الهدوء وسط الخطر:
+ وإني لأرى بولس في زنزانته تلك الليلة: فموقفه خطير، ولم يحمِهِ من اليهود الساخطين عليه غير الأمير كلوديوس ليسياس وجنده. ومع ذلك نام في هدوء لأنه حين تصخب الأمواج على السطح يظل العمق هادئًا، وسر السلام في القلب المسيحي هو أن حياته الباطنية مختبئة في السيد المسيح.
+ وفي نومه وفي رؤى الليل وقف به السيد المسيح، وما دام ربه واقفًا معه فلا يهمه أن الناس ليسوا إلى جانبه. وقال له الرب: "ثِقْ يَا بُولُسُ! لأَنَّكَ كَمَا شَهِدْتَ بِمَا لِي فِي أُورُشَلِيمَ، هكَذَا يَنْبَغِي أَنْ تَشْهَدَ فِي رُومِيَةَ أَيْضًا" (أع 23: 11) -وكلمة ثق في أصلها اليوناني معناها "افرح". ولقد تكرر استعمالها في مواضع مختلفة، فمثلًا قال الرب لتلاميذه "...ثِقُوا: أَنَا قَدْ غَلَبْتُ الْعَالَمَ" (يو 16: 33)، بمعنى افرحوا- وبهذه الكلمات ملأ قلب بولس عزاءً وطمأنينة.
+ إذن فلنذكر باستمرار ذلك السر الباطني في حياة بولس: إنه الوعي المستمر بحضرة الرب إلى جانبه، إنه يعيش في هذه الحضرة بلا انقطاع. فخلف الجماهير الصاخبة، وفوق رؤوس الكهنة والحكام. كان يرى السيد المسيح دومًا، فانساب السلام إلى أعماقه كنهر: النهر الذي تُفرّح جداوله مدينة الله.