حياة الحرية والفرح، فلماذا يكسرونه؟! هل يريد الإنسان العبودية؟! هذا هو العجب في الإنسان، فإنه كثيرًا ما يرفض وصية الله موضوع فرحه وبهجة قلبه، ليبذل كل جهده وطاقاته وأمواله في الفساد، ويعيش في مرارة العبودية الداخلية! يقول العلامة أوريجينوس: [إذًا لا تقع هذه اللعنة علينا نحن، وإنما تقع على أولئك الذين لم يسمعوا كلام العهد الذي أمر الله به الآباء، "يوم أخرجتهم من أرض مصر من كور الحديد". نحن أيضًا، أخرجنا الله من أرض مصر، ومن كور الحديد، خاصة إذا فهمنا ما هو مكتوب في سفر الرؤيا، أن الموضع الذي صُلب فيه الرب يُدعى روحيًا سدوم ومصر (رؤ 11: 8). إذًا إن كان يدعى روحيًا مصر، فمن الواضح أنه لو فهمت ما هو مقصود بالبلد التي ُتدعى روحيًا مصر والتي كنت تعيش فيها قبلًا، تكون قد خرجت من أرض مصر، وُيقال لك أيضًا بعد ذلك: "اسمعوا صوتي واعلموا به حسب كل ما آمركم به" ]. ثانيًا: عهد راحة غاية هذا العهد أن ُيخرجهم كما من كور مصر، من وسط النيران ليدخل بهم إلى ندى راحته. عتقهم من المسخرين العنفاء، لا ليعيشوا في رخاوة بلا عملٍ، إنما لينالوا بركة العمل. بمعنى آخر خرجوا من كور المسخرين ليقبلوا العمل لحساب الله حسب إرادته، لا كثقلٍ يلتزمون به كرهًا، بل بركة من قبل الله. إذ يقول: "واعملوا به حسب كل ما آمركم به" [4]... يستبدل عمل السخرة المرّ بالعمل لحساب الله الممتع! "يقول كلام هذا العهد الذي أمرت به آباءكم يوم أخرجتهم من أرض مصر من كور الحديد، قائلًا: اسمعوا صوتي" [4-5]. كور الحديد هي فرن ترتفع فيها الحرارة جدًا لصهر الحديد، الأمر الذي لا تحتاج إليه كثير من المعادن. بينما يُمكن صهر النحاس في درجة حرارة 800 ف.، لا يُصهر الحديد إلا عند درجة 1535 ف. استخدم حزقيال النبي ذات التشبيه، قائلًا: "من حيث إنكم كلكم صرتم زغلًا، فلذلك هأنذا أجمعكم في وسط أورشليم؛ جمع فضة ونحاس وحديد ورصاص وقصدير إلى وسط كور لنفخ النار عليها لسكبها كذلك أجمعكم بغضبي وسخطي وأطرحكم وأسبككم، فأجمعكم وانفخ عليكم في نار غضبى فُتسبكون في وسطها" (حز 22: 19-21). يشبه خروجهم من مصر كمن يخرج من النار، من كور الحديد، لا ليعيِّرهم بأنه خلصهم من النار، وإنما بعد إخراجهم يطلب الدخول معهم في العهد. كأن الله لا يستغل ضيقتهم ليأمر وينهي، وإنما ليدخل معهم خلال الحوار الودي في عهد أبوي مملوء حبًا. في هذا العهد يقدم نفسه إلهًا منسوبًا لأولاده: "فتكونوالي شعبًا، وأنا أكون لهم إلهًا" [4] هنا نلاحظ أنه عندما يتفاهم مع شعبه يدعوهم: "شعبي" ويدعو أعيادهم "أعيادي"، وسبوتهم: "سبوتي"، لكن إذ يصرون على العصيان يقول لموسى: "شعبك". * ما دامت مصر هي كور حديد (إر 11: 4، تث 4: 20) فهي تشير رمزيًا إلى كل مجالٍ أرضي. يليق بكل من يهرب من شر الحياة البشرية دون أن يحترق بالخطية أو يمتلئ قلبه بالنار ككورٍ أن يقدم تشكرات ليس بأقل من الذين يُختبرون بالنار كندى . العلامة