رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
لأَنَّهُ يُوجَدُ لِلْفِضَّةِ مَعْدَنٌ، وَمَوْضِعٌ لِلذَّهَبِ حَيْثُ يُمَحِّصُونَهُ [1]. يجاهد البشر لمعرفة أسرار الطبيعة مثل اكتشاف المعادن الثمينة من ذهب وفضة، وقد أمكنهم ذلك. فمن أجل الغنى يجاهد الإنسان في هذه الأمور وما أشبهها، لكنه في غباوة لا يهتم بالتعرف على أسرار ملكوت السماوات. من أجل الغنى الزمني وحب الاستطلاع يبحث عما هو مدفون في الأرض ولا يبحث عن خلاص نفسه ومجده الأبدي. *"لأنه يوجد موضع، منه تأتي الفضة، وموضع للذهب حيث يمحصونه؛ الحديد يُستخرج من التراب، والنحاس يُسكب مثل الحجارة" [راجع 1-2 LXX]. يعني بهذا أنه وإن كان الله قد وضع نظامًا خاصًا بالأمور العامة، فبالأكثر يضع نظامًا بخصوص الحقائق البشرية... إنه يسبق فيرى الأمور ويهتم بنفسه بها، ولا يحدث شيء ما مصادفة. أو بالحري يقصد أن تجميع الحقائق (الطبيعية) أمور منظورة بوضوح، أما خطة الله نفسه فغير منظورة. فللفضة والنحاس موضعهما المعروف، أما موضع الحكمة فلا يعرفه أحد، بل الله وحده يعرفه. يقول (الله) للإنسان: "التقوى هي الحكمة"، وأن تصنع الصلاح هو الفهم. القديس يوحنا الذهبي الفم القديس إكليمنضس الإسكندري ويميز البابا بين الكرازة الصادقة التي تقدم الفضة والذهب النقيين من الأسفار المقدسة، مفسرين إياها حسب فكر الآباء، كما عاشتها الكنيسة الأولى، وبين الهراطقة. فإن الأخيرين لا يقدمون فضة وذهبًا مُنقّى بالنار، بل تعاليم من ذواتهم لأجل كرامتهم الخاصة ولمجدهم البشري. * "الفضة بدايتها في العروق (في الحجارة)، وللذهب موضع حيث يمحصونه" [1]. تشير الفضة إلى قوة الكلام، والذهب إلى بهاء الحياة أو بهاء الحكمة... وكأنه يقول بوضوح: من يهيئ نفسه لكلمات الكرازة الصادقة يلزمه أن يستخلص أصول عَرْضِه (للمواضيع) من الأسفار المقدسة، فيجلب كل شيءٍ ينطق به على أساسٍ إلهيٍ، وذلك لنفع الذين يكلمهم. غالبًا ما يسعى الهراطقة في مساندة ما يقدمونه من أمور خاطئة من عندهم، فيستخرجون أمورًا بالتأكيد لا سند لها من صفحات الأسفار المقدسة. لهذا ينصح الكارز العظيم تلميذه، قائلًا: "يا تيموثاوس، احفظ الوديعة، مُعرضًا عن الكلام الباطل الدنس، ومخالفات العلم الكاذب الاسم" (1 تي 20:6). إذ يشتاق الهراطقة أن يتمجدوا كأنهم بارعون في الفكر، يقدمون أمورًا جديدة لم ترد في الكتب القديمة للآباء القدامى، إذا بهم يلقون بذور الجهل إلى البائسين الذين يستمعون إليهم، رغبة في الظهور أنهم حكماء. إنه كمن يقول بوضوح: "الحكمة الحقيقية للمؤمنين، لها موضع في الكنيسة الجامعة، وهي تعاني من متاعب تصدر عنكم ومن اضطهادكم لها، لكنها تتنقى من كل شوائب الخطايا بنار اضطهادكم. هكذا مكتوب: "يُختبر الذهب في النار، والناس المقبولون في أتون المحنة" (ابن سيراخ 5:2)... يعلمنا الرسول بولس إذ يقول: "إن سلمت جسدي حتى احترق، ولكن ليس لي محبة فلا أنتفع شيئًا" (1 كو 3:13). فإن أفكار البعض عن الله خاطئة، وآخرون أفكارهم صادقة من جهة الخالق، لكنهم لا يحفظون الوحدة مع إخوتهم. الأولون يُقطعون بسبب خطأهم في الإيمان، والآخرون بسبب انشقاقهم. لهذا فإن أول جزء في الوصايا العشرة منع الخطية التي للفريقين، إذ جاء القول بالصوت الإلهي: "حب الرب إلهك من كل قلبك وكل نفسك وكل قوتك". وفي الحال أضاف "حب قريبك كنفسك" (تث 5:6؛ مر 30:12-31). فمن يعتقد بما هو خطأ بخصوص الله بالتأكيد لا يحب الله، ومن له مفاهيم صادقة نحو الله ويشق وحدة الكنيسة المقدسة واضح أنه لا يحب قريبه، إذ يرفض أن يأخذه رفيقًا له. البابا غريغوريوس (الكبير) القديس أغسطينوس القديس يوحنا الذهبي الفم * سيكون السلام هو ذهبك؛ السلام هو فضتك؛ السلام هو أرضك. السلام هو حياتك، إلهك هو السلام. يكون لك السلام في كل ما تشتهيه! القديس أغسطينوس |
|