اليوم رهيب جداً يا أحبائي، لا تستطيع كلمات ولا تعبيرات بشرية أن تقترب مجرد اقتراب من سر الصليب. إنه سرٌّ غير مُدرك، سر يتلاقى فيه الموت والحياة. سر يتلاقى فيه الألم الشنيع والضعف مُنتهى الضعف مع القوة مُنتهى القوة، بل مع قوة ليست من هذا الدهر.
من أجل هذا يصبح الكلام عسيراً جداً. ولكن سؤال: لمنْ صُلب المسيح إلا لنا؟
ولمن قدَّم المسيح جسده لِتُدق فيه المسامير ويُطعن ويُخضب بالدماء إلا لكي يغرس هذه المسامير عينها إنما بلا وجع في جسد كل واحد منا؟ لأنه منْ مِنَ البشر يستطيع أن يُصلب عن نفسه؟ غير ممكن، وإلا يُعتبر انتحاراً!! حتى لو صُلب الإنسان عن نفسه؛ أيُدعى ذلك خلاصاً؟! أبداً! ففي البداية والنهاية هي عقوبة، موت، والموت عقاب. فالمستحيل لدى كل إنسان استطاع الله أن يُتممِّه للإنسان.
اليوم نرى المسيح الصادق الأمين الذي قال عن نفسه: أنا هو الراعي الصالح الذي يبذل نفسه عن الخراف، يُتمم ذلك عملياً على الصليب، ويقول: ليس حب أعظم من هذا أن يضع إنسان نفسه من أجل أحبائه.