أوريجينوس * يوجد وعد من الرب للذين يسمعون كلامه أنهم إذا فعلوا كل ما أمرهم به: "تكونوا لي شعبًا وأنا أكون لكم إلهًا". ليس كل شعب يُدّعى شعب الله يكون بالفعل شعبًا لله. ألم يقل الله لذلك الشعب الذي كان يتظاهر بأنه شعب الله،: "إنكم لستم شعبي" لأنهم: "أغاظوني بإله آخر، أغاظوني بأصنامهم، فأنا أيضًا أغيظهم بأمة أخرى... غبية". أصبحنا نحن الآخرون شعبًا لله، وقد أعلن بر الله للشعب الذي سيأتي (سيولد)، أي للشعب القادم من الأمم. في الواقع وُلِد هذا الشعب فجأة، وقد قيل في النبي: "هل يُولد شعب مرة واحدة؟!"، نعم وُلد شعب مرة واحدة حينما جاء المخلص، وحينما آمن خمسة آلاف رجل في يومٍ واحدٍ بالإضافة إلى ثلاثة آلاف نفس في يومٍ آخر. يمكننا أن نرى شعبًا بأكمله مولودًا من كلمة الله يسوع المسيح. فقد وَلَدَت العاقر التي لم تكن قبلًا تُنجب، والتي قيل عنها: "ترنمي أيتها العاقر التي لم تلد. أشيدي بالترنم أيتها التي لم تتمخض، لأن بني المتوحشة (المتوحدة أو الوحيدة) أكثر من بني ذات البعل" (إش 54: 1)، إنها وحيدة، لأنها كانت محرومة من الشريعة ومن الله، أما الأخرى ذات البعل، أي الأمة اليهودية، فكانت كما هو معروف تتخذ من الشريعة الإلهية زوجًا لها. بماذا إذًا يعدني الرب؟ "فتكونوا لي شعبًا وأنا أكون لكم إلهًا". إنه ليس إلهًا للجميع، وإنما فقط للذين يهبهم نفسه مجانًا كإلهٍ لهم. كما قال لأحد الآباء: "أنا هو إلهك"، وقال لآخر: "سأكون إلهك"، وقال أيضًا عن آخرين: "سأكون لهم إلهًا". متى نصل نحن أيضًا إلى أن يكون الله إلهًا لنا؟ إن كنت تريد أن تعرف من هم الذين يكون الرب إلهًا لهم، يعطيهم شرف إضافة أسمائهم إلى اسمه، انظر قوله: "أنا إله إبراهيم وإله إسحق وإله يعقوب". وقد علق السيد المسيح على هذا بقوله: "ليس هو إله أموات بل إله أحياء". من هو الإنسان المائت؟ الخاطئ، أو من لا يحمل في داخله الله القائل: "أنا هو الحياة"، وكل من يعمل الأعمال المائتة ولم يتب عنها حتى الآن. إذًا، بما أن الله ليس إله أموات بل إله أحياء، وبما أننا نعرف أن الإنسان الحيّ هو الذي يحيا بحسب كلام السيد المسيح ووصاياه ويكون دائمًا ثابتًا فيه، فلو أردنا أن يصير الرب إلهًا لنا، نترك أعمال الموت، حتى يتمم لنا وعده: "فتكونوا لي شعبًا وأنا أكون لكم إلهًا لأقيم الحلف الذي حلفت لآبائكم أن أعطيهم أرضًا تفيض لبنًا وعسلًا". تأمل هذه الكلمات، فإن الرب يتحدث هنا كما لو لم يكن قد أعطاهم بعد هذه الأرض التي تفيض لبنًا وعسلًا. في الواقع الأرض التي أخذوها ليست هي التي كان يقصدها الله حينما قال "أرض تفيض لبنًا وعسلًا"، وإنما الأمر يتعلق بأرض أخرى قال عنها الرب في تعاليمه: "طوبى للودعاء لأنهم يرثون الأرض". العلامة أوريجينوس ثالثًا: عهد يلتزم به الله بقسم لم يأتِ هذا العهد مصادفة، ولا يمثل أمرًا ثانويًا، لكنه موضوع يهم الله نفسه، فيقيم نفسه شاهدًا على العهد بقسمٍ. لم