رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
فتح باب للرجاء: كعادة الأنبياء بعد التهديد بالتأديب وقبل حلوله يفتحون باب الرجاء ليدركوا رحمة الله الفائقة. فهو إذ يؤدب إنما ليضمهم إليه، ويهبهم أكثر مما يسألون وفوق ما يطلبون. إِنِّي أَجْمَعُ جَمِيعَكَ يَا يَعْقُوبُ. أَضُمُّ بَقِيَّةَ إِسْرَائِيلَ. أَضَعُهُمْ مَعًا كَغَنَمِ الْحَظِيرَةِ، كَقَطِيعٍ فِي وَسَطِ مَرْعَاهُ يَضِجُّ مِنَ النَّاسِ. [12] يرى بعض الدارسين في هاتين العبارتين [12-13] نبوة عن الرجوع من السبي في المستقبل القريب، وعن التمتع بالحرية من سبي الخطية بمجيء المسيَّا مخلص العالم. نبوة رائعة لحدثين عظيمين: الأول عودة إسرائيل من السبي البابلي، والثاني ضم حشد المؤمنين معًا عند مجيء السيد المسيح الذي يسير في مقدمتهم كبكر الراقدين، ورأس الكنيسة السماوي. يرى آخرون أن هاتين العبارتين هما نبوة الأنبياء الكذبة المخادعين بأن السبي ينتهي سريعًا، والعودة تتحقق فورًا؛ هذه النبوة لم تتحقق. إن كانوا بسبب شرهم تشتتوا، فإنه بعد تأديبهم يجمعهم معًا، لا كمملكتين منقسمتين، بل كشعبٍ واحدٍ ومملكةٍ واحدة، ويدعو الكل "يعقوب". إنه سيضم البقية المقدسة التي التصقت بالرب أثناء السبي ورجعت إليه، فيصيرون غنم رعيته الناطقة. "يضج من الناس"، أو يحدثون جلبة بسبب كثرة عددهم، حيث يجمع السيد المسيح، الراعي الصالح شعبه من كل الأمم: "جميع أبناء الله المتفرقين إلى واحدٍ" (يو 11: 52). إذ يقول: "وليّ خراف أُخر ليست من هذه الحظيرة ينبغي أن آتي بتلك أيضًا فتسمع صوتي، وتكون رعية واحدة وراعٍ واحدٍ" (يو 10: 16). قَدْ صَعِدَ الْفَاتِكُ أَمَامَهُ. يَقْتَحِمُونَ وَيَعْبُرُونَ مِنَ الْبَابِ وَيَخْرُجُونَ مِنْهُ وَيَجْتَازُ مَلِكُهُمْ أَمَامَهُمْ، وَالرَّبُّ فِي رَأْسِهِمْ. [13] من هو هذا الفاتك الذي يقتحم الباب ويعبر منه فيخرج ويُخرج شعبه معه إلاَّ السيد المسيح الذي فتك بالمَوت؛ أماته بموته. عبر بشعبه من باب الجحيم ودخل بهم إلى فردوسه واهبًا إياهم روح النصرة على آخر عدو وهو الموت؟ لقد صار بكر الراقدين أقامنا معه! خرج من القبر وحمل بابه، كما أخذ شمشون مصراعي باب المدينة والقائمتين وقلعهما مع العارضة ووضعها على كتفيه وخرج (قض 16: 3). يرى البعض أن الفاتك هنا القديس يوحنا المعمدان الذي جاء بروح إيليا يُهييء الطريق أمام ملك الملوك، مخلص العالم، فقد فتح الباب بالمناداة بالتوبة والدعوة للقاء مع حمل الله الذي يحمل خطية العالم. وسط الظلمات يتقدم المخلص، نور العالم ليشرق بنوره فيُبدد الظلمة. يدعو هنا بالفاتك، أي مُزيل العقبات وفاتح الطريق نحو الأبدية. إنه يفتح الباب على مصراعيه ليجد كل مؤمنٍ فيه رجاءً للدخول والخروج تحت قيادته. * من يدخل يلزمه ألاَّ يبقى في ذات الحالة التي فيها دخل، بل يلزمه أن يذهب إلى المرعى فيكون الدخول هو بداية "يدخل ويجد مرعى" (يو 10: 9) كمال النعم. من يدخل يكون محصورًا بحدود العالم، أما من يستمر في السير كمن هو يتعدى الأمور المخلوقة حاسبًا ما يُرى كلا شيء، فإنه يجد مرعى فوق السماوات، ويقتات بكلمة الله، قائلًا: "الرب راعي (يقوتني)، فلا يعوزني شيئًا" (مز 23: 1 LXX). لكن هذا الدخول لا يمكن أن يتحقق إلاَّ بالمسيح، كما تبع ذلك: "والرب رأسهم". القديس چيروم |
|