لأَنَّهُ مَنْ فِي السَّمَاءِ يُعَادِلُ الرَّبَّ.
مَنْ يُشْبِهُ الرَّبَّ بَيْنَ أَبْنَاءِ اللهِ؟ [6]
جاءت الترجمة السبعينية: "لأن في السحاب من يساوي الرب؟ ومن يشبه الرب في أبناء الله؟"
إن كان الرب، كلمة الله، بتجسده أخذ شكل العبد، فصار بإرادته كما لو كان أقل من الملائكة يخضع للموت جسديًا، ويحتمل عارنا، لكنه ليس بين كل الطغمات السماوية من يُقارن به. وكما يقول الرسول بولس: "لأنه لمن من الملائكة قال قط أنت ابني أنا اليوم ولدتك، وأيضًا أنا أكون له أبًا وهو يكون لي ابنًا. وأيضًا متى أُدخل البكر إلى العالم يقول: وتسجد له كل ملائكة الله. وعن الملائكة يقول الصانع ملائكته رياحًا وخدامه لهيب نار. وأما عن الابن كرسيك يا الله إلى دهر الدهور" (عب 1: 5-8).
ليس من فجوة -إن صح التعبير- أعظم من تلك التي بين الخالق والمخلوق، أيا كان مركزه، وبين غير المحدود والمحدود!
* "لأنه مَنْ في السحاب يعادل الرب؟" (مز 89: 6) السحاب هو الأنبياء والرسل، الذين يروون بالماء قلوب البشر القاحلة بأمطار تعاليمهم. "من يشبه الرب بين أبناء الله"؟ كل القديسين دعوا بلقب أبناء الله، لأنهم أبناء بالتبني، أما ابن الله، ربنا يسوع المسيح، فهو وحده الابن بالحقيقة بالطبيعة. عنه يسأل المرتل: من في السحاب أو بين أبناء الله مثل الرب؟ مَنْ مِنَ الملائكة أو القديسين يعادل الخالق في المجد أو السلطان، مادام هو نفسه يهب المجد للجميع، فمدحه أبدي، هذا الذي تخافه كل خليقة بمخافة قديرة، ويرتعب الكل أمامه، هذا الذي يصحبه الشاروبيم والسيرافيم والأربعة مخلوقات الحية (رؤ 5: 14)، معًا في خورس لا يتوقف، والذي يتعبد له السلاطين والرئاسات، وتسجد له كل الأرض؟ الذي له المجد والسلطان إلى الأبد الآبدين. آمين.
القديس جيروم
* دُعي عمانوئيل "البكر" حين أشير إليه بين إخوة كثيرين (رو 8: 29). لهذا السبب يلزمنا ألا ننسى أنه هو إله المسكونة، ونعبده كإله، ويملك كإله على الذين دُعوا إخوة له خلال النعمة. من في السماوات يُقارن بالرب، ومَنْ مِنْ بين أبناء الله يشبه الرب (مز 89: 6). لهذا فإن عمانوئيل يملك كإله على كل الذين قبلوه في أخوةٍ، وله "تجثو كل ركبةٍ ممن في السماء ومن على الأرض ومن تحت الأرض، ويعترف كل لسانٍ أن يسوع المسيح هو رب المجد الله الآب" (في 2: 10-11).
* شاء المسيح ومنحنا نعمة البنوة نحن الذين تحت نير العالم وبطبيعتنا عبيد، أما المسيح فهو الابن الحقيقي، هو بطبيعته ابن الله الآب حتى بعد تجسده. فقد ظل كما قلت لكم كما كان قبلًا بالرغم من أخذه جسدًا لم يكن له قبلًا .
القديس كيرلس الكبير
* نحن نُفهم يا إخوتي بتلك السحب كما فهمنا السماوات أنها الكارزون للحق: الأنبياء والرسل والمعلنون لكلمة الحق... إن كانت السحب هي الكارزون بالحق، فلنسأل أولًا لماذا هم سحب. لأن البشر أنفسهم هم السماوات والسحب، سماوات لبهاء الحق، وسحب من أجل الأمور المخفية للجسد، فإن كل السحب غامضة وذلك بسبب قابليتها للدمار، ترتفع ثم تذهب. لهذا السبب، أي لذلك الغموض الذي للجسد، أي للسحب، يقول الرسول: "إذًا لا تحكموا في شيء قبل الوقت حتى يأتي الرب سينير خفايا الظلام" (1 كو 4: 5). في تلك اللحظة سترون ما يقوله الإنسان، بل ما هو في قلبه، الذي لا تقدرون أن تروه الآن... نحن نُدعى سحبًا من أجل الجسد، ونحن كارزون بالحق في الجسد. لكن جسدنا يأتي بطريق ما، وجسده بطريق آخر. ونحن أيضًا نُدعى أولاد الله، أما هو فيُدعى ابن الله بطريق آخر. هو سحابة جاء من بتول، فهو ابن من الأزل، واحد مع الآب في الأزلية. "لأن من في السحاب يساوي الرب؟"
القديس أغسطينوس