|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
لأَنَّهُ مِثْلُ ارْتِفَاعِ السَّمَاوَاتِ فَوْقَ الأَرْضِ، قَوِيَتْ رَحْمَتُهُ عَلَى خَائِفِيهِ [11]. يؤكد الكتاب المقدس عظمة لطف الله وحنوه (مز 36: 5؛ 57: 10؛ 108: 4؛ إش 55: 7-9). هذا التشبيه يكشف عن حنو الله الفائق غير المحدود، وقدرة الله للخلاص عظيمة، ترفع النفس كما من التراب إلى السماء. * لاحظوا السماء، ففي كل جانب تغطي الأرض. ولا يوجد جزء من الأرض لا تغطيه السماء. يخطئ البشر تحت السماء، يصنعون الأعمال الشريرة تحت السماء، لكن السماء تغطيهم. من تلك السماء تنعم العيون بالنور، ومنها ننال الهواء، والنَفَسْ، والمطر على كل الأرض، من أجل الثمار، ومن السماء ننال الرحمة. انزع معونة السماء عن الأرض، فإن الأخيرة تنهار للحال. كما أن حماية السماء تحل على الأرض، هكذا حماية الرب تحل على الذين يخافونه. أنت تخاف الله، حمايته فوقك. قد تتألم وتظن أن الله ينساك. الله ينساك لو أن حماية السماء تترك الأرض. القديس أغسطينوس * صار غِنَى الله ظاهرًا عندما أظهر رحمته نحو أولئك الذين رذلهم الناس ووطأوا عليهم، هؤلاء الذين وضعوا رجاءهم لا في غناهم، ولا في قوتهم، بل في الرب. العلامة أوريجينوس * تحتوي كلمات النشيد المقدسة بعض الأفكار المخفية، وكأن عليها نقاب سميك تختفي وراءه، فتبدو صعبة في الفهم. لذلك يلزم أن نوجه اهتمامًا كبيرًا للنص. وفي الحقيقة نحن نحتاج مساعدة من خلال الصلاة وقيادة الروح القدس، حتى لا تضيع منا المعاني، مثل من يتطلع إلى معرفة أسرار النجوم. فعندما نتطلع إلى جمال النجوم البعيدة لا نعرف كيف خُلقتْ. ولكننا نتمتع بجمالها، ونتعجب للمعانها وأوضاعها في السماء، تضيء بعض النجوم التي ذكرت في الكتاب المقدس وتتلألأ، وتملأ عيني النفس بالضياء، كما يقول النبي: "لأنه مثل ارتفاع السماوات فوق الأرض" (مز 103: 11). فإذا كان هذا مكان صعود نفوسنا، كما في مثال إيليا، حيث تُخطَف عقولنا إلى أعلى في المركبة النارية (2 مل 2: 11)، وترتفع إلى الجمال السماوي، نحن نفهم أن المركبة النارية هي الروح القدس الذي أتى ليمنحها للساكنين على الأرض، على هيئة ألسنة قُسمتْ على التلاميذ، سوف لا نيأس من الاقتراب من النجوم، أي من البحث في الأمور المقدسة التي تضيء نفوسنا بكلمة الله السماوية الروحية . القديس غريغوريوس النيسي * يجاوب النبي الذين اكتأبوا مرة، وأتوا قائلين: "قد تركني الرب، وسيِّدي نسيني"، قائلًا: "هل تنسى الأم رضيعها، فلا ترحم ابن بطنها؟" (إش 49: 15-14) كأنه يقول: يستحيل على الأم أن تنسى رضيعها، فبالأولى لا ينسى الرب البشرية، وهو بهذا لا يقصد تشبيه حب الله لنا بحب الأم لثمرة بطنها، وإنما لأن حب الأم يفوق كل حبٍ، غير أن حب الله حتمًا أعظم منه... تأمل كيف تفوق محبة الله محبة الأم...؟ يؤكد رب الأنبياء وسيِّد الجميع أن حبه يفوق محبة الأب لأولاده، كما يفوق النور الظلمة، والخير الشر، كاختلاف الخير عن الشر، هكذا تعلو محبة الله عن عواطف الوالدين... توجد أمثلة أخرى كحُب الحبيب لمحبوبته، ليس أن حب الله لنا يعادل هذا الحب، وإنما هو مثال من قبيل التشبيه مع الفارق..، لهذا يقول داود: "لأن مثل ارتفاع السماوات فوق الأرض، قويت رحمته على خائفيه" (مز 103: 11). كما أن الإنسان في حبه يراجع كلماته بجنونٍ، خشية أن يكون قد نطق بشيءٍ يجرح مشاعر محبوبته. هكذا يقول الرب: "ما أن تكلمت حتى ندمت على كلامي... رجع قلبي" (هو 11: 8). فلا يستنكف الرب من استخدام هذه الصورة القاسية لإعلان حبه لمحبوبته... أعمال عناية الله أسطع من الشمس، إذ ذكر مَثَل الأب والأم والعريس... وشبَّه نفسه بالبستاني الذي يتعب من أجل عمل يديه... وبالحبيب الذي يحزن لئلاَّ يُحزن محبوبته ولو بكلمة... مؤكدًا لنا أن محبته مختلفة عن كل أنواع الحب هذه كاختلاف الخير عن الشر . القديس يوحنا الذهبي الفم |
|