يقم خليقة سماوية أو أرضية للشهادة، ولا ائتمنهم على ذلك، بل أقسم بذاته أن يحقق وعوده، قائلًا: "لأقيم الحلف الذي حلفت لآبائكم..." [5]، ليبث فيهم روح الثقة أنه يحقق لهم وعوده الصادقة والأمينة. رابعًا: عهد مبادرة بالحب يقول: "مبكرًا" [7]، وكأن الله هو المبادر بالحب، وهو الذي يبكر لتوقيع الميثاق، إنه لا يتأخر في تحقيق مواعيده. إن كان يتأخر فلأجل إعطائنا فرصة لرجوعنا إلى نفوسنا، ومراجعتنا لحساباتنا، وعودتنا إليه حتى لا نهلك، وكما يقول القديس بطرس: "لا يتباطأ الرب عن وعده كما يحسب قوم التباطؤ، لكنه يتأنى علينا وهو لا يشاء أن يهلك أناس، بل أن يُقبل الجميع إلى التوبة" (2 بط 3: 9). أمام هذا العهد الإلهي العجيب المملوء حبًا وحنوًا انحنى إرميا برأسه، بل وبكل كيانه ليردد مع آبائه "آمين يا رب" [5]. هذا ما سبق أن نطق به الشعب حين سمع بركات الطاعة للوصية وقبول العهد، ولعنات العصيان وكسر العهد (تث 27). في خضوع انحنى إرميا ليقبل من يد الله تأديباته لشعبه حتى إن بدت قاسية. "فأجبت وقلت: آمين يا رب" [5]. ما أعجب شخصية إرميا الرقيقة كل الرقة خاصة نحو شعبه، إذ جدران قلبه توجعه، ورأسه ينبوع ماء لا يجف من أجل ما حلّ بهم، وقد جاءت كلمة الرب إليه تعلن تأديباته الحازمة، فكانت كنارٍ محرقة محصورة في عظامه لا يطيقها (إر 20: 9)، كان لا بُد أن ينطق بها، وفي تسليمه الكامل وإدراكه لمراحم الله الكلي الحب قال: "آمين يا رب" [5]، وهو يتوقع خراب شعبه المحبوب لديه جدًا. لا نعجب إن رأينا الكنيسة المنتصرة قد اقتنت نفس الروح، هذه التي تدربت على دروس الحب، بل اقتنت في داخلها مسيحها كلي الحب، فإنه إذ دان الله الزانية العظيمة التي أفسدت الأرض بزناها وانتقم لدم عبيده من يدها ودخانها يصعد إلى أبد الآبدين، صرخت قائلة: "آمين هلليلويا" (رؤ 9: 1-3). نحن أيضًا إذ نصلي في كل يوم، قائلين من كل قلوبنا: "لتكن مشيئتك كما في السماء كذلك على الأرض" تتحول صلواتنا إلى تسبحة مستمرة، خلالها يلهج قلبنا وفكرنا بالتسبيح: "آمين يا رب!" يقول العلامة أوريجينوس: [إجابة على قول الرب: "ملعون الإنسان الذي لا يسمع كلام هذا العهد"، يقول النبي: "فأجبت وقلت آمين يا رب"، ما معنى كلمة آمين يا رب؟ أي: "آمين يا رب أن الذي لا يسمع كلام هذا العهد يصير ملعونًا". "فقال الرب لي: نادِ بكل هذا الكلام في مدن يهوذا وفي شوارع أورشليم (وخارج أورشليم)" - إننا ننادى بكلام الرب حتى للذين هم في الخارج لندعوهم إلى الخلاص - "قائلًا: اسمعوا كلام هذا العهد واعملوا به... فلم يسمعوا... ولم يصنعوه. وقال الرب لي: توجد فتنة بين رجال يهوذا وسكان أورشليم". ألا يجب علينا نحن بالأولى أن نتوب عن خطايانا، بكوننا رجال يهوذا، أي رجال السيد المسيح، كما سبق لنا القول. حيث يوجد بيننا أناس خاطئون وأناس يسلكون حسب الباطل، قال النبي: "توجد فتنة بين رجال يهوذا وسكان أورشليم" "قد رجعوا إلى آثام آبائهم الأولين"... لم يقل مجرد "آثام آبائهم" فقط، وإنما أضاف كلمة الأولين. قلنا أن هذا الكلام موجه لنا وللخطاة الموجودين بيننا. كيف رجع هؤلاء الخطاة لا إلى آثام آبائهم فقط، بل إلى آثام آبائهم الأولين؟ أليس لأن لنا نوعان من الآباء، منهما نوع فاسد. قبل أن نقبل الإيمان كنا أولادًا للشيطان، كما يوضحه الإنجيل "أنتم من أب هو إبليس"، وعندما آمنَّا صرنا أولاد الله. ففي كل مرة نخطئ، نرجع إلى آثام آبائنا الأولين. لكي نوضح أن آباءنا نوعان استعين بالمزمور 45، حينما يقول: "اسمعي يا ابنتي وانظري وأميلي أذنيكِ وانسي شعبكِ وبيت أبيكِ"، إذ يقول لها: "اسمعي يا ابنتي" فهو أبوها، كيف إذًا يقول أب لابنته "انسي بيت أبيكِ"؟ لأن الآباء نوعان. انسي بيت أبيك، أي أبيك الأول؛ إذا عدت للخطايا بعد أن تكوني قد نسيتي بيت أبيك الأول، تكونين أنتِ المقصودة بهذه الآية: "قد رجعوا إلى آثام آبائهم الأولين". قلت كان الشيطان أبانا، قبل أن يصير الله أبانا - إن لم يكن الشيطان أبانا حتى الآن - هذا نوضحه أيضًا من رسالة القديس يوحنا: "من يفعل الخطية فهو من إبليس (مولود من إبليس)" (1 يو 3: 8).وبما أن كل من يفعل الخطية مولود من إبليس، فإننا كنا مولودين من الشيطان عدة مرات حسب كل مرة نخطئ فيها. مسكين الإنسان الذي يولد من الشيطان بلا توقف، وطوبى لمن يُولد من الله باستمرار. لا أقول إن البار يولد من الله مرة واحدة فقط طوال حياته، إنما يولد من الله باستمرار في كل عمل صالح يقوم به... وعندما أوضح لك بخصوص المخلص، كيف أن الآب لم يلد الابن بطريقة تجعله (أي الابن) يحتاج أن يولد منه مرة أخرى بعد ذلك، إنما يلده باستمرار، هكذا أيضًا بالنسبة للإنسان البار. لنرى ما يخص مخلصنا: إنه يشع مجدًا، إشعاع المجد لم يحدث (لم يولد) مرة واحدة للأبد، وإنما طالما يتولد منه النور، فإن مجد الرب يشع باستمرار. مخلصنا هو حكمة الله؛ والحكمة هي "إشعاع النور الأبدي". فإذا كان المخلص مولودًا باستمرار من الآب، هكذا أنت أيضًا إذا كان عندك روح التبني، فإن الله يلدك باستمرار في المسيح يسوع عند كل عمل من أعمالك وعند كل فكر من أفكارك. هكذا بميلادك تصير ابنًا لله بلا توقف، مولودًا في المسيح يسوع الذي له المجد والقدرة إلى أبد الآبدين. آمين]. "لأني أشهدت على آبائكم إشهادًا يوم أصعدتهم من أرض مصر إلى هذا اليوم مبكرًا، ومشهدًا، قائلًا: اسمعوا صوتي. فلم يسمعوا ولم يميلوا أذنهم، بل سلكوا كل واحدٍ في عناد قلبه الشرير. فجلبت عليهم كل هذا العهد الذي أمرتهم أن يصنعوه ولم يصنعوه" [7-8]. يعود بذاكرتهم إلى بدء إقامة العهد، حيث خانه الشعب منذ اللحظات الأولى، حين نزل موسى من الجبل يحمل معه لوحي العهد اللذين كتبهما الله بإصبعه. عوض السحابة المقدسة السماوية التي عاش فيها موسى أربعين يومًا نزل إلى جوٍ فاسدٍ حيث وجد الشعب يتعبد للعجل الذهبي، يسجدون له ويذبحون (خر 23: 7-8). عوض