وفِيهِم تَتِمُّ نُبُوءةُ أَشَعيا حَيثُ قال:
تَسمعونَ سَماعاً ولا تَفهَمون وتَنظُرونَ نظَراً ولا تُبصِرون.
تشير عبارة "تسمعونَ سَماعاً ولا تَفهَمون وتَنظُرونَ نظَراً ولا تُبصِرون" إلى مسؤولية الشعب المُتصلَّب. (يوحنا 12: 39-41) ويستشهد متى الإنجيلي هنا بكلمات النَّبي أشعيا "اِسمَعوا سَماعاً ولا تَفهَموا وآنظُروا نَظراً ولا تَعرِفوا" (أشعيا 6: 9-10)، حيث يتنبَّأ عن رفض إسرائيل "فقَد غَلُظَ قَلْبُ هذا الشَّعْب وأَصَمُّوا آذانَهم وأَغمَضوا عُيوَنهم لِئَلاَّ يُبصِروا بِعُيونِهم وَيسمَعوا بِآذانِهم ويَفهَموا بِقُلوبِهم وَيرجِعوا. أَفأُشْفيهم؟ "(أعمال الرسل 28: 27). وهي تصف حالة الشعب الذي أرسل إليه النَّبي أشعيا. كما كان في أيام أشعيا كان النَّاس يسمعون كلماته ويرون معجزاته ولكنَّهم لم يفهموا معنى ذلك (أشعيا 6: 9) كذلك حدث مع يسوع، أغمض اليهود عيونهم عن الحقِّ الرُّوحي "هُوَذا الوارِث، هَلُمَّ نَقتُلْه، فيَكونَ الميراثُ لَنا. فأَمسَكوهُ وقتَلوه وأَلقَوْهُ في خارِجِ الكَرْم" (مرقس 7:12). وقساوة القلب هو السَّبب الذي لأجله صار بنو إسرائيل لا يفهمون، على الرغم من قدرتهم على السَّمع. والجدير بالذكر أن متى الإنجيلي إذ يكتب لليهود أورد لهم نبوة أشعيا، لأنَّهم يعرفون النبوءات، وأمَّا مرقس ولوقا إذ يكتبان للأمم لم يوردا نبوءة أشعيا. أمَّا عبارة " تَسمعونَ سَماعاً " فتشير إلى إدراك الصوت دون الاستفادة منه روحيًا. أمَّا عبارة " تَنظُرونَ نظَراً ولا تُبصِرون" فتشير إلى إدراك ظاهر الأمر والإغفال عن المقصود منه، أي إدراك الأعراض دون الجوهر الرُّوحي.