رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
بَارِكُوا الرَّبَّ يَا مَلاَئِكَتَهُ الْمُقْتَدِرِينَ قُوَّةً، الْفَاعِلِينَ أَمْرَهُ عِنْدَ سَمَاعِ صَوْتِ كَلاَمِهِ [20]. قيل هنا عن الملائكة أربعة أمور: أ. أنهم منسوبون لله: "ملائكته". ب. مقتدرون، ليس في الخليقة من يساويهم في سلطانهم وقدرتهم. ج. يخدمون الله: يُقَدِّم لنا الكتاب المقدس بعهديه الملائكة كمُرسَلين لله وخدام له، يحملون روح الطاعة له، وروح الحب لنا، فإن كانت الملائكة الساقطة وعلى رأسهم إبليس لا يكفون عن مقاومة الحق فينا لكي يسحبوننا إلى البنوة لإبليس والاستعباد له، فبلا شك لا تقف الملائكة في سلبية، بل تصلي وتعمل في شوقٍ حقيقيٍ لكي نتمتع بالبنوة لله، ونتحرر من أسر إبليس وملائكته. د. مُقَدَّسون، يتممون مشيئة الله، وموضع سروره. يُعَبِّر المرتل عن عمل الملائكة الدائم في طاعة لله وبقوة، قائلًا: "باركوا الرب يا ملائكته المقتدرين قوة، الفاعلين أمره، عند سماع صوت كلامه" (مز 20:103). لم يُقَدِّم المرتل هذه الأغنية بلحن منفرد، لكنه وسط فرقة متناغمة تضم ملائكة الله المقتدرين، وجميع جنوده خدامه العاملين، كما تضم جميع أعماله في كل موضعٍ. كان المرتل يجد سعادته في أن ترافقه كل الخليقة السماوية والأرضية في التسبيح، أو هو يرافقها في هذا العمل المفرح. هذا ويُعْتَبَر هذا القسم ذات أهمية خاصة عن التطلع إلى العمل، فإن كان الله يعمل لأجل مسرة خليقته، فالقوات السمائية أيضًا تعمل، والإنسان المقدَّس في الرب يجد في العمل مسرة خاصة، ويطلب أن يعمل في شركة مع إخوته كما مع الخليقة، بل ويقول الرسول "العاملان مع الله" (1 كو 3: 9) . * يلزم أن تميز بين كونك تعمل، وبين أن تتعب، فهذا شيء وذاك آخر، لكن هل يوجد عمل بدون تعب؟ هل هذا ممكن؟ نعم، هكذا كانت إرادة الله، لكنك رفضتَ هذه الإرادة. فقد أعدَّك في الجنة لكي تعمل، وحدد لك ما تعمله، وإن كان لم يمزجه بالتعب. لأنه لو كان التعب منذ البداية، لما صار عقابًا بعد ذلك (تك)، إذن كان من الممكن أن يعمل الإنسان بدون تعب مثل الملائكة. فالملائكة تعمل أيضًا، اسمع ماذا يقول؟ "باركوا الرب يا ملائكته المقتدرين قوة، الفاعلين أمره عند سماع صوت كلامه" (مز 103: 20)، إن غياب الصحة (الذهنية) هو الذي يسبب التعب الكثير، لكن في البداية لم يكن الأمر هكذا... الله أيضًا ما يزال يعمل كما يؤكد المسيح: "أبي يعمل، وأنا أعمل" (يو 5: 17). * يمكنك أن تعمل ولا تقلق، كما يعمل الملائكة. * ما هي أكبر العظائم التي نراها (في الملائكة)؟ أليس طاعتها لأوامر الله؟ تلك هي الشهادة التي يقدمها داود من جهة هذه القوات بتعجبٍ: "باركوا الرب يا جميع جنوده، يا خدامه العاملين مرضاته" (مز 103: 20). ما من خير يعادل هذا الخير في تلك الأرواح الطاهرة . * إني أطوَّب القوات غير المرئية، لأنهم يحبون الله، ويخضعون له في كل شيء. * ليتنا لا نقدم التشكرات فقط من أجل البركات التي تحل بنا، وإنما من أجل البركات التي تحل بالآخرين... هذا هو الأمر (الشكر) الذي يحرر