الموسيقى السماوية المبهجة للنفس سمع صوت غناء ورقص (خر 32: 18-19)، فلم يحتمل ذلك... ارتجفت يداه "وطرح اللوحين من يديه وكسرهما في أسفل الجبل" (خر 32: 19). هكذا أعلن موسى النبي عن خيانتهم للعهد منذ اللحظات الأولى، وها هو إرميا يشهد على أبنائهم أنهم سلكوا طريق آبائهم: خيانة العهد. لعله أيضًا قصد بآبائهم أولئك الذين سلكوا في الشر قبل إصلاح يوشيا. "توجد فتنة بين رجال يهوذا وسكان أورشليم" [9]. كسرهم للعهد ليس عن ضعفٍ مؤقت، ولا ثمرة إغراء خارجي، لكنه عن فتنة أو خطة مُحكمة وإصرار، وها هم يتشبهون بآبائهم الأولين في عصيانهم وكسرهم للعهد. أدى عدم الطاعة إلى "كسر العهد" مرارًا، لهذا حلت بهم الشرور كثمرٍ طبيعي لاعتزالهم الله الذي لم يتدخل إلى حين حتى يكتشف الشعب عجز الأوثان عن إنقاذهم، ويدركوا أنها آلهة باطلة لا حول لها ولا قوة. حتى إرميا نفسه كنبي صار عاجزًا عن الشفاعة عنهم. "هأنذا جالب عليهم شرًا لا يستطيعون أن يخرجوا منه، ويصرخون إليّ فلا أسمع لهم..." [11]. مع عجزهم عن الهروب من الضيقة (الشر) التي سقطوا فيها صرخوا لله لا للرجوع إليه بالتوبة، وإنما لمجرد مساندتهم، لهذا قيل "ويصرخون إليّ فلا أسمع لهم" [11]. تركهم يلجأون إلى الآلهة الغريبة ليدركوا عجزها، لهذا لم يسمع لهم، ولا سمح لإرميا النبي أن يشفع فيهم. "وأنت فلا تُصلِّ لأجل هذا الشعب، ولا ترفع لأجلهم دعاء ولا صلاة، لأني لا أسمع في وقت صراخهم إليّ من قبل بليتهم" [14]. سبق فطلب منه ألا يصلي لأجلهم ولا يلح عليه (إر 7: 16). وقد رأينا أن الله ُيسر بأن يرى قلب إرميا متسعًا بالحب، وألا يكف عن الصلاة بلجاجة من أجل شعب الله. لكنه يريد تأكيد أن الأمر قد صدر بتأديبهم، وهو لخيرهم وخلاصهم، فلا يطلب النبي رفع التأديب عنهم. * قال لإرميا: "لا تُصلِّ لأجل هذا الشعب... لأني لا أسمع"، لا ليوقف صلاته (لأن الله يتوق مشتاقًا إلى خلاصهم)، إنما لكي يرعبهم. وإذ رأى النبي ذلك لم يتوقف عن الصلاة. القديس يوحنا الذهبي الفم يظهر ذلك بوضوح بقوله: "من قبل بليتهم" [14]؛ كأن الله لا يرفض صلواتهم أو طلباتهم، ولا صلوات النبي عنهم، لكن يلزم تركيزها على توبتهم ورجوعهم إليه، ونموهم روحيًا، لا عن رفع البلية عنهم!أظهر النبي شدة آلامه، إذ حلت به حالة احباط شديدة، لأنه عجز عن أن يدفع عن شعبه ما يحل بهم من انهيار، ولأنه غير قادر على الوساطة بالصلاة عنهم في هذا الأمر كما فعل موسى النبي قبلًا (تث 18: 15-22)، ليس عن ضعف في إرميا، وإنما لإصرار الشعب على العصيان. لقد تمررت نفس النبي حتى لعن يوم ميلاده (إر 20: 14). |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
آرميا النبي | العهد الجديد |
آرميا النبي | الخضوع للتأديب الإلهي |
آرميا النبي | نقض الشعب العهد |
آرميا النبي | بالتأديب الإلهي تدرك النفس حاجتها للغسل لكي تخلص |
آرميا النبي | هذه كلمات صادرة عن الفم الإلهي |