رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
"فلما تكلم معي بمثل هذا الكلام جعلت وجهي إلى الأرض وصَمَت. وهوذا كشبه بني آدم لمس شفتيَّ، ففتحت فمي وتكلمت وقلت للواقف أمامي: يا سيِّدي، بالرؤيا انقلبت على أوجاعي، فما ضبطت قوة. فكيف يستطيع عبد سيِّدي هذا أن يتكلم مع سيِّدي هذا، وأنا فحالًا لم تثبت فيَّ قوة ولم تبقَ فيَّ نسمة؟!" [15-17]. يُعلق القديس جيرومعلى هذه العبارات قائلًا: [يليق بطبيعتنا الداخلية أن توجه أنظارها إلى خارج (فترى أننا في ضعف)، وذلك قبل أن تتأهل لمعاينة رؤية الله، لكن ما أن تتحقق فعلًا رؤية الله تتحول طبيعتنا الداخلية إلى الداخل ونصير بكليتنا في تعداد من كتب عنهم في مزمور آخر: "كل مجد ابنة الملك من الداخل، في ثياب ذهبية" (مز 44: 14)]. إذ غُلب دانيال بالضعف مرة أخرى سقط على الأرض. وبلطف اهتم الله به، لكن دانيال كان عاجزًا عن الحديث حتى فتح الرب شفتيه، إذ جعل ملاكه يمس شفتيه... وإن كان دانيال قد عجز عن الدخول في حوارٍ، سنده الملاك، ليس فقط بالكلمات المشجعة، والكشف عن استجابة صلواته، وإنما بلمسه أيضًا. وكأن الله يؤكد لنا شوقه أن نلتقي مع السمائيِّين، وندخل معهم في شركة حب، لأننا نجتمع معًا لتسبيحه إلى الأبد. ظهر له الملاك في شبه بني آدم حتى يمكن لدانيال أن يسمع له، ويتلامس معه. في حبٍ مملوءٍ اتضاعًا تظهر لنا الملائكة في شبه البشر، لا من جهة طبيعتهم، بل من جهة شكلهم. وعلى العكس في كبرياء يحاول الشيطان أن يخدعنا ليظهر في شكل ملاك نور (2 كو 11: 14). يرى البعض أن الذي ظهر في شبه بني آدم هو كلمة الله الذي لمسنا بحبُّه الإلهي، وأعطانا قوة للدخول معه في حوارٍ مفتوحٍ. |
|