الإنسان من الأرض، ويرفعنا إلى السماء، ويجعلنا ملائكة بدلًا من أن نكون بشرًا، فإن الملائكة يُشَكِّلُون طغمة تُقَدِّم التشكرات لله من أجل الصالحات الموهوبة لنا، قائلين: المجد لله في الأعالي، وعلى الأرض السلام، وبالناس المسرة (لو 14:2) . القديس يوحنا الذهبي الفم * ليس من أمرٍ يعوقنا عن بلوغ كمال القوات العلوية، بسبب سكنانا على الأرض. وإنما يمكننا ونحن نقطن هنا أن نفعل كل شيء، كما لو كنا في العلا. فما يقوله هنا هو هذا: "كما أن كل شيءٍ يتم بلا عائق، والملائكة لا يطيعون (الله) جزئيًا ويعصونه جزئيًا، وإنما في كل شيءٍ يخضعون ويطيعون، إذ يقول "مقتدرين قوة، فاعلين كلمته"، هكذا فلتهبنا نحن البشر (أيضًا) ألا نعمل إرادتك بطريقة جزئية، بل نفعل كل شيءٍ حسبما تريد. القديس يوحنا الذهبي الفم * الروح القدس الذي يأمر أولًا نفس الصديق أن تبارك الرب، الآن يدعو الملائكة لهذا العمل. يأمرهم أن يباركوا الرب. فكيف إذن يجسر قوم ويقولون أن الروح القدس مساوٍ للملائكة في القدر، وها هو يأمرهم كما يأمر نفس الإنسان. ليعلموا من هذا أن الروح القدس هو رب، خالق مساوٍ للآب والابن في جوهر اللاهوت والقوة والسلطان، وليس في منزلة الملائكة المخلوقين... حيث أن الملائكة يفرحون لأجل توبة الخطاة، لذلك يحثهم الروح القدس أن يباركوا الرب ويقدموا الشكر له، لأجل توبة الأمم، وخلاصهم بإيمانهم بالمسيح. الأب أنسيمُس الأورشليمي * "لتكن مشيئتك، كما في السماء كذلك على الأرض"، ملائكة الله المقدسون المباركون يصنعون مشيئة الله، كما قال داود: "باركوا الرب يا ملائكته المقتدرين قوة، الفاعلين أمره" (مز 103: 20)، وعلى هذا نعني بالصلاة: "كما في الملائكة تكون مشيئتك، هكذا لتكن على الأرض فيَّ يا رب" . القديس كيرلس الأورشليمي * إذ كانوا "مقتدرين قوة" (مز 20:103) في تنفيذ مشيئة الله، وفي السعي لإهلاك العُصاة، ففي هذا برهان على أنهم يقفون قدام الله، ويخدمونه كأنهم يده اليُمنى (لو 19:1)، وذلك بسبب إرادتهم الصالحة . العلامة أوريجينوس * عندما تستعمل كلمة "قوة" في صيغة المفرد تعني قوة الله، بينما حين تُستعمَل في صيغة الجمع تعني قوة الملائكة، فمثلًا "المسيح" قوة وحكمة الله (1 كو 1: 24)، يوضح هنا استخدام كلمة قوة بصيغة المفرد على ألوهية السيد المسيح. وعلى الجانب الآخر نجد في (مز 103: 21) "باركوا الله في جميع قواته"، هنا توضح صيغة الجمع الطبيعة الروحية للملائكة. إن تعبير "المقدرة" الذي يُستخدَم مع كلمة قوة يُرَكِّز أكثر على المعنى، ويعمل الوحي الإلهي في بعض الأحيان على جعل المعنى أكثر تأكيدًا باستخدام كلمات لها نفس المعنى. كمثال التعبير الآتي: "الرب صخرتي وحصني ومنقذي، إلهي صخرتي به أحتمي، تُرس وقرن خلاصي وملجأي، أدعو الرب الحميد فأتخلص من أعدائي" (مز 18: 2-3). فكل كلمة تُعَبِّر عن نفس المعنى، ولكن استعمال الكلمتيْن معًا يُعطي تأكيدًا للعبارة، لذلك فاستخدام صيغة الجمع لكلمة قُوة، وكلمة مقدرة بنفس المعنى تشير إلى طبيعة الملائكة . القديس غريغوريوس أسقف نيصص |
|