"جُعِلَ مَعَ الْأَشْرَارِ قَبْرُهُ... وَأُحْصِيَ مَعَ أَثَمَةٍ " (إشعياء 53:9 ، 12).
هذا المصلوب مكلَّل بتاج من شوك، لأن فوق رأسه عنوان "ملك اليهود". فكل ذي بصيرة يرى تيجاناً أخرى مجيدة تزيّن جمالَ مُحيَّاه وتكلل جبهته. وفي التاج الشوكي نرى رمزها. نراه متوَّجاً بالحكمة الشديدة، والقدرة الخيرية، والقداسة السماوية. وكأن هذه التيجان تختلط لتؤلِّف تاجه الأعظم، تاجَ حبه الفدائي السائد في كلامه وحركاته. وقد برهن العسكر الروماني - عن غير قصد - أن هذا المصلوب هو مسيح اليهود الحقيقي الذي تنبأ بمجيئه الأنبياء، لأنهم لما اقتسموا ثيابه ليأخذ كل جندي حقَّه منها، أتمُّوا دون أن يقصدوا النبوَّة القائلة: "يقسمون ثيابي بينهم". ثم لما وصلوا إلى القميص المنسوج بغير خياطة، اقترعوا عليه، فأتمُّوا بقية النبوة القائلة: "عَلَى لِبَاسِي يَقْتَرِعُونَ". وبنَزْع ثيابه عنه، أتمُّوا الكلام الأول في تلك النبوة وهو: "أُحْصِي كُلَّ عِظَامِي، وَهُمْ يَنْظُرُونَ وَيَتَفَرَّسُونَ فِيَّ" (مزمور 22:17 ، 18).