رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
"فدخل دانيال وطلب من الملك أن يعطيه وقتًا فيُبيِّنُ للملك التعبير. حينئذ مضى دانيال إلى بيته وأَعلم حننيا وميشائيل وعزريا أصحابه بالأمر ليطلبوا المراحم من ِقبَل إله السموات من جهة هذا السرَّ لكي لا يهلك دانيال وأصحابه مع سائر حُكماء بابل" [15-18]. طلب الكلدانيُّون معرفة الحلم لكي يفسروه، أما ما طلبه دانيال فهو مهلة زمنية قصيرة ليقف أمام كاشف الأسرار ويهبه السرَّ. بالقول: "مضى دانيال إلى بيته" إشارة أن الملك أعطاه مهلة زمنية لكي يُعدّ نفسه للِّقاء معه، ربما لمدة يومٍ واحدٍ. بلاشك كان الملك يود الرد السريع لمعرفة حلمه ونزع اضطراب روحه، لكن دانيال غالبًا طلب هذا اليوم ليتمتع بإعلان إلهي يكشف له عن الحلم وتفسيره، فأمهله الملك. إذ أُعطيت له المهلة الزمنية من قِبل الملك لم يلجأ إلى المكتبة ليقرأ، ولا إلى أصدقائه لطلب مشورة، إنما ذهب إليهم لمساندته بالصلوات. لقد كان دانيال ملاصقًا لله لكنه كان يشعر بالحاجة إلى صلوات وشفاعات أصدقائه لدى الله؛ هكذا كان يطلب الرسول بولس من الشعب أن يصلوا لأجله لكي يعطيه الرب حكمة عند افتتاح فمه. هكذا دخلت التجربة به وبأصدقائه إلى صلوات أعمق وشركة مع الله. * طلب دانيال وقتًا لا ليبحث في السرائر بمهارة قدرته العقلية، وإنما لكي يطلب رب السرائر. لهذا السبب طلب من حنانيا وميشائيل وعزريا أن يشتركوا معه في الطلب، ليتحاشى مظاهر الظهور بأنه وحده يستحق ذلك، هذا وإذ كانوا مشتركين في الخطر العام يشتركون في صلاة عامة. القديس جيروم إذ تحدث دانيال مع أصدقائه دعى الله "إله السموات" [18]، ولم يقل "إله إسرائيل"، لأنه يعلم أن إسرائيل قد أخطأ ولم يعد مستحقًا أن يُنسب الله إليه لأجل عصيانه، إنما يُنسب إلى السماء التي بالحب تخضع لإرادته. اُستخدم هذا اللقب في أسفار نحميا وحزقيال ودانيال بكونها أسفارًا ترتبط بالسبي، فيظهر كأن الله قد فارق شعبه إلى حين، ليقدموا توبة جماعية فيرجع ويسكن في وسطهم؛ كما ذكر هذا اللقب في سفر الرؤيا حيث يرفع قلبنا إلى السماء، فنرى إلهنا يحملنا إلى سمواته، ويُدعى إله السموات. سند الفتية الثلاثة دانيال بصلواتهم لا طمعًا في مقاسمته مكافأة من قبل الملك، ولا لنزع العار عنه، وإنما ليتمجد الله في نبيه في أرض السبيّ. لقد كانت أعين هؤلاء الأتقياء متّجهة نحو "المراحم" الإلهية، فهي وحدها سندنا وقت الضيق. |
|