هَلْ إِلَى الدَّهْرِ تَسْخَطُ عَلَيْنَا؟
هَلْ تُطِيلُ غَضَبَكَ إِلَى دَوْرٍ فَدَوْرٍ؟ [5]
عدم غضبه إلى الأبد يقوم ليس فقط على خبرة معاملات الله مع شعبه عبر التاريخ، وإنما أيضًا على سمة الله الرحوم نفسه. قيل: "فاجتاز الرب قدامه، ونادى الرب: الرب إله رحيم ورؤوف، بطيء الغضب وكثير الإحسان والوفاء. حافظ الإحسان إلى ألوف. غافر الإثم والمعصية والخطية" (خر 34: 6-7). "لأن للحظة غضبه، حياة في رضاه؛ عند المساء يبيت البكاء، وفي الصباح ترنم" (مز 30: 5).
إن كان غضب الله إلى حين يجعل الإنسان يصرخ هكذا في مرارة، فماذا يكون حال الذين في جهنم أبديًا.! كيف يحتملون الغضب الإلهي الدائم؟!
يرى القديس أغسطينوس أن المرتل يصرخ إلى الله ألا يغضب علينا إلى الأبد، لأن ما حل بآدم إنما حلّ بأبنائه، كل البشرية.
* "لا تغضب علينا إلى الأبد". فإنه بغضب الله نخضع للموت، وبغضبه نأكل خبزًا على هذه الأرض في عوزٍ، وبعرق جبيننا (تك 3: 19). هذا هو الحكم على آدم عندما أخطأ، وصار آدم هذا هو كل واحدٍ منا، إذ "في آدم يموت الجميع" (1 كو 15: 22). عبر الحكم الصادر عليه إلينا نحن. فإننا لم نكن نحن أنفسنا (موجودين) إنما كنا في آدم. فما حدث مع آدم نفسه له أثره علينا نحن أيضًا، فيلزم أن نموت، إذ كنا فيه... فكما أن خطية أبيك لا تؤذيك إن كنت تغَّير نفسك، وذلك كان يمكن ألا تؤذيه لو أنه تغير. هذا هو الذي تسلمناه بخضوعنا للموت، ما جاءنا من آدم. ما هو هذا؟ وهن الجسد، عذاب الآلام، بيت الفقر، قيود الموت، شباك التجارب، كل هذه نحملها في هذا الجسد. وهذا هو غضب الله... إذ حدث هذا، يلزمنا أن نتجدد، بالإيمان نصير جددًا، وتُنزع هذه الإماتة بقيامتنا، فيتجدد الإنسان بكامله في التجديد. "لأنه كما في آدم يموت الجميع هكذا في المسيح سيحيا الجميع" (1 كو 15: 22). إذ يرى النبي ذلك يقول: "لا تغضب علينا إلى الأبد أو تواصل رجزك من جيل إلى جيل" الجيل الأول كان ميتًا بغضبك، والثاني سيكون خالدًا برحمتك.