اليوم التاسع عشر لشهر قلب يسوع
تأمل في الاشتراك بالذبيحة الإلهية
إنّ من أهم وأعظم رغبات قلب يسوع الأقدس المشاركة في الذبيحة الإلهية التي ما هي إلا تجديد لذبيحةِ الصليب حيث يسوع ذاتُه هو الكاهن مقدّم الذبيحة وهو الضحية معاً. ففي القداس تكون ذبيحة الشكر والسجود لله بالمسيحِ يسوع، والذبيحة لها استحقاقات أكثر من كلِّ عملٍ صالح تأتيه الخلائق الموجودة والممكن وجودها. فالقداس هو صلاةُ شكرٍ كاملة للنِعَم الغزيرة التي منحَنا إياها الرب، ونعمتُه الكبرى هي خلاصُنا من الموت على الصليب. إنّ العالمَ بحاجةٍ إلى أمورٍ كثيرة ويستغفر استمداداً للنِعَم وهو يُلحِق إهاناتٍ عديدة بالله وبعدلِهِ ولكن المسيح بدمِهِ افتداه وفي الذبيحة الإلهية يقدّم ذاتَه كلَّ يومٍ وكلَّ ساعةٍ، إذ قال أحدُ القديسين:"لولا القداس الإلهي لخَرُبَ العالمُ خراباً". فيسوع فوق المذبح هو الدعامة المتينة التي تحمي العالم المُثقَل بالآثام من الانهيار والدمار.
يروي أحد قبطان السفينة: إنّ سفينةً كانت تمخُرُ عِبابَ البحر فهبّت عاصفةُ رياحٍ قوية وارتفعت الأمواجُ وأوشكت السفينةُ على الغَرَقِ فوقع نظرُ القبطان على طفلٍ صغيرٍ فأخذه وحملَه ورفعَه فوقَ هامتِهِ هاتفاً "يا رب، من أجلِ هذا الصبي نجِّنا من الغرقِ" وما هي إلا مدةٍ قصيرة حتى هدأت الرياح وسكنت الأمواج وسارت السفينةُ بأمانٍ وسلام… هكذا الله يرى آثامَ الناس ولا يُنزِل فيهم الضربات القاسية إكراماً للذبيحةِ الإلهية التي يُقدَّم فيها يسوع لله الآب ويقول "ارحمهم يا أبتِ السماوي من أجل الدم الذي سُفِكَ لأجلهم".
نعم، بواسطة القداس يُمطر الله على العالم بأسرِهِ نِعَماً غزيرة روحية وزمنية. إذ يقول القديس كيرلس الأورشليمي:"إننا في أثناء الذبيحة الإلهية غير الدموية التي نقدمها لله نلتمس أنْ يَهِبَ الله الهدوءَ والسلام للكنيسة وللعالم ويمنح النِعَم اللازمة للمرضى والبؤساء والحزانى ولجميع المحتاجين" ونحن أعضاء الكنيسة إذ نشترك في القداس نشترك في كافة خيرات الكنيسة بحكم شِركة القديسين. فالمسيح يقدّم ذاتَه قرباناً على كلِّ واحدٍ منا فيصبح لكلِّ مَن يشترك الحق بأنْ يخصِّصَها لنفسِهِ ويقدِّمَها لله بالمسيح يسوع ذبيحةَ شكرٍ وسجود، ذبيحةَ استغفارٍ وابتهال، فالله يرتضي بمشاركة الجميع في ذبيحة ابنه الواحدة، فهي لنا ومن أجلِنا.
خبـــر: كان أحد القديسين يهتف دائماً "إلهي، إلهي، ليتَ لي كلّما ردَّدتُ أنفاسي أنْ أخلُقَ لكَ طوائِفَ من الملائكةِ والقديسين ليمجِّدوكَ ويشكروكَ ليلاً ونهاراً" فأفهَمَه الرب إنه جعل بين يديه وساطة تمكِّنَه من تقديم تمجيدٍ أعظم من ذلك التمجيد الممكن أنْ تأتيه الخلائق التي يتمنى خلقَها، وما هذه الوساطة العجيبة إلا ذبيحةَ القداس. فالذبيحة ليست الخليقة هي التي تكرم الله وتمجِّده بل خالق البرايا ابن الله المساوي لأبيه، ولذا فالمجد الذي يقدِّمُه كلُّ الملائكة والقديسين لله لا يوازي المجد الذي يُقَدَّم لله بواسطة قداسٍ واحد.
إكـــرام : حاول أنْ لا تستهينَ بيومِ الرب، فقلب يسوع الأقدس يدعوكَ إلى أنْ تشارِكَ مع عائلتَكَ في ذبيحةِ القداس وتتقدمَ من المناولة فهي غذاءُ الأنفسِ وغذاءُ الحياة.
نافـــذة: يا قلبَ يسوع كن قوتاً لمسيرة حياتي.