رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
اختيارهم لخدمة الملك: "وعيَّن لهم الملك وظيفة كل يوم بيومه من أطايب الملك ومن خمر مشروبه لتربيتهم ثلاث سنين وعند نهايتها يقفون أمام الملك. وكان بينهم من بني يهوذا دانيال وحننيا وميشائيل وعزريا. فجعل لهم رئيس الخصيان أسماء، فسمى دانيال بلطشاصر، وحننيا شدرخ، وميشائيل ميشخ، وعزريا عبدنغو" [5-7]. واضح أن نبوخذنصر حمل بعض السمات اللآئقة به كملك، إذ اختار شبابًا نبيلًا يتدرب على كتابة الكلدانيين على نفقة القصر الملكي، بل ويأكلون من أطايب الملك، لا ليقفوا أمامه فحسب، يفتخر بجمالهم وحسن منظرهم، إنّما ليكونوا له مشيرين، يسندونه في تدبير أمور الدولة المتشعبة، ولم يحتقرهم لأنهم من جنسيات أجنبية. نستطيع أن نقول أنه في هذا الأمر كان سابقًا لعصره بعشرات القرون. أنه ليس كالملك أحشويرش (المذكور في سفر أستير) الذي عين رجالًا لاختيار فتيات لإشباع شهواته، إنما اختار شبابًا لخدمة المجتمع. لماذا عيَّن لهم الملك أن يأكلوا من أطايبه؟ في شيء من الخبث أمر الملك بذلك، ففيما يحمل مظهر الملك الكريم في معاملاته بالمسبيين، يدخل بهم إلى حياة الترف التي تنزع عنهم روح الثورة ضده لحساب بني جنسهم. فإن كان بالقوة سباهم من بلدهم، فبالترف أراد نزع انتمائهم إلى بلدهم. وكأنه أراد تحطيم يهوذا بالعنف كما باللطف، مستخدمًا كل وسيلة لهدمهم. أما تحديد مدة التدريب بثلاث سنوات بعدها يقفون أمام الملك، فإن رقم 3 تُشير إلى القيامة. فالسيد المسيح بقيامته قدم لنا سرّ الرقم 3 ليهبنا حياته المُقامة، ويرفعنا من الترف إلى السماء. ونبوخذنصر قدم لهؤلاء الفتية سرّ الرقم 3، ليُقيمهم لا إلى السماء بل إلى بابل. فيموتوا عن وطنهم ليحيوا بفكر جديد كلداني. كانت أسماء الأربعة الذين من سبط يهوذا تُذكرهم بانتسابهم لله إلههم ومعيته أو وجودهم في حضرته. · فدانيال معناه "الله ديانيّ". · وحنانيا "يهوه حنان أو مترفق". · وميشائيل أو ميخائيل معناه "من مثل الله"، أو الذي يتشبه بالله. · وعزاريا معناه "من يعينه يهوه". يبدو هنا اهتمام آباء هؤلاء الشبان بخلاص نفوسهم بكل وسيلة حتى خلال أسمائهم ليدركوا ارتباطهم بالرب. وكما جاء في سفر الأمثال: "ربِ الولد في طريقه فمتى شاخ أيضًا لا يحيد عنه" (أم 22: 6). أراد رئيس الخصيان أن يقطع هؤلاء الشبان عن كل صلة بماضيهم وثقافتهم وديانتهم فأعطاهم أسماء جديدة تربطهم بالآلهة الكلدانية الرئيسية، أي البعل، والإله الشمس، وإلهة الجمال والأرض، وإلهة النار. أ. دعي دانيال "بلطشاصر"، ومعناه "الأمير الخاص بالبعل "Bel’s prince. كانالبعل هو الإله الرئيسي الذي يتعبد له البابليون. ب. دُعي حنانيا "شدرخ"، ومعناه "مُوحى به بإله الشمس". ج. دُعي ميشائيل "ميشخ"، معناه "من قبل شَخ Shak. إذ تعبد البابليون للإلهة فينوس تحت هذا اللقب، وهي إلهة الجمال والأرض. د. دُعي عزريا "عبدنغو"؛ معناه "عبد النار المتألقة". ليس بالأمر العجيب أن يقوم الملك بتغيير أسمائهم كما أراد تغيير لغتهم وثقافتهم، فهكذا فعل فرعون أيضًا مع يوسف (تك 41)، لكن أحدًا منهما لم يستطع أن يُغيِّر قلوبهم أو أفكارهم عن الرب وعن شعبه ومقادسه. أما السيد المسيح إذ غيَّر اسم سمعان إلى بطرس (مر 3)، وابنيّ زبدي إلى ابنيّ الرعد... جدد أعماقهم لتتناسب مع رسالتهم السماوية التي أعدهم لها. حمل دانيال ثلاثة أسماء: أ. دُعي بالعبرانية دانيال، لأن العبرانيين رأوا فيه الله الذي يُدين شرّ الوثنيين. ب. دُعي بالكلدانية بلطشاصر، لأن الكلدانيين أو البابليين رأوا فيه قوة خفية فائقة، فحسبوه الأمير الخاص بالإله الأعظم "بعل". ج. دُعي بلغة السماء والملائكة: "الرجل المحبوب" (دا 10: 11، 19؛ 9: 23). |
|